حكم من احرم بالحج أو العمرة ثم رفضها ، ثم حج أو اعتمر بعد ذلك ، هل تقع إتماماً لحجته أو عمرته الأولى ، أم تقع عن عمرة وحجة جديدة، ويجب عليه قضاء ما أحرم به أولاً؟:
————————
1 - من أحرم بالحج أو العمرة ثم خرج منها - لجهله بعدم وجوب إتمامهما - قبل تمام أركانهما، فما وقع من عمرة أو حج بعد ذلك الرفض فهو إتمام لما أحرم به سابقاً ، ولا يقع مستقلاً عن الأول ، فلا تعتبر عمرة أو حجاً جديداً، بل هو إتمام لإحرامه الأول .
2 - وذلك لأن الحج أو العمرة لا ترفض برفض المحرم بهما ، لقوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله) وقد نزلت قبل فرضية الحج.
3 - ولأن من دخل الحج أو العمرة ، وشرع فيهما ، فكأنه نذرهما ، لقوله تعالى :( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ).
4 - من علم بأن الحج أو العمرة لا يمكن رفضهما ، ثم رفضهما قبل إتمام أركانهما ، فعليه بكل محظور فدية ، وإذا فعل ما يفسدهما فعليه الإتمام في فاسدهما ، والقضاء، والدم، كما أجمع عليه الصحابة في ذلك .
ومن كان جاهلاً ظاناً أنهما يرفضان بالرفض، فيعذر عن المحظورات التي فعلها لجهله، حتى ولو كان جماعاً.
لعدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم المحرم -الذي تمخط بالطيب ولبس الجبة - بالفدية، بل أمره بإزالتهما، ولم يأمره بالفدية ، لجهله بالحكم .
5 - من زوج موليته وهو محرم لا ينعقد إحرامه ،لحديث :( لا ينكح المحرم ولا ينكح )
فمن رفض الحج أو العمرة ثم أتى بعمرة أو حج كان متماً لحجته أو عمرته ، ووقع تزوجيته لموليته بعد الانتهاء من نسكه .
6 - من رفض الحج أو العمرة بعد الانتهاء من أركانهما ، وجب عليه الدم بترك الواجب ، ولا يلزمه الإتمام، وما وقع له من حج أو عمرة بعدهما فهو حج وعمرة مستقلة جديدة .
7 - قال ابن قدامة ـ رحمه الله: التحلل من الحج لا يحصل إلا بأحد ثلاثة أشياء: كمال أفعاله، أو التحلل عند الحصر، أو بالعذر إذا شرط ـ وما عدا هذا فليس له أن يتحلل به، فإن نوى التحلل لم يحل ولا يفسد الإحرام برفضه، لأنه عبادة لا يخرج منها بالفساد، فلا يخرج منه برفضها بخلاف سائر العبادات، ويكون الإحرام باقيا في حقه تلزمه أحكامه، ويلزمه جزاء كل جناية جناها عليه. انتهى.
8 - قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام في باب "ما لا يقبل التداخل": ...أو أدخل حجا على حج أو عمرة على عمرة.... انعقد له حج واحد وعمرة واحدة. انتهى
9 - ولأن العبرة في الحج أو العمرة بأفعال المحرم لا بنيته في الأعم الأغلب .
كمن حج عن غيره ولم يحج عن نفسه ، انقلب الحج لنفسه:( لبيك عن شبرمة ).
وكمن وقف بعرفة وقد جهل كونها عرفة ، صح وقوفه .
وكمن نوى الإفراد وهو قد اعتمر من عامه ولم يسافر وقع حجه متمتعاً .
وهل هذا تخفيف فقط في النية في الحج والعمرة ، أو العبرة بما في نفس الأمر أو بطن المكلف أو بهما معاً ، تحتمل .
وخصوصاً عند من يرى اشتراط نية لطواف الإفاضة أو العمرة أو الوداع ، فإنه لا يفرق بينهما إلا بالنية ، أما ما لا يمكن حمله إلا عليه شرعاً، وقع على مراد الشرع فيكون فعله مقيداً بالشارع على أنه له، حتى ولو نوى غيره، أما ما لم يتعين عليه فعله عليه من الشارع فلا بد من تحديده بالنية لتتميز العبادة عن العبادة الأخرى المماثلة لها .
ولا يشكل هذا في نية السعي الخاصة بكونه سعياً، لأن العبرة بالفعل لا بالنية في الحج أو العمرة عند تعارض النية والفعل المتعين على المحرم فعله شرعاً، أو عند عدر الإنسان عن نيته لعدم معرفته بكون البقعة التي وقف عليها من عرفة مثلاً.
وبهذا تتقيد قاعدة : العبرة بأفعال المحرم لا بنيته ، والله أعلم .
كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .