حكم تكوير الشعر، وما يسمى بالكعكة :
وهي جمع الشعر ووضعه فوق الرأس من أعلى ، أو على الرأس من الجهة الخلفية له.
جاء في صحيح مسلم مرفوعاً ( صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، قوم معهم سياط كأذناب البقر ، يضربون بهاالناس، ونساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )
@ العلة الجامعة بالسبر والتقسيم : هي كونها أوصاف فاتنة للرجال الأجانب .
@ وهل هي علل متعددة، كل علة منها صالحة لثبوت الحكم ، أو هي علة مركبة من أجزاء، لا يثبت الحكم إلا بثوت تلك الأوصاف مجتمعة .
القاعدة : الحكم إذا علق على علل مركبة ، فإنه لا يثبت بزوال أحد تلك الأوصاف.
والقاعدة : الحكم إذا علق على أوصاف متعددة ، ثبت الحكم عند وجود أي وصف مناسب منها.
فإذا وجدت القرينة أو الدليل ، أو المعنى المراد من هذه الأوصاف، كما هو الشأن ههنا : دلت على أي القاعدتين يراد .
فالمراد هو اجتناب أي وصف من هذه الأصناف، التي تفتن الرجال الأجانب ، فإذا فعلت تلك المرأة شيئاً من هذه الصفات كانت مستحقة للوعيد الشديد الوارد في الحديث.
١ - الوصف الأول : ( كاسيات عاريات ) يشمل كسوة بعض ما وجب ستره، وكشف بعضه.
ويشمل لبس الرقيق الذي ترى البشرة من خلف، والضيق الذي يحجم العورة،والكاسية بالثياب ، العارية من فعل الخير .
والقاعدة : حذف المتعلق مشعر بالعموم .
وهذا إذا كان أمام الأجانب الذين تحصل بفعلهن الافتتان.
أما لبس الكاسي العاري أمام زوجها أو في بيتها أو نحو ذلك مما لا افتتان بفعلها، فلا حرج.
٢ - الوصف الثاني : ( مَائِلَات مُمِيلَات ) :
يشمل ذلك الزَائِغَات عَنْ طَاعَة اللَّه تَعَالَى ، وَمَا يَلْزَمهُنَّ مِنْ حِفْظ الْفُرُوج وَغَيْرهَا ، وَمُمِيلَات يُعَلِّمْنَ غَيْرهنَّ مِثْل فِعْلهنَّ .
وَيشمل : المُتَبَخْتِرَات فِي مِشْيَتهنَّ ، مُمِيلَات أَكْتَافهنَّ .
وَيشمل : الآتي يَتَمَشَّطْنَ الْمِشْطَة الْمَيْلَاء ، وَهِيَ مِشْطَة الْبَغَايَا مَعْرُوفَة لَهُنَّ ، مُمِيلَات يُمَشِّطْنَ غَيْرهنَّ تِلْك الْمِشْطَة .
وَيشمل : مَائِلَات إِلَى الرِّجَال مُمِيلَات لَهُمْ بِمَا يُبْدِينَ مِنْ زِينَتهنَّ وَغَيْرهَا .
والقاعدة : ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزّل منزلة العموم من المقال .
والاقتصار على هذا الوصف أيضاً محرم ، فإذا جمع مع أوصاف أخرى - كالوصف الأول - ازداد حرمة .
وهذا التحريم فيما يحصل به الافتتان للأجانب أيضاً، أما فعلها ذلك أمام زوجها ، وتغنجها بذلك ، فهو افتتان مباح . وكذلك كل من يجوز لها شرعاً أن تفعل هذا أمامه.
ما لم يكن تشبهاً بالفاسدات ، أو الكافرات ، أو الرجال .
٣ - الوصف الثالث : ( رُءُوسهنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْت ) :
يشمل ذلك. : من يُعَظِّمْنَ رُءُوسهنَّ بِالْخُمُرِ وَالْعَمَائِم وَغَيْرهَا مِمَّا يُلَفّ عَلَى الرَّأْس ، حَتَّى تُشْبِه أَسْنِمَة الْإِبِل الْبُخْت ،- وهي الإبل التي لها سنامان - .
، بينهما شيء من الانخفاض والميلان وهذا مائل إلى جهة وهذا مائل إلى جهة ، فهؤلاء النسوة لما عظمن رءوسهن وكبرن رءوسهن بما جعلن عليها أشبهن هذه الأسنمة
و يشمل ذلك : الآتي يمَشِّطْنَ الْمِشْطَة الْمَيْلَاء ، وَهِيَ ضَفْر الْغَدَائِر وَشَدّهَا إِلَى فَوْق ، وَجَمْعهَا فِي وَسَط الرَّأْس فَتَصِير كَأَسْنِمَةِ الْبُخْت : وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالتَّشْبِيهِ بِأَسْنِمَةِ الْبُخْت إِنَّمَا هُوَ لِارْتِفَاعِ الْغَدَائِر فَوْق رُءُوسهنَّ ، وَجَمْع عَقَائِصهَا هُنَاكَ ، وَتُكْثِرهَا بِمَا يُضَفِّرْنَهُ حَتَّى تَمِيل إِلَى نَاحِيَة مِنْ جَوَانِب الرَّأْس ، كَمَا يَمِيل السَّنَام ، قَالَ اِبْن دُرَيْد : يُقَال : نَاقَة مَيْلَاء إِذَا كَانَ سَنَامهَا يَمِيل إِلَى أَحَد شِقَّيْهَا .
@ وهل أريد بهذا الوصف ، أنه علامة عليهن، وشعار لهن ، فيكون بذلك تشبهاً بهؤلاء الفاسقات ، والتشبه بالفساق محرم، لحديث( من تشبه بقوم فهو منهم ).
أو المراد النهي عن هذه الفعلة ، وإن لم يكن شعار لهن، وعلامة عليهن .
فالظاهر أنه : يشمل هذا وذاك، للقواعد السابقة.
وللقاعدة : أن النص إذا كان يحتمل احتمالين ، بحسب وضع واحد ، غير متعارضين، حمل على جميع تلك المعاني.
@ فالمقصود من النهي عن هذه الفعلة : أن النهي إنما كان من أجل الافتتان بهن ، فإذا فعلت هذه الفعلة في بيتها أو أمام زوجها ، لم يكن محرماً، إلا إذا كان في ذلك تشبه بالفاسدات الفاسقات ، أما إذا انتفت علة التشبه، ولم يكن في ذلك الوقت من التشبه بالفاسقات ولا بالرجال، وليس في ذلك فتنة ، ولا تشبع بما لم يعط،-كمن تدخل الصوف في الشعر لتوهم الناس بكثرة شعرها-
لم يكن في ذلك بأساً.
وقد جاء في الحديث ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( المتشبع بما لم يعط ، كلابس ثوبي زور ).
@ وعلى هذا جمع المرأة شعرها في أعلى رأسها ، أو من ورائه لا يجوز إذا كان فيه افتتان بها ، نظير قوله تعالى ( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ).
أو كان في ذلك تشبه بالفاسقات الآتي من علامتهن وشعارهن هذه الصفة ، أو تشبه بالرجال، أو تشبه بالكافرات .
أو في ذلك تشبع بما لم يكن بها.
@ ويجوز جمع المرأة شعرها في أعلى رأسها ، أو من ورائه : إذا لم يكن فيه افتتان بها ، ولم يكن فيه تشبه بالفاسقات الفاسدات ، ولا تشبه بالرجال، فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال ). ولم يكن به تشبع بما لم تعط - كأن تضخمه بالصوف ونحوه ليظهر أن الشعر كثيف وليس كذلك -.والله تعالى أعلم وأحكم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق