حكم شروط الإسكان الوظيفي:
——————
توفير الإسكان للموظف مقابل العمل الذي يؤديه، ويكون غالبا عبر: ١) إعطاء الموظف مبلغا معينا يسمى بدل سكن. ٢) إعطاء الموظف قرضا حسنا يقتطع من الراتب. ٣) تأجير الموظف وحدة سكنية تنتهي غالبا بالتمليك. ٤) توفير السكن من خلال المجمعات السكنية التابعة للمؤسسة التي يعمل فيها الموظف مدة عمله مع المؤسسة.
وهذه البنود الأصل فيها الإباحة والجواز، اللهم إلا ترتب على قرض الموظف قصداً غير الإرفاق والإحسان ، وإنما من أجل أن يكون حافزاً له في الاستمرار في عمله، وحوافز تشجيعيه لبذل أكثر مما يجب عليه في عمله من أجل القرض .
فإن من الشركات من تقوم بقرض موظفيها من أجل استقطاب بقائهم وعدم تمكنهم من الاستقالة حتى يتم سدادها لا توثقة لدينها وقرضها وإنما من أجل عدم الانسحاب من هذه الشركة إلى شركات أكثر مميزات .
والقاعدة المجمع عليها : كل قرض جر نفعاً فهو ربا.
فالقرض الذي لا يقصد به الرفق والإحسان من المقرض ، وإنما يقصد به الربح والاتجار ، فهو عقد رباً محرم .
ويعرف ذلك من خلال تصريح الشركة ، أو من الدلائل والقرائن المحتفة بهذا العقد .
——
فإذا تملك عقاراً عن طريق تلك الشركة بالطرق الشرعية هل له أن يؤجره لغيره؟ أو يسكن غيره فيه بلا مقابل؟ أو أنه يملك الانتفاع الشخصي فقط بأن يسكن هو فيه فحسب؟
فالجواب : نعم له ذلك ، ولو خالف شرط الشركة .
لأنه إذا كان في العمرى والرقبى شرط بعد ما زال ملك الشركة فلم يؤثر، كما لو شرط بعد لزوم العقد شرطاً ينافي مقتضاه ، فههنا من باب أولى ، إذ لا ملك للشركة أصلاً إلا في صورة أن تعطيه أرضاً مملوكة لها شرعاً، ومع ذلك لا عبرة بهذه الشروط حتى في تلك الصورة .
فإن قيل : بأنه إنما أزال ملكه على هذا الشرط، لا بعد خروجه من ملكه،
فالجواب : على فرض ذلك ، فإن الشرط فسد لمخالفته الحكم الشرعي .
وعلى هذا هل يقاس على ذلك كل هبة مقيدة : تصح الهبة ويبطل الشرط - كما هو المذهب عند الحنابلة - ، مع أن الأصل أن المالك لا يخرج من ملكه إلا ما أذن فيه.
فالجواب : نعم يبطل الشرط وتصح الهبة، لأن الإذن الشرعي مقدم على الإذن الشخصي .
ولا يشكل على ذلك العارية ، لأنهاليست هبة وإنما هي : إباحة نفع ، لا تمليك لرقبة الشيء وعينه .
وقد تقدم ذلك في العمرى والرقبى .
وبناء على ذلك فشروط الشركة في عدم تأجير العقار الذي قامت بإقراضه فيه، أو عدم إسكان غيره فيه، ونحو ذلك لا عبرة به ، لأن القرض كان بقصد الرفق والإحسان فلا يترتب عليه عوض معتبر حتى لا ينتقل إلى المعاوضة في القرض فيكون من الربا .
ولأن هذه الشروط في البيع من البائع غير معتبرة على المشتري ، كما أن الشروط في هبة العمرى والرقبى في رجوع العين بعد وفاة الموهوب غير معتبرة فكذا ههنا من باب أولى .
وقد سبق في حكم التوكيل أو الإنابة في العمل
قاعدة : كل ما لا يفوت به مقصود صحيح للأصيل ، جاز له التوكيل بإذن أو بغير إذنه - حتى وإن نهاه - . وينبني على هذا جواز إنابة إمام المسجد لغيره. بمن هو مثله أو مقارب له أو أفضل منه، بمال أو بدون.
فإذا كان ذلك في الإنابة ففي الملك من باب أولى .
وعلى هذا يجوز تأجير الإسكان الوظيفي حتى ولو نهي عنه.
والله أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق