حكم سؤال يقيناً كيقين النبي صلى الله عليه وسلم :
————————-
إذا كان يستلزم سؤال الله تعالى يقيناً كيقين النبي صلى الله عليه وسلم ، بلوغ الداعي إذا استجيب له منزلة الأنبياء والرسل ، كان هذا الدعاء غير جائز ، لأنه يستحيل شرعاً بلوغ غير الأنبياء مرتبة الأنبياء ، فلهم من المنزلة والمكانة عند الله تعالى ما لا يبلغه غيرهم من البشر .
قال شيخ الاسلام: ( قد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أولياء الله تعالى على أن الأنبياء أفضل من الأولياء الذين ليسوا بأنبياء، وقد رتب الله عباده السعداء المنعم عليهم أربع مراتب فقال تعالى: (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) ـ وفي الحديث: ( ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر). اهـ.
بل للصحابة من منزلة الصحبة من لم يبلغها من بعدهم ، ففي الحديث:( لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده، لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه).
وهذا على فرض السائل لهذا اليقين إذا بلغ يقين الأنبياء يكون له نفس المرتبة والمنزلة ، وهذا ليس بلازم ، فإن بلوغ الإنسان درجة في الفضل هي أعلى الدرجات ، لا يعني بلوغه منزلة الأنبياء من كل جانب، بل تميز الأنبياء والرسل بالنبوة والرسالة مرتبة عالية لا يبلغها من دونهم على فرض بلوغ بعض أتباعهم صفة من صفاتهم، أو جانباً من جوانب فضلهم .
وبناء على هذا فسؤال المسلم ربه يقيناً كيقين النبي صلى الله عليه وسلم ، أو خلقاً كخلقه لا بأس به، كيف وقد أمرنا بالاقتداء به : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ).ولا يلزم منه الوصول إلى درجة الأنبياء والرسل حتى يكون من الاعتداء في الدعاء.
وقيل : إذا كان يقصد المشابهة التامة بيقين النبي صلى الله عليه وسلم فهذا من الاعتداء في الدعاء وأما إذا كان يقصد المشابهة الجزئية والقريبة من يقين النبي صلى الله عليه وسلم فهذا جائز لحديث (اسألك مرافقتك في الجنة ) أي القرب منك في الجنة لأن منزلة النبي لايدركها أحد .
وفيه نظر ، كما تقدم، فليس بلوغ المسلم لخلق النبي صلى الله عليه وسلم أو شيء من صفاته بلوغ رتبة النبوة والرسالة،، بل ولو بلغ جميع صفاته ، لم يبلغ مرتبته ومزلته التي ووصل إليها بالوحي ، بل هو وعمله في موازين نبيه ورسوله ، والله أعلم .
كتبه : محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق