حكم البدل عن الإزار :
حكى ابن قدامة : الإجماع على جواز لبس المحرم السراويلات إذا لم يجد الإزار ومستند هذا الإجماع حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من لم يجد النعلين فليلبس الخفين ، ومن لم يجد الإزار فليلبس السراويل ))
ثم اختلف العلماء رحمهم الله تعالى : فيما يجب عليه إذا لبس السراويلات عند عدم وجود الإزار ،
على قولين :
القول الأول : عليه الفدية وهي صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، وبه قال : الحنفية ، والمالكية .
وذلك للأدلة التالية :
1. لأن من لبس السراويل وهو محرم ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام فيكون عليه الفدية ، كما في حديث كعب بن عجرة ، وفيه (( احلق رأسك ، وأطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع )) .
والجواب :
أن من فعل المحظور لعذر ، لا شيء عليه ، لقوله صلى الله عليه وسلم (( من لم يجد نعلين فليلبس الخفين ، ومن لم يجد الإزار فليلبس السراويل )) ، ولم يوجب عليه الفدية ، ولا يعارض هذا حديث كعب بن عجرة ، فيمن دفع العذر به ، فهو حلق الرأس لدفع أذى القمل به ، بخلاف من دفع أذى الشيء فلا شيء عليه .
فلو أكره على زجاجة إنسان لم يجب عليه الضمان - ويكون الضمان على المكره، ولو دفع إكراهه على الشيء بكسر زجاجة الغير ضمنه . إذ هناك فرق بين من أكره على الشيء، وبين من دفع إكراهه بالشيء، فكذا ههنا، فمن أكرهك على حلق الرأس لا فدية عليك ، ومن دفع إكراهه بحلق الرأس ، فعليه الفدية ففرق بين دفع العذر بالشيء ، وبين دفع الشيء بالعذر .
2. قياساً على القميص ، يجب على من لبسه فديه ، عند وجوده أو عدم وجوده فكذا الإزار بجامع أن كلاً منهما من محظورات الإحرام .
والجواب عن ذلك : أن من لم يجد ما يستتر به إلا القميص ، فلا فدية عليه كمن لم يجد الإزار يلبس السراويل ولا شيء عليه .
القول الثاني :
لا فدية على من لبس السراويلات إذا لم يجد الإزار وبه قال الشافعية ، والحنابلة .
وذلك للأدلة التالية :
1. عن ابن عباس رضي الله عنه قال : خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فقال : (( من لم يجد الإزار فليلبس السراويل ، ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين )) .
إذ أمر بلبس السراويلات عند عدم وجود الإزار ، ولم يأمره بفدية ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز
2. وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من لم يجد نعلين فليلبس الخفين ، ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل ))
3. قياساً على الخفين المقطوعين ، عند عدم وجود غيرهما ، يلبسان بلا فدية ، فكذا لبس السراويلات عند عدم وجود الإزار بجامع أن كلاً منهما يلبسان عند عدم وجود غيرهما .
وبعد هذا العرض ، والجواب عن أدلة القول الأول تبين لنا رجحان القول الثاني ، لقوة أدلتهم ، والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق