——————
الخلاصة: إذا لم يكن فيها تشبه بمن يحرم التشبه به، ولم تكن مظنة تجمع الأوساخ -لقصر وقت لبسها- فلبس الأظفار الصناعية جائز، وإذا كانت تشبه الأظفار الزائد بقاؤها عن الأربعين يوماً، ومظنة تجمع الأوساخ، فهي مكروهة والحالة تلك.
——————-
١- ما رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، عن أبي هريرة، أن النبي عليه السلام قال: (خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وقلم الظفر، ونتف الآباط).
٢- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((عشرٌ مِن الفِطرة: قصُّ الشَّارب، وإعفاءُ اللِّحيةِ، والسِّواكُ، واستنشاقُ الماءِ، وقصُّ الأظفارِ، وغَسلُ البَراجِم، ونَتْفُ الإبْط، وحَلْقُ العانةِ، وانتقاصُ الماءِ)). قال زكريَّا: قال مُصعَبٌ: ونسيتُ العاشرةَ، إلَّا أن تكونَ المضمضةَ.
وقرينة المعنى تصرف المخالفة في ذلك من التحريم إلى الكراهة، وهو الأقرب.
وكذا قرينة: أن هذه الأمور من باب الآداب وتهذيب السلوك وهي عند الجمهور على الاستحباب ما لم تأت القرينة أو الدليل على الوجوب، ومخالفتها على النهي.
-كما تقدم في حكم إطالة الشوارب-.
وكذا من القرائن: أن ترك تقليم الأظفار وشعر العانة وشعر الإبط، والختان، مظنة اجتماع الأوساخ عند طول مدة تركها، وهذه قرينة تدل على النهي في تركها من أجل النظافة، وحددت نهاية الترك لا للتحريم وإنما لتأكيد التطهر والنظافة، فيتأكد عدم تركها لمثل هذه المدة، وكلما قصرت كان ذلك أفضل.
والقاعدة: العبرة بالجنس لا المفرد -وقد سبق شرحها- فهذه حكمة وليست علة.
وعلى فرض كونها علة، فلا يجب الإزالة لها إلا عند وجود الضرر عليه أو منه، لحديث: (لا ضرر ولا ضرار).
فكون الأظفار مظنة الوسخ في الأعم الأغلب أمرت الشريعة بتقليمها، ولا عبرة بمن يهتم بها ويعقمها عن الأوساخ، فلا يكون في حقه عدم الكراهة فوق الأربعين، لأن القاعدة: العبرة بالأعم الأغلب، لا بالقليل والنادر.
والقاعدة: العبرة بالجنس لا بالمفرد.
فالعلة الغالبة لا يقدح فيها بالشاذ والقليل.
والقاعدة: الشاذ لا حكم له.
٢- في صحيح مسلم عن أنس قال: (وقت لنا في قص الشارب، وقلم الظفر، ونتف الإبط، وحلق العانة، أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة).
وإلى ظاهر هذا الحديث ذهب الحنفية إلى تحريم ترك ذلك إلى أكثر من أربعين يوماً، خلافاً للجمهور الذين ذهبوا إلى أن ترك تقليم الأظفار ونحوها مما ذكر في حديث أنس على الكراهة للقرائن السابقة.
فإن قيل: الأظفار الصناعية تختلف عن الطبيعية من وجهين:
الأول: أن الصناعية لا تدخل في النص، لأنها غير حقيقية، والنص عند الإطلاق إنما يتناول الحقيقية لا الصناعية.
فالجواب: أن عدم تقليم الأظفار قبل الأربعين يوماً على سبيل الجواز، وبعد الأربعين على الكراهة أو التحريم كما سبق.
ولكن العبرة بالقياس فيما شابه قبل الأربعين على الجواز، وما شابه في الطول بعد الأربعين على الكراهة أو التحريم، لأن العبرة بالظاهر.
والثاني: أن الصناعية لا تجمع الأوساخ خلافًا للطبيعية.
فالجواب: أن التعليل بالأوساخ مظنة الحكم، ومظنة الشيء تنزل منزلة الشيء عند وجود الدليل أو القرينة -كما سبق في القواعد-. ومن القرائن أن الختان والاستحداد ونتف الإبط وكذا تقليم الأظفار والمؤقتة بالأربعين يوماً، معقولة المعنى وهي الطهارة من الأوساخ وأن لا تترك أكثر من أربعين، ولهذا جعلت من سنن الفطرة التي فطر الإنسان عليها كيف وقد حث الشارع على تعاهدها وعدم إطالتها.
فإذا كانت صناعية وتسبب تجمع الأوساخ في طول مكثها ومشابهتها لما زاد عن أربعين يوماً من الأظفار، كانت مكروهة.
وإذا كانت مؤقته تلبس في وقت الزينة للنساء وهي نظيفة وتنزع في وقت قصير يكون فعلها على سبيل الجواز ما لم يكن هناك سبب آخر للنهي كالتشبه.
٤- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم).
فإذا كان في لبس الأظفار الصناعية تشبه بالفاسقات، فهو حرام، وإذا كان فيه تشبه الرجال بالنساء فلبسها حرام، وإذا كان فيه تشبه بالكفار فالتحريم أشد، وإذا كان فيها تشبه بالحيوان في مقام الذم فالنهي عن التشبه بالحيوان فيما يذم فيه التشبه منهي عنه على سبيل التحريم أو الكراهة.
تنبيه: تركيب الأظفار الصناعية تمنع وصول الماء في الغسل والوضوء، فيجب نزعها عند الوضوء والغسل، لحديث عمر بن الخطاب أن رجلاً توضأ وترك موضع ظفر لم يصبه الماء فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (أرجع فأحسن وضوءك)، فرجع ثم صلى).
ومن ذلك المناكير والبويات والعجين ونحوها التي تمنع وصول الماء إلى ما يجب غسله من الأعضاء.
كتبه/ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة ام القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق