حكم معصية الأب طاعة للأم:
من ينفذ من أمر الأبوين عند التنازع في الشيء الواحد:
حدود الطاعة للمخلوق المأمور بطاعته:
____
الجواب يكمن في النقاط التالية:
١- الطاعة تكون في المعروف شرعاً وعرفاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف).
فالمعروف شرعاً، أو عرفاً لا يخالف الشرع، هو المعتبر في الطاعة.
فإذا أمر الوالد أو من أمر الشارع بطاعته، بغير المعروف شرعاً، أي مخالفة شرعية، أو مخالف للعرف فلا تجب طاعته.
لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف).
كقول أحد الوالدين للولد: طلق زوجتك من غير ما بأس، أو لا تحضر حلق العلم ونحوهما، فلا تجب طاعتهما والحالة تلك.
٢- إذا كان الأمر من مقتضى القوامة، وهي ما جعل الشارع فيه الشأن للرجل.
لقوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء).
قوله (قَوَّامُونَ ) جمع قوام على وزن فعال للمبالغة من القيام على الشىء وحفظه.
يقال: قام فلان على الشىء وهو قائم عليه وقوام عليه، إذا كان يرعاه ويحفظه ويتولاه.
أى: الرجل قيم على المرأة، أى هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت.
فيقومون عليهن بالنفقة، والذب عنهن.
فإذا قالت الأم لابنها: اذهب معك، ورفض الأب، فالطاعة ههنا للأب.
لأن عدم خروجها من بيتها إلا بأذنه من القوامة عليها.
٣- إذا أمر الوالد بخدمة زوجته الثانية، ورفضت الأم، أو أمرت بعدم خدمة ابنائها لزوجة أبيهم الأخرى بما لا يعود عليها بالضرر، فالمعتبر طاعة الوالد، ويقول لامها حسناً أو يخفي خدمة زوجة أبيه عن أمه، محافظة على شعورها وإحساسها.
والقاعدة: كل ما فيه منفعة للوالد ولا ضرر عليها فيه، لا تجب طاعتها والحالة تلك.
وقد سبق في ضابط طاعة الوالدين.
٤- إذا أمر الوالد بفعل يعود على الأم فيه بالضرر، فلا طاعة للوالد فيما يضر أمهم.
لأن الإحسان للوالدة مقدم على الإحسان للوالد عند التعارض.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي سأله: (من أحق الناس بحسن صحبتي، قال : أمك، قال : ثم من ؟ قال : أمك، قال : ثم من ؟ قال : أمك، قال : ثم من ؟ قال : أبوك ).
وذلك كأن يطلب الأب إعانة زواج ، وترفض الأم ، وهذا فيما إذا كان عدم إعانة الابن يترتب عليها عدم زواج الأب على الأم.
ولهذا لما أراد علي رضي الله عنه أن يتزوج على فاطمة رضي الله عنها ، قال صلى الله عليه وسلم( إنما فاطمة بضعة مني يريبها ما أرابني).
وأما إذا كان الزواج حاصل للأب ولو بدون إعانة الابن، فالضرر على الأم واقع بغير إعانته، فتكون إعانة الأب والحالة تلك مشروعة ، لمنفعة الأب ، وعدم تضرر الأم بالإعانة، لكون الإعانة من عدمها غير مؤثرة في وجود الضرر على الأم .
٥ - ضابط الضرر المعتبر في العذر، هو الضر الذي ليس بالهين عرفاً، أما الضرر اليسير المرجوح في جانب المنفعة الراجحة فإنه مغتفر .
٦ - إذا كان زواج الأب واجباً- كما لو خشي الأب العنت وخاف الوقوع في الحرام بسبب أن الأم لا تعفه لمرضها أو رفضها دعوته لها لفراشه أو نحو ذلك، فلا عبرة برفض الأم ، ويقل الولد لها قولاً كريماً، ويعين أباه على الزواج. والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق