الصوم بدلاً عن الهدي الواجب لإفساد الحج :
حكى ابن المنذر : الإجماع على أن من جامع عامداً في حجه قبل وقوفه بعرفة أن عليه حج قابل والهدي .
واختلفوا في الانتقال إلى البدل إذا لم يجد الهدي على ثلاثة أقوال :
القول الأول : إذا لم يجد الهدي ثبت في ذمته ، وبه قال الحنفية ، وقول عند الشافعية .
وذلك للأدلة التالية :
1. قياساً على دم الإحصار ، فإذا لم يجد ثبت في ذمته حتى يجده .
2 - ولأن ما تعين فيه الدم ، لا يجوز فيه غيره إلا بدليل ، فإن عجز عنه بقي في ذمته قياساً على حقوق المخلوقين .
القول الثاني : إذا لم يجد الهدي فعليه صيام عشرة أيام وبه قال المالكية ، والحنابلة ،
وذلك للأدلة التالية :
1. ما روى البيهقي في السنن الكبرى ، عن ابن عمر ، وابن عباس ، وعبدالله ابن عمر أن رجلاً محرماً وقع بامرأة فقالوا : ( اهديا هدياً فإن لم تجدا فصوما ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم )
والجواب : أن هذا قول صحابي ، وقد تقدم أن قول الصحابي ليس بحجة
القول الثالث : إذا لم يجد الهدي ، يقومه بالدراهم ، ثم يقوم الدراهم بطعام ، ويتصدق به ، فإن عجز ، صام عن كل مد يوماً ، وهذا هو مذهب الشافعية ، وبعض الحنابلة .
وذلك قياساً على جزاء الصيد ، فإن الانتقال كان فيه أولاً إلى الإطعام ثم إلى الصيام .
والجواب عن ذلك : أن التخيير في جزاء الصيد بين المثلية من بهيمة الأنعام أو الإطعام أو الصيام وليس فيه ترتيباً .
ثم إن الأصل : أن البدل للشيء لا يثبت إلا بدليل ، ولهذا ثبت لترك بعض واجبات الحج بدلاً ، ولم يثبت لبعضها كما سبق .
وعلى هذا فالذي يترجح في نظري والعلم عند الله تعالى هو القول الأول ، لما استدلوا به ، وللجواب عن أدلة المخالفين .
والله تعالى أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق