حكم الاحتفالات بشخص لاعتزاله الشعر:
حكم الاحتفالات بتكريم الأشخاص:
----------
المقصود بهذه الاحتفالات تكريم الشاعر على مسيرته السابقة، وجمع الأموال له:
فإذا كان الشاعر ممن يغلب على شعره الفسوق والمجون، فتبجيله وتسييده ورفع مقامه بالاحتفال والتبجيل والتشجيع منهي عنه.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا للمنافق سيد، فإنه إن يكن سيداً فقد أغضبتم ربكم) -وفِي سنده مقال-.
فكل إشادة وتبجيل لمن يستحق عكسه منهي عنه شرعاً.
فمن يستحق التكريم والتبجيل والتشجيع هو من كان له قدم صدق في إسلام.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت رضي الله عنه: (اهجهم وروح القدس معك).
* وإذا كان جمع الأموال عن طريق سيف الحياء، كأن يهب له أحد فيحرج من هو أكثر مالاً أن يدفع مالاً أكثر منه، أو نحو ذلك من الطرق الملتوية التي يتفنن بها لجان معينة، ويكون لهم نسبة مما جمعوا، فهذا من إهدار الأموال وجمعها بطرق النصب والاحتيال.
أو كان هذا المال يدفع له من أجل الرياء والسمعة، والظهور والبروز أمام الملأ مما لا يبتغى به وجه الله، وفِي الحديث: (إنما فعلت ذلك ليقال فلان كريم، فقد قيل، ثم يؤمر فيسحب على وجهه إلى النار).
* وكل مناسبة يكون المقصود منها جمع المال، لا تجب إجابتها ولو كانت ولينة عرس، ما لم يكن لرد هبة العوض، اللهم إلا إذا خشي على عرضه من اتهامه بالبخل أو الدناءة وفِي الحديث: (فما وقى به المرء عرضه فهو صدقة).
وفي حاشية اللبدي على نيل المآرب في الفقه الحنبلي: "فائدة: من صنع وليمة، ودعا الناس إليها، وقصد أن يعطوه نقوطًا، بأن عُلِمَ منه ذلك بقرينة، أو كانت العادة كذلك، فالظاهر أن إجابته لها لا تحب، لأنه لم يقصد السّنّة المشروعة، بل قَصْدُه الربح. لكن إن كان في عدم الإجابة حينئذ دناءة واتهام له بالبخل، أو كان ذلك يخل بالمروءة عادة، فالإجابة أولى إن كان قادرًا على دفع النقوط. والله سبحانه وتعالى أعلم ".
* ولا يحل إحراج الناس لأخذ أموالهم بسيف الحياء فيما لم يكن واجباً عليهم.
والقاعدة: إنما الظلم يوجب التحريم على الظالم لا على المظلوم.
قال صلى الله عليه وسلم: (أني لأعطي أحدهم العطية، يخرج يتلظاها ناراً، قالوا: يا رسول الله، لما تعطهم، قال: يأبون إلا أن يسألونني، ويأبى الله لي البخل).
* وأما من كانت سيرته عطرة غالباً، فيكرم ليكون قدوة خير، أو له أثر طيب في الأمة فيكرم تكريماً ممن يستحق الإكرام شرعاً، فما وهب له بطيب نفس من الواهب لا إشكال عندي في جوازه، والعلم عند الله تعالى.
* وكذا كل تكريم يبتغى به وجه الله، فهو مشروع.
وكل تكريم واجب -كالضيافة- فهو مشروع.
وكل تكريم يصون به المرء عرضه، ويتقي به شر غيره، فهو مشروع.
وكل تكريم لا يبتغى به وجه الله، أو تكون مفسدته أعظم من مصلحته، فهو غير مشروع.
وكل تكريم لا يجوز شرعاً، لا يجوز حضوره، ولا المشاركة فيه.
والقاعدة العقدية: نكرم من أكرمه الله تعالى، ونهين من أهانه الله تعالى.
قال تعالى:(فمن يهن الله فما له من مكرم).
وقال صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا).
وكل احتفال أو تكريم مفسدته أعظم من مصلحته فهو محرم.
وما استوى طرفاه من المصلحة والمفسدة، فهو منهي عنه، لأن درء المفاسد، مقدم على جلب المصالح.
* قاعدة: كل تكريم أو احتفال لا يترتب عليه محذور شرعي -كالعجب، أو تغرير الناس به- فلا بأس به.
والله تعالى أعلم وأحكم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق