حكم قول : لا إله إلا الله عندما يرى الإنسان ما يعجبه:
حكم ذكر الله تعالى بغير الدعاء بالبركة عندما يعجب الإنسان بشيء: :
————-
قال تعالى : ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالاً وولدت) وتفسيرها : وهلا حين دخلت حديقتك فأعجبتك حمدت الله، وقلت : هذا ما شاء الله لي ، لا قوة لي على تحصيله إلا بالله ، فعموم هذا اللفظ يكون عند إعجاب الإنسان بالشيء، ويكون سبباً في زيادته ونموه وثباته، وابتعاد الشيطان عنه حين ذكر الله تعالى فلا يقوى الشيطان على الكيد للإنسان بالعين الشيطانية ( إن كيد الشيطان كان ضعيفاً)، وكما هو الشأن في الأذان ، فإن الشيطان يدبر إذا سمع النداء وله ضراط- كما جاء في الصحيحين -. فالذكر يضعف القوة الشيطانية المنبعثة من عين المعجب أو الحاسد أو يقضي عليها عند وجود الشروط وانتفاء الموانع .
وفي هذه الآية دليل على قول هذا الذكر عند إعجاب الإنسان بما يراه، وهل يقتصر بهذا الذكر أو يشمل كل ما فيه ذكر لله تعالى ولو بغير هذا الذكر ، احتمالان، والثاني في نظري أقرب، للأسباب التالية :
١ - لأنه ورد لفظ آخر عند اعجاب الإنسان بما يراه، ( هلا بركت عليه) أي دعوت له بالبركة، والدعاء من أنواع الذكر ،
٢ - ولأن الشيطان يضعف أو يزول عند ذكر الرحمن ، والشيطان هو سبب العين ، ولهذا يدبر الشيطان عند الأذان ، وقال تعالى ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون ) فبالذكر والاستعاذة منه يزول سلطانه أو يضعف ولا يتسلط،
٣ - ولأن بالذكر يكون اللتجأ إلى الله تعالى والاستعانة به فيكون سببًا لبعد الشيطان وعدم تسلطه، ولهذا ورد في الحديث:( لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال : اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد ، لم يضره الشيطان أبداً)
ولحديث جابر عند مسلم نْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ ).
فإن قيل : هل معنى ذلك : أن الإنسان لو لم يأت بالذكر المعين عند جماع الزوجة أو الدعاء بالبركة عند إعجابه بالشيء ونحو ذلك ، وأتى بغيره من الذكر ، كان الأثر واحدًا .
فالجواب : أن الذكر له فضل ويكون سبباً في إضعاف الشيطان أو زواله وإبعاده وعدم تسلطه على الإنسان ، ولكن بما ورد من الذكر المعين يكون أفضل، لأن الأ دلة السابقة دلت على أثر الذكر على الشيطان الذي هو سبب إغواء بني آدم .
ولأن قول ما شاء الله لا قوة إلا بالله عند إعجاب الإنسان بالشيء ذكر ، وليس دعاء له بالبركة ، فيقاس عليه كل ذكر يذهب إعجاب الإنسان بالشيء وينسب الفضل لله تعالى، ومن ذلك تبارك الله ، مع أنها قد تكون خبر بمعنى الدعاء : تبارك الله عليه، أي زاده نماء وثباتاً واستقراراً.
والقاعدة : حذف ما يعلم جائز .
والدعاء بالبركة : يقاس عليه : كل دعاء يذهب الإعجاب ويزيل ما في النفس من شرور الشيطان التي قد تنتج عنها العين .
وإذا كان كل ذكر ودعاء لدفع الإعجاب الذي يكون سبباً للعين جائزاً ومشروعاً، فلا شك أن من أفضل ذلك ما ورد في الكتاب والسنة في دفع سبب العين بلفظ: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وكذا لفظ : بارك الله عليه، ونحو ذلك من الدعاء له بالبركة ، والله تعالى أعلم .
تنبيه : سبق بيان حكم قول ما شاء الله عند إعجاب الإنسان بالنعمة على نفسه أو غيره، فليراجع .
كتبه / د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق