حكم مبادرة لمس الحجر الأسود في التقنية الافتراضية :
————-
صورة المسألة : إنشاء صورة للحجر عبر الشاشات الإلكترونية ،- تشابه الألعاب الالكترونية- بوضع جهاز على العينين تشبه النظارة ، وأداة تحكم في اليد يمكن التحكم عن طريقه في لمس ذلك الحجر الافتراضي أو تقبيله أو الإشارة إليه حتى ينزل منزلة الحجر الأسود الحقيقي دفعاً للتزاحم ونقل العدوى ونحو ذلك .
———-
١ - قال تعالى : (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) .
٢ - وقال تعالى : (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ).
٣ - حديث جابر بن عبدالله في صفة حج حج النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، وفيه:( حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام، فقرأ: ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾ [البقرة: 125]، فجعل المقام بينه وبين البيت يقرأ في الركعتين: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، و﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ [الكافرون: 1]، ثم رجع إلى الركن فاستلمه ...).
٤ - وروى الإمام أحمد، والترمذي ، والنسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال عن استلام الحجر الأسود والركن اليماني في الطواف : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ اسْتِلَامَهُمَا يَحُطُّ الْخَطَايَا ) .
قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : (مَنْ طَافَ أُسْبُوعًا ، يُحْصِيهِ ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ : كَانَ لَهُ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ) .
قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : (مَا رَفَعَ رَجُلٌ قَدَمًا وَلَا وَضَعَهَا : إِلَّا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ ، وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ) . حسنه أحمد شاكر والأرناؤؤط في تحقيق المسند .
ولفظ الترمذي : (لَا يَضَعُ قَدَمًا وَلَا يَرْفَعُ أُخْرَى : إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطِيئَةً ، وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً). وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
٦ - وروى أبو داود ، والترمذي عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ ) .
صححه الترمذي ، وضعفه الألباني في " ضعيف أبي داود ".
٧ - وروى النسائي ، وأحمد (15423) عَنْ طَاوُسٍ ، عَنْ رَجُلٍ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّمَا الطَّوَافُ صَلَاةٌ ، فَإِذَا طُفْتُمْ ، فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ ).
٨ - ورواه الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الطَّوَافُ حَوْلَ البَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ ، إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا يَتَكَلَّمَنَّ إِلَّا بِخَيْرٍ) .
وصححه الألباني في " صحيح الترمذي" .
٩ - وفي الحديث ، أنه قال صلى الله عليه وسلم عن الحجر الأسود : (والله ليبعثنه الله يوم القيامة، له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحق).
١٠ - قال عمر بن الخطاب : ( والله إني أعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك).
———-
هذه الأدلة تدل على مشروعية الطواف حول الكعبة طوافاً حقيقياً لا افتراضياً ولا تقنياً، وكذا تدل على مشروعية التعبد لله تعالى باستلام الحجر الأسود، والركن اليماني في أثناء الطواف وتدل على التعبد لله تعالى بتقبيل الحجر الأسود والإشارة إليه لمن لم يستلمه في طوافه، وأن التعبد لله تعالى بهذه العبادات من طواف واستلام وتقبيل افتراضياً وتقنية لا حقيقة من البدع التي ترد على أصحابها ، لحديث( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وهو فتح باب للحج والعمرة الإلكترونية ، وإنشاء الكعبة الإلكترونية وكذا غيرها إذا درس العلم وذهب الجيل كان سبباً في التوسع في البدع والخرافات ، كما هو الشأن في قوم نوح لما صوروا صورة الرجال الصالحين ليكون سبباً في تذكيرهم لعبادة الله ، حتى اندثر الجيل وكان ذلك سبباً في عبادة تلك الصور.
ولما يترتب على ذلك من حمل أهل الأهواء الناس على الافتراضي لا الحقيقي تخفيفاً للزحام وغيره من العلل الموهومة .
وعلى فرض كون الاستخدام له من أجل مجرد الاطلاع والمعرفة ، فهي مندفعة بما يرى من مشاهدته عبر الأثير ، وإنما تختص هذه الطريقة بالتوهم لمن ينظر من خلاله أنه يقبل الحجر ويستلمه ويخيل له فعل ذلك بتلك الأجهزة التقنية ، وكأنه يلامسه وينظر إليه ويشم رائحته، فتعطيه من المشاعر والأحاسيس المتوهمة أنه فعل ذلك حقيقة، فيكون الفاعل صرف فعله من المباح إلى التعبد لله تعالى بفعل ذلك كما لو فعله حقيقة، ومن يشاهد الألعاب الإلكترونية يرى أن اللاعب فيها يعيش بعد فترة من الزمن كالفاعل حقيقة من التفاعل والجذب ونحوهما.
والقاعدة : المباح إذا ترتب عليه فتنة كان حراماً.
فيترتب على ذلك : إنشاء بيئة محاكاة افتراضية، لمحاكاة أكبر عدد ممكن من الحواس، مثل الرؤية والسمع واللمس، حتى الشم للحجر الأسود .
والقاعدة : ما كان وسيلة للمحظور فهو محظور ، وذلك أن الوسائل لها أحكام المقاصد.
والقاعدة : العبرة بالجنس لا بالمفرد - وقد سبقت في القواعد -.
وبهذا يتضح الفرق بين استلام الحجر الأسود، وبين استلام الحجر الأسود في العالم الافتراضي.
وليس المراد : هو مجرد رؤية أو لمس افتراضي من غير طواف حتى يقال : الأصل فيه الإباحة .
إذ لوكان الأمر كذلك لكان على الإباحة، ولكن قد يكون القصد هو إيجاد بدائل لكل مكان يحصل فيه زحام حتى يخفف ذلك الزحام ، ويصرف الناس إلى البديل بهذا التعليل أو غيره، ولأن المباح إذا ترتب عليه فتنة يقيناً أو غلبة للظن كان حراماً.
وخصوصاً إذا قيل : إن هذا خاص للمعتمرين، والحجاج .
والقاعدة : التخصيص لا ينبعث إلا عن اعتقاد الاختصاص .- وقد سبق شرحها في القواعد -.
ويتفاقم المرء سوءاً عند انتشار الجهل وقلة العلم .
قال صلى الله عليه وسلم : (لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة)
وقال ﷺ: (يَدرُسُ الإسلامُ كما يدرسُ وَشيُ الثَّوبِ حتَّى لا يدرى ما صيامٌ ولا صلاةٌ ولا نسُكٌ ولا صدقةٌ)
والله تعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق