هل يستثنى في عقد الاستصناع : عدم تسليم أحد العوضين في مجلس العقد .
حديث :
مُرِي غُلامَكِ النَّجَّارَ أَنْ يَعْمَلَ لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ " . فَأَمَرَتْهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا ، فَأَرْسَلَتْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهِ فَوُضِعَتْ هَاهُنَا ، ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهَا......الحديث عند البخاري.
استدل الحنفية بهذا الحديث على مشروعية الاستصناع إذا كانت آلته على الصانع، وفيه نظر.
حيث أجمع العلماء - كما ذكر ذلك شيخ الإسلام وغيره - على أن عقد السلم يشترط فيه تقديم الثمن في مجلس العقد إذا كانت آلته من الصانع، لحديث ابن عباس مرفوعاً ( من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ...) أي فليقدم، بل حكى كثير من العلماء على تحريم بيع الكاليء بالكاليء - ، وحمل شيخ الإسلام بيع الكاليء بالكاليء على حالتين :
١ - بيع السلم إذا لم يسلم فيه الثمن كاملاً في مجلس العقد،
٢ - إذا كان من الأموال التي يجري فيها الربا.
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من جابر جمله في السفر، ولم يستلم كل منهما عوضه من الآخر إلا في المدينة .
وكونه صلى الله عليه وسلم طلب من غيره صنعة - كما في هذا الحديث الذي معنا - لا يعني إبطال هذا الإجماع، بل هو محمول على الاستصناع المشروع الذي فيه تقديم الثمن، أو أجرة على صنعته ، أو كان ذلك محمول على فعله من غير عوض، لعلمه صلى الله عليه وسلم برضاها بذلك، والقاعدة : العلم برضى المستحق يقوم مقام إظهاره للرضى .
وقاعدة الراسخين في العلم : أنهم يردون المتشابه إلى المحكم .
أي يردون النص الذي يحتمل أكثر من معنى إلى النص الذي لا يحتمل إلا معنى واحداً.
وهذا هو رأي الجمهور خلافاً للحنفية في تحريم الاستصناع إذا كانت آلته من الصانع من غير تقديم الثمن كاملاً في مجلس العقد.
وعلى هذا لا يجوز في عقد المقاولات أخذ العمارة على المفتاح أو عظم على أن تكون مواد البناء على المقاول إلا إذا سلم المبلغ كاملاً في مجلس العقد، أو يأخذ فقط أجرة يده ، والتابع اليسير كالمسمار ونحوه يُغتفر ، لأنه يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً.
والله تعالى أعلم .
أبو نجم / محمد بن سعد العصيمي.
في أي من الأموال التالية يجوز التفاضل والتأخيرفي تسليم أحد العوضين؟
ردحذف