إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 10 سبتمبر 2019

حكم السرقة عن طريق الشيطان// لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


حكم  السرقة عن طريق الشيطان:
هل يتمكن الشيطان من سرقة الإنس:
-------------
الشيطان  الجني يمكن أن يتمكن من سرقة مال الآدمي، سواء عن طريق السحر والشعوذة أو غيرها، لحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه لما وضعه النبي صلى الله عليه وسلم حارساً على مال الصدقة، فجاءه الشيطان على صورة آدمي وسرق من مال الصدقة فقبض عليه أبوهريرة، وقال: لا أدعك حتى أذهب بك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني فقير وذو عيال، وما زال  يترجاه حتى أطلق سراحه، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك يا أباهريرك البارحة، فأخبره، فقال: (كذبك وسيعود.....)الحديث.
ففيه دليل على تشكل الشياطين وتمكنهم من سرقة الآدمي بإذن الله تعالى: (وما هم بضارّين به من أحد إلا بإذن الله).
ولكن الشياطين لا يتمكنون من سرقة المال المخزون في خزانة أو صندوق أو محفظة أو نحو ذلك إذا كان مقفلاً ومذكوراً عليه اسم الله تعالى، فإذا قفل على المال الباب وذكر اسم الله تعالى عند قفله لم يسلط الشيطان على سرقته أو الاختلاس منه، لحديث جابر في الصحيحين أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ، أَوْ أَمْسَيْتُمْ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا).

* ولكن إذا قفل الباب ولم يذكر اسم الله تعالى، أو ذكر اسم الله تعالى على الشيء ولم يقفل عليه الباب هل يمكن للشيطان أن يتسلط على المال بالاختلاس أو السرقة: يحتمل ذكر اسم الله تعالى كاف في تحصينه، ويحتمل القفل عليه فقط، ويحتمل أن لا يكن المال محصناً ألا بقفل الباب مع ذكر اسم الله تعالى عليه. 
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله تعالى: 
"وأما قوله: (إن الشيطان لا يفتح غلقا، ولا يحل وكاء) فذلك إعلام منه، وإخبار عن نعم الله عز وجل على عباده من الإنس، إذ لم يعط قوة على فتح باب، ولا حل وكاء، ولا كشف إناء، وأنه قد حرم هذه الأشياء" أ. ه .
وقيّد بعض أهل العلم ذلك إذا ذكر اسم الله تعالى عند غلقه. 
قال ابن حجر رحمه الله تعالى: 
"وفي رواية زاد في كل من الأوامر المذكورة (واذكر اسم الله تعالى) ... ذكر اسم الله يحول بينه -أي الشيطان- وبين فعل هذه الأشياء، ومقتضاه أنه يتمكن من كل ذلك إذا لم يذكر اسم الله، ويؤيده ما أخرجه مسلم والأربعة عن جابر رفعه: (إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم)، وقد تردد ابن دقيق العيد في ذلك فقال في شرح الإلمام: يحتمل أن يؤخذ قوله: (فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا) على عمومه، ويحتمل أن يخص بما ذكر اسم الله عليه" أ.ه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: 
"لكن الشياطين إنما تتسلط على من لا يذكر اسم الله؛ كالذي لا يذكر اسم الله إذا دخل، فيدخلون معه، وإن لم يذكر اسم الله إذا أكل، فإنهم يأكلون معه. 
وكذلك إذا ادّخر شيئاً، ولم يذكر اسم الله عليه، عرفوا به، وقد يسرقون بعضه، كما جرى هذا لكثيرٍ من الناس. 
وأما من يذكر اسم الله على طعامه، وعلى ما يختاره، فلا سلطان لهم عليه، لا يعرفون ذلك، ولا يستطيعون أخذه".
-انتهى من كتابه "النبوات"-.

* والقاعدة في ذلك: أن النص إذا كان يحتمل أكثر من معنى، بحسب وضع واحد، ولا تعارض بينهما حمل على جميع تلك المعاني.
وعليه: 
١- فإذا ذكر اسم الله تعالى على الشيء منع منه الشيطان ولم يسلط عليه، ويدل عليه ما تقدم في الحديث: (إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء...).
ويؤيده ما رواه ابن ماجة وغيره: مرفوعاً: (ستر ما بين الجن وعورات ابن آدم إذا دخل الخلاء أن يقول: بِسْم الله).
ويؤيده حديث أبي هريرة، وفيه: (إذا أويت إلى فراشك فقرأ آية الكرسي فإنه لا يزال عليك حافظاً ولا يقربك شيطان حتى تصبح) فذكر الله تعالى عند النوم سبباً في الحفظ من الشيطان) وحديث: (إذا دخل ألرجل  إلى بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء)، لا يخصصه حديث أبي هريرة، لأن أحد أفراد العام لا يخصص به إذا كان موافقاً له في الحكم.

٢- إذا كان الشيء أو المال مغلق عليه في مكان يحوطه من كل جانب، كان ذلك حصناً له من الشيطان ولا يسلط على سرقته، ويؤيده ما سبق في الحديث: (فإن الشيطان  لا يفتح باباً مغلقاً).

٣- إذا أغلق على المال  وذكر اسم الله تعالى عند الإغلاق لا يتمكن الشيطان من سرقته لسببين: اذكر اسم الله تعالى عليه، والسبب الثاني: كونه مغلقاً عليه، والشيطان لا يفتح غلقاً كما سبق في الحديث: (وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله...) من باب التأكيد في طرد الشيطان، ولهذا قال: (فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً).

* فإن قيل إن الشيطان قد يسلط على مال مغلق وذكر اسم الله تعالى عليه.
* فالجواب: إذا فرض صحة ذلك:
* فإن القاعدة: الشيء لا يتم إلا بوجود سببه، وانتفاء موانعه، نظير حديث: (لو أن أحدكم إذا جاء أهله، قال: اللهم جنبني الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتني، فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضرّه الشيطان أبداً).
* فقد تتوفر الأسباب ويوجد المانع فلا يتم الشيء.
* ونظير حديث: (رب أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يقول: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له) فقد توجد الأسباب ولا يتم الشيء لوجود المانع.

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت