هل تتعين الأضحية بالتعيين :
بمعنى من اشترى أضحية، وقال بعد الشراء : هذه أضحيتي إنشاء لا خبراً، ثم تعيبت ، قبل ذبحها، هل تجزئه أضحية ، ام لا تجزئه لكونها معيبة عند الذبح :
ذهب جمهور العلماء من المالكية الشافعية والحنابلة ، إلى إجزاء ذلك إذا ذبحها وهي معيبة ، لأنها قد تعينت بالتعيين، ولا يكفي في تعيينها : مجرد الشراء مع نية كونها أضحية، كمن أشترى عبداً ليعتقه، فإنه لا يعتق بمجرد الشراء، حتى يعتقه بعد الشراء، وكذا من أشترى داراً ليوقفها لا تكن وقفاً بمجرد الشراء، حتى يوقفها بعد شرائها.
فتتعين باللفظ بتعيينها أضحية بأن يقول : هذه أضحية قاصداً بذلك إنشاء تعيينها.
فأما إن قصد الإخبار عما سيصرفها إليه في المستقبل ؛ فإنها لا تتعين بذلك ؛ لأن هذا إخبار عما في نيته أن يفعل .
@ ومما يدل على إجزائها معيبة بعد التعيين حديث ابن عباس عند مسلم : " بعث رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بست عشرة بدنة مع رجل , وأمَّره فيها – أي جعله وكيلاً له لينحرها بمكة – قال : فمضى , ثم رجع , فقال : يا رسول الله , كيف أصنع بما أُبْدِع عليّ منها – أي وقف بالضلاع – قال : " انحرها , ثم اصبغ نعليها في دمها , ثم اجعله على صفحتها , ولا تأكل منها أنت ولا أحد من رفقتك " .
وفي رواية ناجية الأسلمي بلفظ : " إن أعطب منها شيء ؛ فانحره , ثم أصبغ نعله في دمه , ثم خَلِّ بينه وبين الناس " .
قالوا : فهذا هَدْيُ التطوع لما أوجبه رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وعينه بتقليده وإشعاره وإرساله , فإن عطب قبل بلوغه محله أجزأ , فكذا الأضاحي ؛ إذ لا فرق بينهما في ذلك ، بجامع أن كلاً منهما دماً يتقرب به إلى الله تعالى .
فهذا الحديث يدل على أن من أهدى هدي تطوع , وعطب قبل بلوغه فقراء الحرام ؛ فلا يلزمه بدل , وقد أجزأ عنه , ولا يأكل منه ولا أحد من رفقته , خشية أن يسعوا في عطبه - ولو من بعيـد - ليستفيدوا منه ، وأما الأضحية فالمضحي يأكل منها , بإباحة الشرع له ذلك .
وأما ما رواه أحمد وابن ماجة : من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: (اشتريت كبشاً أضحي به فعدا الذئب فأخذ أليته فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ضح به) ففي سنده: جابر الجعفي ، وهو شديد الضعف.
@ وذهب الحنفية إلى أنها لا تجزيء الأضحية المعيبة بعد تعيينها .
لأن الأضحية كانت معيبة وقت الذبح فلا تجزئ , والعبرة بالمنظور لا بالمنتظر ولا بالماضي.
والجواب عن ذلك : أنه بعد تعيينها بقوله : هذه أضحيتي إنشاءً لا إخباراً - ففرق بين الإنشاء والخبر كما تقدم - تعينت، وخرجت بتعيينه من ذمته، أشبه ذلك من نذر شيئاً ، فإنه بنذره خرج من ذمته، وكانت يده عليه يد أمانة حتى يأتي وقت الذبح لها - وهو يوم النحر ، وأيام التشريق - فيذبحها فيه، فإذا لم يتعد على تلك الأمانة ولم يفرط - بمعنى لم يترك ما وجب، ولم يفعل ما لا يجوز، فلا ضمان عليه. وكذا لو ضاعت أو سرقت بغير تعد أو تفريط بعد تعيينها أجزأت ، وهكذا كل من كانت يده يد أمانة- كما سبق في القواعد - .
@ ويجوز إبدال الأضحية بعد تعيينها بخير منها، لحديث الرجل الذي قال يارسول الله: إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أركع ركعتين ببيت المقدس، فقال له صلى الله عليه وسلم : صَل ههنا ..) الحديث. .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق