البدل عن فقراء الحرم في توزيع الهدي : -
هدي التمتع والقران لا يجوز ذبحه إلا في الحرم ، لقوله تعالى (( ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله )) . ولو كان كل مكان محلاً للهدي لم يكن لذكر المحل في الآية فائدة ،
وقياساً على الذبح في جزاء الصيد (( هدياً بالغ الكعبة )) ، فكذا دم التمتع والقران بجامع أن كلاً منهما ذبح تعلق وجوبه بالإحرام ،
ولقوله تعالى (( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم )) ففرق بين اللحوم والدماء ، لأن الأصل في الواو المغايرة فاشترطه في الدماء ، ولم يشترطه في اللحوم ، فإذا استغنى فقراء الحرم عن اللحوم هل يجوز نقل تلك اللحوم بعد ذبح تلك الهدايا في الحرم إلى خارج الحرم ، وقع الخلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى على قولين :
القول الأول : لا يجوز أن يتصدق بها على غير فقراء الحرم ، وبه قال الشافعية ، وبعض المالكية ، ورواية عند الحنابلة .
وذلك لقوله تعالى : (( يا أيها لذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ، ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره .... )) فهو نص صريح في كون الهدي لأهل الحرم ، فلا يجوز أن يكون لغيرهم .
والجواب عن ذلك : بأن المتعين هو ذبح الهدي وإراقة دمه في الحرم ، وأما اللحم فالمقصود منه نفع الفقراء سواء كانوا في الحرم أو خارجه .
القول الثاني : يجوز أن يتصدق بلحم الهدي خارج الحرم ، وبه قال الحنفية ، وأكثر المالكية والأصح عند الحنابلة .
وذلك لأن الصدقة قربه معقولة المعنى ، وهو سد حاجة المحتاجين ، وإطعام الطعام ، والصدقة عل كل فقير قربة ، بل على كل كبد رطبة أجر .
وبعد هذا العرض يتبين رجحان القول الثاني ، القائل بجواز نقل لحوم الهدي إلى خارج الحرم ، كما سبق في التفريق بين إراقة الدماء ،
- فيشترط أن تكون في الحرم - وبين التصدق باللحوم فلا يشترط كونها في الحرم .
والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى /مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق