وضع اليد في الماء عند الرقية والقراءة على الماء:
-------
ورد وضع اليد في الرقية على الجسد عند الشعور بالألم، وفِي تحصن الإنسان عند نومه، بالنفث في كفيه بعد جمعهما ثم قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاثاً ثلاثاً ثم مسح ما استطاع من جسده، ورد ذلك في السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن وضع اليد في الماء المقريء عليه مع القراءة هل هي أفضل من مجرد القراءة على الماء بدون وضع اليد فيه، محل اجتهاد وتأمل:
والذي يظهر لي والعلم عندالله تعالى : مشروعية ذلك وجوازه، بل وأفضليته، للأسباب التالية:
١- أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين وضع اليد والقراءة عند الرقية من الألم.
فإن قيل: فرق بين وضع اليد على الماء، وبين وضعها على الجسد.
فالجواب: أن بين كل شيئين فرق، ولكن هل ذلك الفرق مؤثراً أو غير مؤثر.
والظاهر عدم الفرق، لأن الماء الذي قريء عليه: سيصل إلى موضع الألم، فهو أقرب من قراء لم توضع اليد فيها.
٢- ولأن القاعدة في ذلك: الأصل في الأحكام التعليل، فوضع اليد على الشيء أولى، فإن تعذر فعلى ما يمكن أن يصل إليه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استطاع أن يقبل الحجر في طوافه قبله، وإن لم يستطع وضع عصاه عليه، وقبل ما وصله من العصا، وإلا أشار إليه.
٣- ولأن وضع اليد على الشيء مع الدعاء للمريض وفي الرقية على الشيء أولى من مجرد الدعاء له برفع الألم من دون وضع اليد، وهذا له نظائر:
منها وضع اليد على جبين الزوجة عند الدخول عليها لأول مرة، وقول: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك اللهم من شرها وشر ما جبلتها عليه.
وكذلك وضع اليد على المريض وقول بِسْم الله ثلاثاً، وأعيذك بعزة الله وقدرته من شر ما تجد وتحاذر سبعاً.
فإن قيل: لما اليد بالذات دون بقية أعضاء الجسد.
فالجواب:
أ- لأن وضع اليد هو الذي ورد في النصوص دون بقية أعضاء الجسد.
ب- ولأن اليد هي التي توصل الخير للغير بالعطاء غالباً.
ج- ولأن المباشرة باليد شرف لمن أسدي له العطاء، بخلاف مباشرة العطاء للغير بالقدم ونحوها.
٤- ولأن السنة في التحصن عند النوم، وكذا في الرقية عند وجود الألم: وضع يد، وقراءة ودعاء.
فمن وضع يده في الماء مع القراءة جمع بين السنتين، ولم يترك إحداهما.
فإن قيل: ألا يشكل على هذا: أن كل من ذكر الأذكار يسمح بيديه على ما استطاع من جسده، وهذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم إلا في حالتين: عند نومه، وعند رقية نفسه من ألم ألمً به.
والقاعدة: كل ما توفر سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله، مع وجود المقتضي وانتفاء المانع، فتركه هو السنة.
فالجواب: أن القاعدة صحيحة -وقد بينتها في القواعد-، ولكن لا يعني ذلك الوقوع في البدعة إلا عند وجود دليل خارجي، وعليه فالسنة أن لا يفعل ذلك إلا في تلك الحالتين، فإن تحصن بالأذكار الشرعية ومسح ما استطاع من جسده بيديه في غير رقية المرض أو عند نومه، خالف السنة ولا يعني وقوعه في البدعة.
خصوصاً أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عند نومه معقول المعنى.
* وعليه: فلا بأس بوضع اليد على السيارة والبعير ونحوهما وتعويذهما وتحصينهما بالرقية الشرعية التي لا بدعة فيها ولا شرك (لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً).
والله تعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق