حكم جمع رمي يوم النحر مع غيره من أيام التشريق:
------------
روى أحمد وأبو داود وغيرهما حديث عاصم بن عدي رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لرعاة الإبل في البيتوتة خارجين عن منى، يرمون يوم النحر، ثم يرمون للغد ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر).
ولهذا ذهب المالكية والشافعية في قول: إلى أن رمي جمرة العقبة لا يجمع رميها مع غيرها، لنص الحديث السابق: (يرمون يوم النحر ثم ..).
والجمع رخصة فيما ورد النص به، وما لم يود يبق على الأصل في عدم جواز جمعه مع غيره.
وذلك قياساً على الصلاة أيضاً: فكما لا يجوز الجمع بين العصر والمغرب للمسافر مثلاً، ولا بين الفجر والظهر، وإنما يجوز بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، وبين المغرب والعشاء في وقت أحداهما لورود النص بالرخصة، ولا يجوز في غيرهما لعدم ورود الرخصة، فكذا الجمع في الرمي لأهل الأعذار يجوز في رمي الجمار في يوم الحادي عشر، والثاني عشر، يجوز في أحدهما، ولا يجوز في غيرهما في حال الاختيار، وأما في حال الإضطرار فيجوز في أيام التشريق كلها، كما يجوز في أوقات الصلوات في الأضطرار ما لا يجوز في غيره.
ولأن يوم النحر ينفرد عن أيام التشريق بأحكام تخصه، فيتعلق الحل برمي جمرة العقبة، وتكون منفردة في مشروعية رميها عن الصغرى والكبرى في يوم النحر، ووقتها قد يختلف في مشروعية الإبتداء في رميها، واختلاف الحكم أو الأحكام من الأوصاف المؤثرة في عدم إلحاقها بأحكام أيام التشريق، ولهذا لا يحمل المطلق على المقيد إذا اختلف الحكم، وإن اتحد السبب.
وهذا هو الأقرب في نظري والعلم عند الله تعالى من الجمهور (قول الشافعية في المعتمد، والحنابلة، وصاحبي أبي حنيفة) : أن رمي يوم النحر كغيره من أيام منى، فيصح جمع رميه مع رمي غيره من أيام التشريق لأهل الأعذار.
لان حكم الرمي في يوم النحر، وأيام التشريق واحد، فيجوز جمعه كله.
والجواب: الحكم وإن كان واحداً، ولكن الجمع لا يجوز إلا بما دلّ عليه الدليل، وهذا كله في حال الاختيار لا الاضطرار.
وذلك كما أن حكم صلاة الفجر والعصر واحد، وهما ركناً من أركان الإسلام ، ومع ذلك يجوز جمع العصر مع الظهر، ولا يجوز جمع الفجر مع الظهر إلا في حال الاضطرار كمن نام عن صلاة الفجر غير متعمد لتأخيرها حتى وقت الظهر، قام فصلى الفجر والظهر، أجزأ وصح. فكذا في رمي جمرة يوم النحر لا يجمع رميها إلا في حال الاضطرار، كمن فاته وقتها للعذر.
والله تعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق