وقت وليمة العرس :
حكم تكرار وليمة العرس :
—————————
( الخلاصة : تبدأ وليمة العرس من قبل العقد بزمن غير طويل عرفاً إلى ما بعد الدخول بالزوجة ما لم يطل عرفاً، والأفضل موافقة العادة، فإن لم يكن هناك عادة وعرفاً، فالأفضل بعد الدخول مباشرة ).
————————
الوليمة : لوليمةُ لغةً: مِن الوَلمِ، وهو الاجتِماعُ؛ لأنَّ الزَّوجَينِ يجتَمِعانِ، ومنه: أولمَ الرَّجُلُ: إذا اجتمَعَ عَقلُه وخَلْقُه .
واصطِلاحًا: هي اسمٌ للطَّعامِ في العُرسِ خاصَّةً. وقيل: كلُّ طَعامٍ يُتَّخذُ لسُرورٍ حادثٍ، والأول أرجح، لأن العبرة بالأعم الأغلب لا بالقليل والنادر .
١ - عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ عبدَ الرَّحمنِ بنَ عَوفٍ جاء إلى رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبه أثَرُ صُفرةٍ، فسأله رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخبَرَه أنَّه تزوَّجَ امرأةً مِن الأنصارِ، قال: كم سُقتَ إليها؟ قال: زِنةَ نواةٍ مِن ذهَبٍ. قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أولِمْ ولو بشاةٍ)) .
وأثر الصفرة من دخوله بامرأته مما يدل على أن وليمة العرس تكون بعد الدخول .
٢ - روى البخاري عن أنس رضي الله عنه أنه قال: بنى النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة فأرسلني فدعوت رجالا إلى الطعام.
وفي لفظ للحديث ، عن أنس رضي الله عنه قال: "أقام النبي صلى الله عليه وسلم بينَ خيبرَ والمدينة ثلاثَ ليالٍ يُبنَى عليه بصفية، فدعوتُ المسلمين إلى وليمته، وما كان فيها من خبز ولا لحم، وما كان فيها إلا أن أمر بلالًا بالأنطاع فبُسطَت، فألقى عليها التمر والأَقِط والسَّمْن).
وهذا الحديث صريح أن وليمة عرسه صلى الله عليه وسلم على صفية كانت بعد الدخول بها .
ووليمة العرس - كما سبق في تعريفها : أنها طعام حادث بسبب العرس، وهو اجتماع الزوج بزوجته بالنكاح الصحيح ، فتكون مشروعة عند وجود سببه من العقد الشرعي إلى ما بعد الدخول عليها ما لم يطل عرفاً.
والقاعدة : ما لم يحدد في الشرع فالمرجع إلى تحديده العرف.
وقد سبق من تلك النصوص مشروعية إحداث الوليمة بعد الدخول ، ولكن هل هو راجع إلى العرف في تحديد أفضل وقته من تلك المدة، حيث أوقعه النبي صلى الله عليه وسلم بعد الدخول موافقة للعرف المتعارف عليه في عهدهم ، أم أن السنة في الأفضلية أن تكون الوليمة بعد الدخول ما لم يطل عرفاً الفصل بين الوليمة والعرس.
هذان احتمالان واردان في الأفضلية في وقتها .
ويؤيد الأول ، القاعدة : العرف المقارن للخطاب من مخصصات النص العام .
ويؤيده أيضاً: أن الوليمة شرعاً: الطعام المتخذ لسرور حادث باجتماع الزوجين ، وفي الحديث( شر الطعام طعام الوليمة ...) والوليمة عند الإطلاق : يقصد بها وليمة العرس، وكون النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك بعد الدخول لا ينفي فضيلة الوليمة بعد العقد وقبل الدخول ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل أحد أفراد المشروع.
والقاعدة : أحد أفراد العام لا يخصص به إذا كان موافقاً له في الحكم .
ويؤيد الاحتمال الثاني: أن الأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التشريع والتعبد .
والجواب عنه : أن أصل الوليمة : سنة وعبادة ، وتحديد وقتها الموسع - قبل الدخول أو بعده - مرجعه إلى العادة، وهي العرف .
وكل ما تعارف عليه الناس مما لم يخالف الشرع، فالمصلحة راجحة في فعله، لقوله تعالى ( خذ العفو وأمر بالعرف ) أي ما تعارف عليه الناس وجرت به العادة ما لم يخالف الشرع.
والقاعدة : العادة محكمة - وقد سبق تقريرها في القواعد .
فالوليمةوقتها : من وقت العقد- ولو قبله قريباً منه عرفاً، إلى ما بعد الدخول قريباً منه عرفاً. وتحديد الأفضلية حسب ما يحف ذلك من المصالح، ومن المصلحة التي يحصل بها الترجيح في تحديد وقت الأفضلية : موافقة العرف ما لم يخالف الشرع .وما لم يكن في ترجيحه مصلحة راجحة في تحديد وقت الوليمة فكونه عقب الدخول مباشرة هو الأفضل .
ولهذا قد تكون قبل العقد بقليل أو بعد العقد وقبل الدخول، أو بعد الدخول ما لم يكن الفاصل طويلاً عرفاً.
وهل يشرع تكرار الوليمة عند العقد وعند الدخول ما لم يصل إلى حد الإسراف .
الظاهر : أنه لا بأس بذلك .
والقاعدة : الحكم إذا علق على وصف ، قوي بمقدار ذلك الوصف فيه.
ويؤيد ذلك : قول النبي صلى الله عليه وسلم ( أولم ولو بشاة) حيث دل على مشروعية الوليمة بأكثر من شاة، وما جاز مجتمعاً جاز متفرقاً ما لم يمنع منه مانع شرعي، والله تعالى أعلم .
كتبه /د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة ام القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق