قواعد فقهية :
١ - كل ما يعتقده المسلم حلالاً إذا كان ذلك بتأويل سائغ فلا إنكار عليه.
ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الصحابة الذين أخروا صلاة العصر إلى ما بعد المغرب ، أخذاً بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريضة) وذلك لما ضاق عليهم الوقت ، ولم يدركوا صلاة العصر في الوقت في بني قريضة ، فمنهم من أخذ بالظاهر، ومنهم من أخذ بالمعنى ،- أن المراد الإسراع حتى يتمكنوا من صلاة العصر في بني قريضة - ، ولما كان كل منهم له تأويل سائغ لم ينكر عليهم .
ولهذ الكافر لا ينكر عليه فيما يعتقده حلالاً ، كشرب الخمر ، إذا لم يجاهر به أمام المسلمين، لأنه مأمور أن يلتزم بأحكام المسلمين. فالمسلم من باب أولى إذا كان بتأويل سائغ .
وما أجمع العلماء عليه لا عبرة بمخالفه.
وما تعلق بحق الغير مما وقعت فيه خصومة، فحكم الحاكم يفصل النزاع في الظاهر، أما في الباطن فإنه لا يحل حراماً، ولا يحرم حلالاً، لقوله صلى الله عليه وسلم ( إنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض ، وإنما أقضي بنحو مما أسمع ، فمن إقتطعت له من حق أخيه شيئاً، فإنما أقتطع له قطعة من النار، فإن شآء فليأخذها، وإن شآء فليتركها)
٢ - كل ما اجتمع بفعل الله تعالى لا يجوز بيعه قبل حيازته ، كالماء، والكلأ ، والنفط ، والملح ، ونحو ذلك .
لقوله صلى الله عليه وسلم ( المسلمون شركاء في ثلاث ، في الماء ، والكلأ، والنار )رواه أبو داود وغيره. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن بيع فضل الماء).
ويقاس على ما ورد به النص : كل ما اجتمع بفعل الله تعالى . اللهم إلا إذا حازه جاز له بيعه ، لحديث علي بن أبي طالب ضي الله عنه قال : أصبت شارفاً- المسن من النوق- ، وأعطاني النبي صلى الله عليه وسلم شارفاً ، فأنختهما عند باب رجل من الأنصار لإحمل عليهما إذخراً لأبيعه.
فدلّ على جواز بيع الإذخر بعد حيازته. ولقوله صلى الله عليه وسلم ( لأن يمد أحدكم حبله فيحتطب، خير له من أن يسأل الناس شيئاً ، أعطوه أو منعوه).
٣ - كل شرط جزائي ، أو وعد ملزم ، يترتب عليه الوقوع في معاملة غير شرعية ، فهو لاغ.
لقوله صلى الله عليه وسلم ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ، وإن كان مئة شرط ، قضاء الله أحق ، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق).
وعلى هذا فإذا كان هناك شرط جزائي أو وعد ملزم ، في عقد المرابحة للآمر بالشراء قبل تملك البائع للسلعة ، فهو لاغ ، إذ إن هذا يقتضي بيع السلعة قبل تملكها، والعبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني ، وقد قال صلى الله عليه وسلم ( لا تبع ما ليس عندك). - وقد سبق خلاف العلماء في حكم بيع المرابحة للآمر بالشراء- .
كتبه / أبو نجم محمد بن سعد العصيمي/ عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق