إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

السبت، 19 فبراير 2022

الجمع بين تحريم النار على من قال : لا إله إلا الله صادقاً من قلبه، وبين من يدخل النار من أهل الكبائر // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


 الجمع بين تحريم النار على من قال : لا إله إلا الله صادقاً من قلبه، وبين من يدخل النار من أهل الكبائر :

——————

الخلاصة : حديث( إن الله حرم على النار من قال : لا إله إلا الله صدقاً من قلبه) تكون فيمن قال ذلك صدقاً - كاملاً تاماً- من قلبه حتى مات وهو لم يضعف هذا الصدق الكامل بشيء ينقصه من شرك أكبر أو أصغر ، أو كبائر الذنوب ، فإن فعل ذلك فإن كان شركاً أكبر أحبط عمله إن لم يتب منه ، وإن كان أصغر فقد يغفر له على قول، وعلى القول الآخر : لا يغفر حتى يؤخذ بقدره من حسناته فإن لم تف محص في النار، وإن كانت كبائر فهو تحت المشيئة بين مغفرة الله له ، وبين الأخذ من حسناته فإن لم تف محص في النار ، وبهذا تجتمع الأدلة .

لأن الصدق منه هو تام كامل، ومنه ما هو دون ذلك .

————-


قال شيخُ الإسلام وغيره في هذا الحديث ونحوه: أنها فيمَن قالها ومات عليها، كما جاءت مُقيدةً بقوله: "خالصًا من قلبه، غير شاكٍّ فيها، بصدقٍ ويقينٍ"، فإنَّ حقيقة التوحيد: انجذاب الروح إلى الله تعالى جملةً، فمَن شهد أن لا إله إلا الله خالصًا من قلبه دخل الجنة؛ لأنَّ الإخلاص هو انجذاب القلب إلى الله تعالى بأن يتوب من الذنوب توبةً نصوحًا، فإذا مات على تلك الحال نال ذلك، فإنه قد تواترت الأحاديثُ بأنه: "يخرج من النار مَن قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرةً، وما يزن خردلةً، وما يزن ذرَّةً".

وتواترت بأنَّ كثيرًا ممن يقول: "لا إله إلا الله" يدخل النار ثم يخرج منها، وتواترت بأنَّ الله حرَّم على النار أن تأكل أثر السُّجود من ابن آدم، فهؤلاء كانوا يُصلون ويسجدون لله، وتواترت بأنه يحرم على النار مَن قال: لا إله إلا الله، ومَن شهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، لكن جاءت مُقيدةً بالقيود الثِّقال، وأكثر مَن يقولها لا يعرف الإخلاص، وأكثر مَن يقولها إنما يقولها تقليدًا أو عادةً، ولم تُخالط حلاوةُ الإيمان بشاشةَ قلبه.


وحينئذٍ فلا مُنافاة بين الأحاديث؛ فإنه إذا قالها بإخلاصٍ ويقينٍ تامٍّ لم يكن في هذه الحال مُصرًّا على ذنبٍ أصلًا، فإنَّ كمال إخلاصه ويقينه يُوجب أن يكون الله أحبَّ إليه من كل شيءٍ، فإذا لا يبقى في قلبه إرادة لما حرَّم الله، ولا كراهة لما أمر الله. وهذا هو الذي يحرم على النار، وإن كانت له ذنوب قبل ذلك، فإنَّ هذا الإيمان وهذا الإخلاص وهذه التوبة وهذه المحبَّة وهذا اليقين لا تترك له ذنبًا إلا مُحي عنه، كما يمحو الليلُ النهارَ، فإذا قالها على وجه الكمال المانع من الشِّرك الأكبر والأصغر، فهذا غير مُصرٍّ على ذنبٍ أصلًا، فيغفر له، ويحرم على النار. وإن قالها على وجهٍ خلص به من الشِّرك الأكبر دون الأصغر، ولم يأتِ بعدها بما يُناقض ذلك، فهذه الحسنة لا يُقاومها شيء من السّيئات، فيرجح بها ميزان الحسنات كما في حديث البطاقة، فيحرم على النار، ولكن تنقص درجته في الجنة بقدر ذنوبه.

وهذا بخلاف مَن رجحت سيئاته بحسناته، ومات مُصرًّا على ذلك؛ فإنه يستوجب النار وإن قال: "لا إله إلا الله" وخلص بها من الشِّرك الأكبر، ولكنه لم يمت على ذلك، بل أتى بعدها بسيئات رجحت على حسنة توحيده، فإنه في حال قولها كان مُخلصًا، لكنه أتى بذنوبٍ أوهنت ذلك التوحيد والإخلاص فأضعفته، وقويت نارُ الذنوب حتى أحرقت ذلك، بخلاف المخلص المستيقن؛ فإنَّ حسناته لا تكون إلا راجحةً على سيئاته، ولا يكون مُصرًّا على سيئات، فإن مات على ذلك دخل الجنَّة.

وإنما يُخاف على المخلص أن يأتي بسيئةٍ راجحةٍ فيضعف إيمانه، فلا يقولها بإخلاصٍ ويقينٍ مانع من جميع السَّيئات، ويُخشى عليه من الشِّرك الأكبر والأصغر، فإن سلم من الأكبر بقي معه من الأصغر، فيُضيف إلى ذلك سيئات تنضم إلى هذا الشرك، فيرجح جانب السّيئات، فإنَّ السيئات تُضعف الإيمان واليقين، فيضعف قول "لا إله إلا الله"، فيمتنع الإخلاص بالقلب، فيصير المتكلم بها كالهاذي أو النَّائم، أو مَن يُحسن صوته بالآية من القرآن من غير ذوق طعمٍ وحلاوةٍ، فهؤلاء لم يقولوها بكمال الصِّدق واليقين، بل يأتون بعدها بسيئات تنقض ذلك، بل يقولونها من غير يقينٍ وصدقٍ، ويحيون على ذلك، ويموتون على ذلك، ولهم سيئات كثيرة تمنعهم من دخول الجنة، فإذا كثرت الذنوب ثقل على اللسان قولها، وقسا القلب عن قولها، وكره العمل الصالح، وثقل عليه سماع القرآن، واستبشر بذكر غير الله، واطمأنَّ إلى الباطل، واستحلى الرَّفث ومخالطة أهل الغفلة، وكره مُخالطة أهل الحقِّ، فمثل هذا إذا قالها قال بلسانه ما ليس في قلبه، وبفيه ما لا يصدقه عمله.

- كما ذكر ذلك شيخنا ابن باز - رحمه الله تعالى -.والله تعالى أعلم .


كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت