إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

آخر المشاركات


 حكم من احرم بالحج أو العمرة ثم رفضها ، ثم حج أو اعتمر بعد ذلك ، هل تقع إتماماً لحجته أو عمرته الأولى ، أم تقع عن عمرة وحجة جديدة، ويجب عليه قضاء ما أحرم به أولاً؟:

————————

1 - من أحرم بالحج أو العمرة ثم خرج منها - لجهله بعدم وجوب إتمامهما - قبل تمام أركانهما، فما وقع من عمرة أو حج بعد ذلك الرفض فهو إتمام لما أحرم به سابقاً ، ولا يقع مستقلاً عن الأول ، فلا تعتبر عمرة أو حجاً جديداً، بل هو إتمام لإحرامه الأول .


2 - وذلك لأن الحج أو العمرة لا ترفض برفض المحرم بهما ، لقوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله) وقد نزلت قبل فرضية الحج.


3 - ولأن من دخل الحج أو العمرة ، وشرع فيهما ، فكأنه نذرهما ، لقوله تعالى :( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ).

4 - من علم بأن الحج أو العمرة لا يمكن رفضهما ، ثم رفضهما قبل إتمام أركانهما ، فعليه بكل محظور فدية ، وإذا فعل ما يفسدهما فعليه الإتمام في فاسدهما ، والقضاء، والدم، كما أجمع عليه الصحابة في ذلك .

ومن كان جاهلاً ظاناً أنهما يرفضان بالرفض، فيعذر عن المحظورات التي فعلها لجهله، حتى ولو كان جماعاً.

لعدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم المحرم -الذي تمخط بالطيب ولبس الجبة - بالفدية، بل أمره بإزالتهما، ولم يأمره بالفدية ، لجهله بالحكم .


5 - من زوج موليته وهو محرم لا ينعقد إحرامه ،لحديث :( لا ينكح المحرم ولا ينكح ) 

فمن رفض الحج أو العمرة ثم أتى بعمرة أو حج كان متماً لحجته أو عمرته ، ووقع تزوجيته لموليته بعد الانتهاء من نسكه .


6 - من رفض الحج أو العمرة بعد الانتهاء من أركانهما ، وجب عليه الدم بترك الواجب ، ولا يلزمه الإتمام، وما وقع له من حج أو عمرة بعدهما فهو حج وعمرة مستقلة جديدة .


7 - قال ابن قدامة ـ رحمه الله: التحلل من الحج لا يحصل إلا بأحد ثلاثة أشياء: كمال أفعاله، أو التحلل عند الحصر، أو بالعذر إذا شرط ـ وما عدا هذا فليس له أن يتحلل به، فإن نوى التحلل لم يحل ولا يفسد الإحرام برفضه، لأنه عبادة لا يخرج منها بالفساد، فلا يخرج منه برفضها بخلاف سائر العبادات، ويكون الإحرام باقيا في حقه تلزمه أحكامه، ويلزمه جزاء كل جناية جناها عليه. انتهى.


8 - قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام في باب "ما لا يقبل التداخل": ...أو أدخل حجا على حج أو عمرة على عمرة.... انعقد له حج واحد وعمرة واحدة. انتهى


9 - ولأن العبرة في الحج أو العمرة بأفعال المحرم لا بنيته في الأعم الأغلب .

كمن حج عن غيره ولم يحج عن نفسه ، انقلب الحج لنفسه:( لبيك عن شبرمة ).


وكمن وقف بعرفة وقد جهل كونها عرفة ، صح وقوفه .

وكمن نوى الإفراد وهو قد اعتمر من عامه ولم يسافر وقع حجه متمتعاً .


وهل هذا تخفيف فقط في النية في الحج والعمرة ، أو العبرة بما في نفس الأمر أو بطن المكلف أو بهما معاً ، تحتمل .


وخصوصاً عند من يرى اشتراط نية لطواف الإفاضة أو العمرة أو الوداع ، فإنه لا يفرق بينهما إلا بالنية ، أما ما لا يمكن حمله إلا عليه شرعاً، وقع على مراد الشرع فيكون فعله مقيداً بالشارع على أنه له، حتى ولو نوى غيره، أما ما لم يتعين عليه فعله عليه من الشارع فلا بد من تحديده بالنية لتتميز العبادة عن العبادة الأخرى المماثلة لها .

ولا يشكل هذا في نية السعي الخاصة بكونه سعياً، لأن العبرة بالفعل لا بالنية في الحج أو العمرة عند تعارض النية والفعل المتعين على المحرم فعله شرعاً، أو عند عدر الإنسان عن نيته لعدم معرفته بكون البقعة التي وقف عليها من عرفة مثلاً.

وبهذا تتقيد قاعدة : العبرة بأفعال المحرم لا بنيته ، والله أعلم .


كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .

 

حكم من قتل ثم عوفي عنه بشرط دفع مبلغ معين ، فمات القاتل قبل تمام الدفع .

—————-

فمثلاً: رجل قاتل وتنازل الورثة مقابل خمسة مليون بشرط أن له مدة سنة ، وإن لم يتم فلهم الحق بمطالبتهم بالقصاص، فجمعوا أربعة مليون ثم مات القاتل قبل تمام الخمسة مليون ، هل يستحق الورثة الأربعة مليون؟

—————-

الذي يظهر لي والعلم عند الله تعالى : أن الورثة لا يستحقون الأربعة مليون المجموعة في الحساب نظير تنازلهم بشرط تمام الخمسة مليون خلال العام .


بمعنى : فات محل التنازل قبل تمام الشرط، فلا يستحقون المجموع في الحساب مقابل التنازل .


وذلك للأسباب التالية :


1 - أن القاعدة في ذلك : الطلاق المعلق كالطلاق المنجز .

فالمرأة التي علق طلاقها بتمام عام من وقت الطلاق، لا تطلق من زوجها حتى يتم العام .

فكذلك ههنا هذه النفس لم يتم التنازل عنها إلا بتمام الخمسة مليون قبل تمام العام، والتنازل لم يتم بعد ، لفواته بموته قبل تمامه ، فتثبت لهم الدية في مال القاتل فقط.


2 - الأصل في الشروط الصحة ، لقوله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود )، إلا ما الدليل على بطلانه ، كالشرط في الهبة، لحديث العمرى والرقبى - وقد تقدم حكمها -.

وههنا ليس فيها هبة ، وإنما هي عقد معاوضة ، وفي الحديث:( من قتل له قتيل ، فهو بخير النظرين ، إما أن يعفو ، وإما أن يأخذوا الدية، وما صولحوا عليه ، فهو لهم ).

وهذا صلح معاوضة ، فله حكم المعاوضات لا التبرعات .


3 - ولأن القاعدة : العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني .

فلو قال الورثة : تنازلنا عنه بشرط أن يدفع الخمسة مليون في هذا العام أو السنة الهجرية ، فهو بمعنى : لا تنازل عنه حتى يدفع الخمسة مليون في ذلك العام .


فلا يأت من يأخذ باللفظ الأول : تنازلنا ، ويحكم به ، ويقول : ثبت التنازل فلا يحق لهم المطالبة بالقصاص، وبقي المال إما الدية أو الصلح المتفق عليه.

فالجواب : أن في هذا إبطال للنص:( وما صولحوا عليه فهو لهم )

إذ بهذا الفهم لا يحق لهم إلا الدية فقط بهذا الصلح ، وكذلك عدم اعتبار الشرط بدفع المبلغ في تلك المدة ، إبطال للصلح الذي اعتبره الشارع .

والقاعدة : أي اجتهاد يعود على النص بالإبطال ، فهو باطل .


4 - القاعدة : تبدل الأسباب منزل منزلة تبدل الذات ، فالموت تم بسبب الوفاة الطبيعية ، لا بسبب القصاص، فكيف يستحق الورثة مبلغ الصلح على شيء لم يتم من قبلهم .

وفي الحديث:( بأي حق تستحل ماله ).


5 - أن الاتفاق على أخذ المال بدل التنازل لم يتم بعد، والقاعدة : أن الشيء لا يتم إلا بوجود شروطه ، وإنتفاء موانعه .

وههنا وجد المانع من استيفاء الحق قبل تحقق الشرط، لفوات المحل .


6 - فإن قيل : إن الورثة لا يملكون المطالبة بالقصاص في تلك المهلة ( مدة عام ) بعد تنازلهم نظير المال المتفق عليه في ذلك العام )، فكذلك لا يملكونه بعد حصول الوفاة .

نظير زيادة مدة حياته بعد وجوب القصاص عليه .


فالجواب : لا يملك الورثة تنفيذ القصاص عليه ، والمطالبة به في تلك المهلة، لكونهم رضوا بها حتى يجمع المال في فك رقبته .

فالمهلةتمت منهم بعقد لا يملكون الرجوع فيه، وإنما يملكون تنفيذ القصاص بعد انتهاء تلك المهلة .

وتأخير القصاص عن القاتل قبل العفو عنه ، لا يعني العفو المطلق ، فإن حقوق المخلوقين لا تسقط بالتقادم .

والله أعلم.


كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .

 

حكم تأجيل الحمل إلى فترة سنة أو أكثر دون مبرر أو حاجة :


حكم العزل :

—————-

1 - في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ذُكِرَ ذلِكَ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ - يعني العَزلَ - قالَ: فلِمَ يفعلُ أحدُكُم؟ ولَم يقُلْ فلا يفعَلْ أحدُكُم، فإنَّهُ ليسَت من نَفسٍ مَخلوقةٍ إلَّا اللَّهُ خالقُها ).


وفي لفظ : ذُكِرَ العَزْلُ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: وَما ذَاكُمْ؟ قالوا: الرَّجُلُ تَكُونُ له المَرْأَةُ تُرْضِعُ، فيُصِيبُ منها، وَيَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ منه، وَالرَّجُلُ تَكُونُ له الأمَةُ فيُصِيبُ منها، وَيَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ منه، قالَ: فلا علَيْكُم أَنْ لا تَفْعَلُوا ذَاكُمْ، فإنَّما هو القَدَرُ. 


ولفظ مسلم : - ‏عَنْ ‏‏ابْنِ مُحَيْرِيزٍ ‏‏أَنَّهُ قَالَ ‏: ‏دَخَلْتُ أَنَا ‏وَأَبُو صِرْمَةَ ‏عَلَى ‏أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ‏فَسَأَلَهُ ‏ ‏أَبُو صِرْمَةَ ‏فَقَالَ : يَا ‏ ‏أَبَا سَعِيدٍ ،‏ ‏هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَذْكُرُ‏ ‏الْعَزْلَ ‏، ‏فَقَالَ : نَعَمْ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏غَزْوَةَ ‏ ‏بَلْمُصْطَلِقِ ‏، ‏فَسَبَيْنَا كَرَائِمَ ‏ ‏الْعَرَبِ ‏، ‏فَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ فَأَرَدْنَا أَنْ ‏ ‏نَسْتَمْتِعَ ‏، ‏وَنَعْزِلَ ، فَقُلْنَا : نَفْعَلُ وَرَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بَيْنَ أَظْهُرِنَا ‏، ‏لَا نَسْأَلُهُ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏فَقَالَ ‏: ‏لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ خَلْقَ نَسَمَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا سَتَكُونُ . 


- ‏عَنْ ‏جَابِرٍ ‏أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏فَقَالَ : إِنَّ لِي ‏‏جَارِيَةً ‏ ‏هِيَ خَادِمُنَا وَسَانِيَتُنَا ، وَأَنَا ‏‏أَطُوفُ ‏‏عَلَيْهَا ، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ فَقَالَ ‏: ‏اعْزِلْ ‏‏عَنْهَا إِنْ شِئْتَ فَإِنَّهُ ‏سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا ، فَلَبِثَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ : إِنَّ ‏‏الْجَارِيَةَ ‏قَدْ حَبِلَتْ ، فَقَالَ : قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ ‏سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا .  


2 -عن جابر - رضي الله عنه - قال: كنا نعزل والقرآن ينزل، لو كان شيئًا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن.


3 - حديث : أن الرسول ﷺ نهى أن يعزل الرجل إلا بإذن الحرة ).


رواه أحمد وفي إسناده رجل مجهول، لكن المعنى صحيح من حيث المعنى؛ لأن لها حقًّا في الولد، هما شركاء في الولد.


4 - حديث أبي سعيد :( أنَّ رجُلًا قالَ : يا رسولَ اللَّهِ إنَّ لي جاريةً وأنا أعزِلُ عنها ، وأنا أَكرَهُ أن تحمِلَ ؟ وأنا أريدُ ما يريدُ الرِّجالُ وإنَّ اليَهودَ تُحدِّثُ أنَّ العزلَ موءودةٌ صُغرى قالَ : كذَبَتْ يَهودُ ! لو أرادَ اللَّهُ أن يَخلُقَه ما استَطعتَ أن تصرِفَهُ). وفي سنده اختلاف.


5 - - ‏عَنْ ‏‏جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ أُخْتِ عُكَّاشَةَ ‏‏قَالَتْ ‏: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِي أُنَاسٍ وَهُوَ يَقُولُ ‏: ‏لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنْ ‏الْغِيلَةِ ‏فَنَظَرْتُ فِي ‏ ‏الرُّومِ ‏ ‏وَفَارِسَ ‏فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أَوْلَادَهُمْ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ ذَلِكَ شَيْئًا ، ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنْ ‏ ‏الْعَزْلِ ‏فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :‏ ‏ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ ‏. 


‏زَادَ ‏ ‏عُبَيْدُ اللَّهِ ‏ ‏فِي حَدِيثِهِ عَنْ الْمُقْرِئِ وَهِيَ ‏: " ‏وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ‏" . رواه مسلم .

والغيلة : أن ترضع المرأة وهي حامل .

والجمع بين حديث جذامة، وبقيت الأدلة على حمل العزل على الكراهة إلا لحاجة.

وأما إذا كان يضر بأحد الطرفين ، فينهى عنه نهي تحريم لحديث:( لا ضرر ولا ضرار )

وذلك فيما إذا كان الضرر محققاً، غير يسير ، ولم يكن الضرر بحق .


وبناء على ما سبق فلا بأس بتأخير الإنجاب السنة ونحوها بإذنهما للحاجة أو الضرورة، وكذلك بغيرهما مع الكراهةً، أما مع وجود الضرر لهما أو لأحدهما بشروط الضرر السابقة فلا يجوز، والقاعدة : إذا اجتمع حاظر ومبيح غلب جانب الحظر .


قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى ( 32 / 110 ):" وأما العزل فقد حرمه طائفة من العلماء ; لكن مذهب الأئمة الأربعة أنه يجوز بإذن المرأة. والله أعلم".


تنبيه : لا يجوز للمسلم أن يسيء الظن بربه عز وجل في عدم رزق الذرية ، كما هو ظن الجاهليين في الجاهلية الأولى ، فما من دابة إلا على الله رزقها.


 كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .

 

حكم من دفع رسوماً شهرية ليكون له سمساراً في بيع سلعه :

————————————-

الخلاصة : جواز هذه المعاملة .

——————————————

صورة المسألة : تعلن مثلاً شركة تايوتا أنها ستعطي بعض الأفراد تطبيقها الخاص ليبيع من خلاله السلع التابعة لها لمن يرغب فيها على أن تكون له أجرة السعي بالنسبة أو مقطوعة شريطة أن يدفع الذي يمنح له هذا التطبيق رسوماً شهرياً : ألف ريال عن كل شهر ، فما حكمها ؟


——————————

@ تكييف المسألة :

أجرة سمسرة للعميل بشرط أن يستأجر من الشركة مدة انتفاعه في هذه المدة من التطبيق .


1 - الإشكال الأول في هذه المعاملة : كونها جمعت بين عقدين في آن واحد، وهو عقد المعاوضة الأول : أن يكون سمساراً للشركة، 

وعقد معاوضة ثاني : وهو استئجار العميل منفعة التطبيق برسوم شهرية.

وقد منع جمع من الفقهاء : عقدين في عقد واحد، أو شرطين في عقد واحد، لحديث :( نهى عن بيعتين في بيعة ) ، وحديث( لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع).

والأظهر جواز ذلك ما لم يترتب على اجتماعهما محظوراً شرعياً، كمن يبيع داره بثمن على أن يقرضه مالاً آخر ، فهو يؤدي إلى الريا، كأنه إنما أقرضه ، لمنفعة تعود عليه من رخص ثمن داره .


2 - الإشكال الثاني : أنه يؤدي إلى بيع مال من الأموال التي يجري فيها الربا ، بمال يجري فيه الربا من جنس واحد ، ومع أحدهما من غير جنسه، كبيع درهم ومد عجوة ، بمدي عجوة.


بمعنى : أنه حتى المستأجر يدفع للشركة-الرسوم-؛ وهي بدورها تدفع له أجر الدلالة؛ فيكون نقد مع عمل يقابله نقد.


والجواب : أن العميل دفع للشركة مقابل منفعته بالعمل معها، والشركة دفعت له النقد مقابل عمله لها .

والقاعدة : اختلاف الأسباب بمنزلة اختلاف الأعيان.


أي: تبدل سبب الملك قائم مقام تبدل الذات .


لحديث:( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هل عندكم شيء، قالوا :( لا) إلا لحم تصدق به على بريرة، فقال 

(هو عليها صدقة، ولنا هدية ).


فأقام - صلى الله عليه وسلم - تبدل سبب الملك من التصدق إلى الإهداء، فيما هو محظور عليه، وهو الصدقة، مقام تبدل العين.


وفي مسألتنا : ليس فيها درهم بدرهم ومع أحدهما من غير جنسهما، بل هي منفعة للعميل يدفع عليها دراهم ليكون للشركة سمساراً، ويأخذ الدراهم الأخرى لسبب آخر :وهو أجرة عمله لها ( السمسرة ).

وتبدل الأسباب ينزل منزلة تبدل الذوات .


3 - الإشكال الثالث : الجمع بين الإجارة والجعالة .

إذ الإجارة ينظر فيها الشارع إلى النتيجة، أي نتيجة العمل، بخلاف الإجارة ينظر فيها الشارع إلى العمل .


فهي تؤول لاشتراط عقد لازم في عقد جائز


فالسمسرة جعالة وهي من العقود الجائزة.

ودفع المبلغ الشهري للشركة من عقود الإجار لينتفع بالتطبيق في البيع في تلك المدة .


والجواب : وما المانع من اجتماع عقد الإجارة مع الجعالة في عقد واحد، لأن الأصل في البيوع الحل، إلا ما دل الدليل على تحريمه.


ولأن العقود الجائزة تنقلب إلى عقود لازمة عند وجود الضرر ، أو يضمن الفاسخ الضرر، وقد تقديم تقرير هذه القاعدة في كتاب القواعد الفقهية والأصولية - وهو مطبوع -.


4 - الإشكال الرايع : كيف يجوز دفع المال لمن له المنفعة.

إذ المتأصل في الفطر أنك تأخذ العوض في المعاوضات لمن تعمل عنده لا أن تدفع له أنت عوضاً على ذلك .

وكمن يريد العمل في المدارس الأهلية أو الخاصة ، وتقول نحن لا نوظفك عندنا حتى تدفع خمسة آلاف ريال مقدماً، ثم بعد ذلك نمنحك فرصة التوظيف وتأخذ على عملك مقابلً مادياً يتفق عليه بينهما .


والجواب : أن الدافع لمن عنده العمل يعمل عنده لمنفعة يرغبها ويحصل عليها حالاً أو مآلاً.


5 - إن العميل يدفع الرسوم الشهرية، وقد يجد من يشتري منه، وقد لا يجد ، فيكون في ذلك غرراً، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر .


والجواب : 


أن الغرر: كل معاملة تدور بين الغنم والغرم في أصل المال لا في ربحه.

أما في الربح فهو التجارة ، كما سبق تقريره في الفرق بين الغرر والتجارة .

فكل غرم متحقق في أصل المال من أجل ربح محتمل ، فهو غرر . 

وههنا ليست الخسارة في أصل المال ، حتى يكون غرراً، وأما الربح أو الخسارة في ربح المال مع وجود الأصل وهو السلعة أو المنفعة ، فهذه تسمى تجارة قابلة للربح والخسارة، لا غرراً .

وهنا السعي- موزع معتمد مقابل عوض - مشروط بشرائه سلعاً بمقدار معين من المال، ليحصل على أجرة السعي من تلك الشركة مقابل الشراء أو التوزيع، فهو بذل مال في سلعة - لا بذل مال مجرداً حتى يكون مال بمال ربوي - وإنما ليحصل على عمل يستحق عليه العوض ، فلا يكون ربا. ولا غرر فيه ، لعمله شيئاً معلوماً معروفاً بين الطرفين بشروط معينة .


وخلاصته : بذل مال ليكون سمساراً لهم في تلك السلعة، فإذا جاز أخذ السعي في مقابلة السعي، جاز ههنا، وكون السعي للدلالة على السلعة أو ليكون ساعياً، لا فرق.

وهنا بذل المال : في مقابلة ان يقوم بالتسويق.

بمعنى : بذل مال وعوضه منفعة كونه لهم سمساراً.


وعلى فرض كونه غرراً: فهو غرر يسير عرفاً، فهذه الرسوم بالنسبة لهذا العمل يسيرة عرفاً، مع أن الأعم الأغلب كون الأرباح كثيرة جداً، وفائدة الشركة من هذه الرسوم حصول الجد والاجتهاد ، وعدم الإهمال ، في تسويقه لسلعها.


ونظير هذه المسألة أيضاً:


هو كصاحب مخطط عرضه للبيع واشترط على من يرغب في الوساطة العقارية أن يستأجر منه المكاتب المخصصة لذلك

هنا فيه عقدان:

سمسرة عند حصول البيع 

وأجرة للمكتب.


وقد سبق بيان جواز التسويق الشبكي ، والرد على من خالف في جوازه بالتفصيل ، فليراجع .

والله أعلم .


كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .


 تأملات في قوله تعالى :( وخلقناكم أزواج ).


القواعد الأصولية ، والفقهية في الآية :

—————-

1 - قوله تعالى ( وخلقناكم ): الواو ههنا حرف عطف على ما سبق .

والخلق : الإيجاد من العدم ، ولا يوجد من العدم إلا الله ، ومن اعتقد أن هناك من يوجد من العدم غير الله تعالى فقد أشرك شركاً أكبر في توحيد الربوبية ، وبهذا نعرف خطأ القاعدة الفيزائية : الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم .

بل الموجد لها من العدم هو الله سبحانه وتعالى .


2 - يستلزم توحيد الربوبية توحيد الألوهية .

فتوحيد الربوبية : إفراد الله بأفعاله .

فتعتقد اعتقاداً جازماً : أن المالك الخالق المدبر هو رب العالمين وحده لا شريك له .


فتوحيد الربوبية متعلق "بأفعال الرب، والأمور الكونية؛ كالخلق، والرزق، والإحياء، والأمانة وغيرها". 


وتوحيد الألوهية متعلق "بأفعال المكلفين من صلاة، وصيام، ومحبة، وخوف، ورجاء، وأوامر، ونواهي، ومن واجب، ومحرم، ومكروه".

فإفراد الله تعالى بجميع العبادات الطاهرة والباطنة هو توحيد الألوهية .

والعبادة : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة منها والباطنة .


وتوحيد الأسماء والصفات : هو إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات ، في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ، ولا تعطيل ، (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ).


3 - ( أزواجاً): اسم للعدد الزوجي عكس الفردي، أي ذكراً وأنثى .

والزوج يطلق على الدكر والأنثى ، وفي الحديث:( ما حق زوج أحدنا عليه؟ ، قال: ( أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت).

وقال تعالى :( ( وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة …).


قال تعالى ( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى ).


ويطلق ويراد بالأزواج : الأصناف .

أصنافاً: في اللون ، واللسان ، والشكل .

أي: الأصناف المتقابلة: فيكون المراد منه كل زوجين و[ كل ] متقابلين من القبيح والحسن والطويل والقصير وجميع المتقابلات والأضداد، كما قال : ( ومن كل شيء خلقنا زوجين ).

وقال تعالى :( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم)


وقد يراد به : الخلق من مني الذكر والأنثى .


ولا شك أن الإطلاق الأول : هو الأعم الأغلب .

والقاعدة : النص يحمل على الأعم الأغلب .


والقاعدة : أن النص إذا كان يحتمل بأكثر من معنى بحسب أوضاع متعددة ، لم يحمل على أحد تلك المعاني إلا بدليل أو قرينة .


4 - كون الذكر والأنثى يطلق على كل واحد منهما زوج، لا يعني اشتراكهما في جميع الأحكام .

والقاعدة : الاشتراك في الاسم لا يعني الاشتراك في الحكم .

وبالإجماع أن الذكر أفضل من الأنثى من حيث الجنس، كما أن جنس العرب أفضل من جنس العجم بالإجماع ، قال تعالى :( وليس الذكر كالأنثى ).

وفرق بين العدل والمساواة ، فالشارع جاء بالعدل: وهو وضع الشيء في موضعه الذي له، ولم يأت بالمساواة بين الذكر والأنثى في كل شيء.


5 - قاعدة : ما ثبت للرجل ثبت للأنثى ، وما ثبت للأنثى ثبت للرجل من الأحكام إلا ما دل الدليل على تخصيصه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :( إنما النساء شقائق الوجال ).


6 - وفي قوله : وخلقناكم أزواجا إيماء إلى ما في ذلك الخلق من حكمة إيجاد قوة التناسل من اقتران الذكر بالأنثى ، وهو مناط الإيماء إلى الاستدلال على إمكان إعادة الأجساد ، فإن القادر على إيجاد هذا التكوين العجيب ابتداء بقوة التناسل قادر على إيجاد مثله بمثل تلك الدقة أو أدق . 


7 - وفيه استدلال على عظيم قدرة الله وحكمته ، وامتنان على الناس بأنه خلقهم ، وأنه خلقهم بحالة تجعل لكل واحد من الصنفين ما يصلح لأن يكون له زوجا ، ليحصل التعاون والتشارك في الأنس والتنعم ، قال تعالى : ( وجعل منها زوجها ليسكن إليها ) 



8 - وفي ذلك حمل لهم على الشكر بالإقبال على النظر فيما بلغ إليهم عن الله الذي أسعفهم بهذه النعم على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعريض بأن إعراضهم عن قبول الدعوة الإسلامية ومكابرتهم فيما بلغهم من ذلك كفران لنعمة واهب النعم .


   كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .

 

حكم الكافر الأصلي الذي ليس بينه وبين المسلمين عهد ولا ميثاق:

————————————

1 - الحربي ليس هو الذي يقاتل المسلمين فقط، بل كل كافر أصلي ليس بينه وبين المسلمين عهد ولا ميثاق يجوز قتله ، واسترقاقه، فإن كان قتاله عن طريق المعركة كان من الغنائم ، وتوزع حسب القسمة الشرعية . 

وإن كان عن طريق أفراد المسلمين ، كالأسير ينفك من الأسر، ويلحق بديار المسلمين ، ومعه منهم من أحد ، ضرب عليه الرق بعد حيازته ، صح له ذلك الاسترقاق .

والحيازة التي لم تحدد شرعاً مرجعها إلى العرف، إذ القاعدة : المعروف عرفاً كالمشروط لفظاً.


وكذا كل مباح مشترك بين المسلمين لا يملك لأحد أفرادهم إلا بعد حيازته، كالحطب ، والماء ، ونحوهما ، وفي الحديث : (المسمون شركاء في ثلاثة: الماء ، والكلأ، والنار ).


وكذا المباح الغير مشترك لا يملك إلا بحيازته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم - في الصحيح - :( من عمر أرضاً ميتة فهي له)، وفي السنن :( من أحيا أرضاً ميتة فهي له ).

فالأرض الموات المنفكة عن الاختصاصات ، وعن ملك معصوم ، لا تملك إلا بالحيازة، وهي الإحياء بحسب العرف .


2 - النهي عن إفراد قتل النساء والأطفال من الكفار لا يعني عدم جواز استرقاقهم .

فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن القوم يبيتون ومعهم النساء والأطفال ، فقال :( هم منهم ).


3 - في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغزو إذا طلع الفجر، فإن سمع أذاناً كف وإلا أغار ).

يدل على أن الكافر الذي ليس بينه وبين المسلمين عهد ولا ميثاق يجوز أن يقاتل ويقتل ، وإن لم يحارب المسلمين .


واستدل به الجمهور على أن دعوتهم قبل القتال مستحبة لا واجبة ، كما في حديث أبي بريدة عن أبيه مرفوعاً( إذا لقيت عدوك فادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم ، فإن أبوا : فادعهم إلى الجزية فإن أبوا فالقتال) محمول على الاستحباب .

والله أعلم .


   كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .


 حكم الزيادة على النفقة في هبة الأولاد :

———————


1 - نفقة الأب على أولاده تكون بحسب الحاجة لكل واحد منهم بحسب احتياجه، فيعطي من يحتاج إلى رضاعة رضاعة، ومن يحتاج إلى سيارة سيارة، ومن يحتاج إلى زواج أن يزوج ، وكل ذلك بحسب الحاجة .


2 - إذا أعطى الوالد الولد شيئاً فوق الحاجة ، دون بقية من يجب العدل بينهم من أولاده حسب ذلك من تركته على الأصح ، فإذا أعطى الولد شقة أو أرضاً تملكاً، مع أنه يمكن أن يسد حاجته بهبته ان يسكن فيها حتى تنتفي حاجته ثم يكون أسوة إخوته ، فقد زاده في الهبة عن الحاجة دون البقية فيحسب ما زاد من تركته .

لحديث( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ).

وفيه : ( اشهد غيري ، لا أشهد على جور ) 

وهذا من باب الاسنكار لهذا الفعل ، وعدم صحته وانعقاده ، لعدم العدل بين من يجب العدل بينهم من غير رضاهم .


وقد سبق بيان قاعدة : هل النهي يقتضي الفساد.

وتقرر : أن النهي في المعاملات إذا كان يعود لحق المخلوق لا يقتضي الفساد إذا امضاه صاحب الحق، وألا فله فسخه.

والقاعدة : مانهي عنه لظلم أحد المتعاقدين ، فإن المظلوم بالخيار بين الإمضاء والفسخ .

وهذا كثير جداً في المصراة ، وفي تلقي الجلب ، وفي غيره .

- وقد سبق تقرير هذه القاعدة في كتاب القواعد الفقهية والأصولية - .

- وبناء على القاعدة : نقول العقد ينعقد ويصح ، وللمظلوم الخيار بين الإمضاء والفسخ .

3 - من وهب سيارة لولده تملكاً، مع أن الواجب عليه توفير سيارة له لقضاء حاجاته بمنفعتها دون تمليكه هذه السيارة ، هذا من النفقة ، فإذا زاد عن النفقة بتمليك عين السيارة مع منفعتها ، ولم يعدل بين بقية أولاده فيما زاد عن منفعتها، رجع الورثة عليه بعد وفاة والدهم في عين السيارة دون منفعتها، إذ إن المنفعة من النفقة ، دون عين السيارة.

- والله أعلم .



كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .

 

حكم جمع الشعر على هيئة الكعكة فوق الرأس أو على الرقبة؟

—————————

الخلاصة : يجوز للمرأة وضع شعر رأسها على هيئة الكعكة .

—————————————————-

في صحيح مسلم : عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -ﷺ-:

«صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رءوسهن ‌كأسنمة ‌البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذ ».


( رؤسهن كأسنمة البخت المائلة ): هل هو لتحريم هذا الوصف، 


أو هو تحريم الكاسيات العاريات ،والمائلات المميلات ، وعلامة وجودهن عند ظهورهن بعد عصر النبوة مع اتصافهن بما سبق كون رؤوسهم كأسنمة البخت المائلة .

احتمالان 

على الاحتمال الثاني لا يفيد تحريم هذا الفعل، بكون رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة .


وعلى الاحتمال الأول / يفيد التحريم .

يؤيد التحريم

كون المحتمل للصفة المقيدة أو الكاشفة ، فالأصل فيه التقييد .


ويؤيده أيضاً قاعدة : التأسيس أولى من التأكيد .


ويدل على الاحتمال الثاني 

ما يلي :

1 - الأصل الجواز إلا ما دل الدليل على تحريمه، والنص يحتمل أكثر من معنى ، والقاعدة : النص إذا كان يحتمل معنيين بحسب أوضاع متعددة لم يحمل عليهما.


2 - أن هذه الثلاث أجزاء لعلة واحدة ، فيكون التحريم لمن جمع بينها وهي من كانت كاسية عارية ، مائلة مميلة، رأسها كأسنمت البخت المائلة ، وما عدا ذلك لا يدخل في نص تحريم هذا الحديث، وإن وجدت أدلة أخرى تدل على تحريم بعض أجزاء هذه العلة من دليل آخر ، ككونها مائلة مميلة .


—وقد سبقت قاعدة : فرق بين أجزاء العلة ، والعلل مجتمعة . فالأصل أن الحكم إذا علق على أوصاف متعددة مناسبة لتعليق الحكم عليها ، لا يجوز تعليق الحكم على بعض تلك الأوصاف دون بعض بلا دليل . ويعبر عن ذلك بأسلوب آخر وهو أن الشارع إذا علق الحكم على وصفين لا يجوز تعليقه على أحدهما دون الآخر ، وإذا علقة على ثلاثة أوصاف لا يجوز تعليقه على اثنين ، وهكذا. وذلك كقوله صلى الله عليه وسلم ( تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقوأها أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً) يستدل به الحنابلة على أن آخر وقت العصر الاختياري ينتهي بصفرار الشمس ، ويجاب عنه بالقاعدة السابقة : أن الحكم علق على أشياء متعددة فلا يصح تعليقه على بعضها دون بعض ، فيكون الراجح القول الآخر : وهو أن وقت الفضيلة ينتهي إلى إصفرار الشمس ، لحديث عبدالله بن عمرو مرفوعاً ( ووقت العصر مالم تصفر الشمس ) ويستمر وقت الجواز إلى غروب الشمس لقوله صلى الله عليه وسلم ( من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ). هذا مالم يقم الدليل على أن كل وصف إذا انفرد صالح أن يكون علة مستقلة لثبوت الحكم ، كوجوب الوضوء على من بال ، ونام نوماً عميقاً، وأكل لحم الإبل ، فإن كل وصف إذا انفرد استقل بوجوب الوضوء ، وإن وجدنا الشارع لا يرتب الحكم مع كل واحد من هذه الأوصاف بمفرده قلنا : هي علة واحدة مركبة من تلك الأوصاف—.

والذي يظهر لي الجواز وعدم تحريم هذا الفعل وهو وضع الشعر على هيئة الكعكعة للمرأة ما لم يصل ذلك إلى حد التبرج وهو إبراز المحاسن أمام الرجال الأجانب( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، ولقوله تعالى :( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن )، أو كان ذلك من باب الغش والتزوير في إبراز ما ليس على حقيقته ( المتشبع بما لم يعط كلبس ثوبي زور ) ، أو كان ذلك من الوصل الذي لعن الشارع فيه الواصلة والمستوصلة .


وذلك للأسباب التالية :

1 - أن الاستدلال بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - السابق على التحريم فيه نظر ، لكونه تطرق إليه الاحتمال المساوي أو الراجح فبطل به الاستدلال ، والقاعدة : النص إذا تطرق إليه الاحتمال الراجح أو المساوي بطل به الاستدلال .


2 - أن المراد بكون الشعر على هيئة الكعكة هو المراد من الحديث ( رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة) ، فيه نظر ، بل المراد من قوله : كأسنمة البخت المائلة أي من الهزال كما في الصورة 👇




وفي الحديث قال :( رؤوسهن ) 

ولم يقل : شعورهن .

وهذا يقوي ما ذهب إليه ابن الأثير .

قال رحمه الله : «هنّ الاتي يتعمَّمن بالمقانع على رؤوسهن، يكبّرنها بها. وهو من شعار المغنيات».


3 - أن الحديث وصف صنفاً لم يره النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعت فيه هذه الصفات الثلاث، فلا يدخل في نص الحديث من اتصف بأقل من هذه الصفات الثلاث، وإن أخذ تحريم بعض تلك الصفات من أدلة أخرى .


4 - الميل في الحديث للرؤوس لا للشعر، وإن كان يحتمل أن المراد به الشعر ، ولكنه حقيقة على الرأس ، ومجاز على الشعر ، والقاعدة : الأصل في الكلام الحقيقة .

وبما أنه يمكن حمله على الرأس في الميل ، فهو أولى من حمله على غيره، فيكون ذلك الميل للرأس بسبب الهزال ، كما سبق بيانه .


وهذا فيه نظر، لأنه خارج المتبادر للذهن، ولكون هذه الوصاف جرت مجرى الفسق والفجور والظهور والبروز لا على سبيل الهزال والضعف الغير موجب للبطر والفسق .


5 - وللقاعدة : وصف الشئ على العموم مع الذم ليس ذماً في ذاته .


كذكر النبي صلى الله عليه وسلم اناس ياتون اخر الزمان يصبغون كحواصل الطير 

ليس فيه ذما' للسواد ، وزيادة السواد في حديث( غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد ) شاذة، أي( وجنبوه السواد ).

كما وجهه الطحاوي وغيره


مع العلم بأن حمل الرأس في الحديث على الشعر احتمال وجيه وقوي و إليه ذهب جمع كثير من الفقهاء، ومع ذلك منهم من حمل ذلك على التحريم ، ومنهم من حمله على الكراهة ، ومنهم من يرى أن النهي لأمر خارج عن ذات ميل الشعر ، وإنما ذلك لكونه شعاراً للمغنيات ، أو لكونه تكثيراً للشعر على غير حقيقته، ومنهم من يرى أن هذا الوصف غير مؤثر بذاته وإنما هو وصف طردي ، وعلامة من العلامات عند تحقق ما قبله من الأوصاف، وهو في نظري أقرب .

والله أعلم .


كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .


 حكم السعي في الحج :

حكم السعي في العمرة :

—————-


السعي واجب وليس بركن في الحج ، وهو قول الحنفية، ورواية عن الإمام أحمد .

 لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى ( بما أهللت ، قال: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم ، قال:( أحسنت، فطف بالبيت وبالصفا والمروة وأحل).

وبما روي من حديث :( إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا) وإن كان سنده فيه ضعيف إلا أنه له ما يعضده من وجه آخر .

و:( كتب ) بمعنى فرض ، ولا فرق بين الفرض والواجب عند الجمهور إلا في موضعين أو ثلاثة عند بعضهم خلافاً للحنفية ، حيث إن الفرض عندهم آكد من الواجب .


وأما السعي في العمرة فركن بالإجماع ، قال الوزير : أجمعوا على أن أفعال العمرة ، من الإحرام ، والطواف ، والسعي ، أركان لها .

وكذا حكى الإجماع في ركنية السعي في العمرة ابن العربي، واستغربه ابن حجر في الفتح ، وهذا الإجماع لا يصح، لثبوت المخالف .

ولو صح الإجماع لكان دليلاً للجمهور في ركنية السعي في الحج ، لحديث:( دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ).

وبما أن الإجماع لم يصح ، فإن السعي في العمرة والحج واجب ، فيكون حكمهما واحد .


وحديث أبي موسى - السابق - ( فطف بالبيت وبالصفا والمروة وحل) والأمر يدل على الوجوب، وقوله ( وأحل) دليل على عدم حصول التحلل بدونه).


وأما كونه ركن فيحتاج إلى دليل يدل على الشرطية، 

وأما قول عائشة رضي الله عنها ( ما أتم الله حج امريء ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة ) 

فهو اجتهاد منها وليس مرفوعاً، وعلى فرض كونه حجة فلا يعني الركنية بل يحتمل الوجوب، نظير حديث ( من شهد صلاتنا هذه ووقف موقفنا هذا وكان قد وقف قبل ذلك بعرفة ساعة من ليل أو نهار. فقد تم حجه …) فمنه الركن ومنه الواجب.


كما يحتمل معنى آخر : بمعنى من فاته السعي بدون عدر في الحج أو العمرة فقد فاته خيراً كثيراً، وهو أسلوب من أساليب العرب ، تعبر به عمن فاته خيراً كثيراً حتى وإن لم يكن ركناً ولا واجباً عليه .


مع العلم أنه قدسبق في كتاب القواعد الفقهية والأصولية : بأن قول الصحابي المجرد ليس بحجة في الأحكام الشرعية، وإينما يستأنس به .


أضف إلى ذلك أن هذا الاجتهاد من عائشة رضي الله عنها منقوض باجتهاد غيرها من الصحابة في كون السعي من السنن في الحج لا من الفرائض والواجبات كابن عباس وغيره - رضي الله عنهم جميعاً-.


وذهب بعض السلف من الصحابة ومن بعدهم إلى كون السعي في الحج والعمرة سنة ، استدلاً بقوله تعالى :( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) 

وفي قراءة :( أن لا يطوف بهما ).


والجواب : أن الصحابة قبل حجة الوداع كانوا يتحرجون من الطواف بين الصفا والمروة لوجود الأصنام عليهما ، فنفى الله تعالى عنهم الحرج بهذه الآية .

والقاعدة : ما كان لرفع التوهم فلا مفهوم له .

وهي داخلة تحت القاعدة الأصولية العامة :

التخصيص إذا كان له سبب غير اختصاص الحكم به لم يبق مفهومه حجة .


وأيضاً:( قراءة ابن كثير ومن وافقه ، محمولة على ما كان قبل فرضية الحج ، حيث كان تطوعاً، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم :( إن الله كتب عليكم الحج فحجوا )، فقال الأقرع بن حابس - وهو ممن أسلم متأخراً- ،( أفي كل عام يا رسول الله )، فقال :( لو قلت نعم لوجبت ، الحج مرة، وما زاد فهو تطوع ).

والله أعلم .


كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .


 قاعدة : لا يجوز فرض العمومات في المضمرات:


المراد بآل محمد في التحيات :

——————-

الكلام الذي لا يصح إلا بمضمر ، له أحوال :


1 - أن يكن المضمر معلوماً بدليل أو قرينة ، فهذا لا إشكال فيه ، إذ المضمر معلوم ، 

والقاعدة فيه : حذف ما يعلم جائز .

( حرمت عليكم أمهاتكم ): أي الزواج منهن، وليس المراد تقبيلهن .


2 - أن يكن المضمر يحتمل أكثر من معنى بحسب وضع واحد ، فيحمل على كلا المعنيين المحتملين فيه ، ومن ذلك حديث : أن فأرة وقعت في سمن ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :( ألقوها وما حولها وكلوه ) .

وزيادة في( سمن جامد ) فيها ضعف .

فيحتمل أن يكن السمن جامداً أو مائعاً، فيحمل على كلا المعنيين .

وهي قاعدة : حذف المتعلق مشعر بالعموم .

وهي قاعدة : ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم من المقال .


3 - أن يكن المضمر يحتمل معنيين فأكثر بحسب أوضاع متعددة ، فلا يحمل على أحد تلك المعاني إلا بدليل أو قرينة .

ومن ذلك حديث :( اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد …)

فإن آل محمد ، يحتمل : قرابته، 

ويحتمل : أتباعه، 

ويحتمل أزواجه وذريته .


والمراد به في هذا الحديث في التشهد : هم أزواجه وذريته على الأرجح ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - كما فسرتها الرواية الأخرى في صحيح مسلم :( اللهم صل على محمد ، وعلى أزواجه وذريته ).


وهي قاعدة : لا يجوز فرض العمومات في المضمرات .


أ . د. محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .


 أثر التوبة في إسقاط حق الآدمي:

—————


حقوق الآدميين لا تسقط إلا بإسقاطهم عند الجمهور .

 لحديث:( الشهيد يغفر له بأول قطرة تخرج من جسده إلا الدين ).


ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( الصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان ، والعمرة إلى العمرة مكفرات لما بينهن ما لم تغش الكبائر، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).

قالوا : فإذا كانت الصلوات الخمس التي هي الركن الثاني، لا تكفر إلا الصغائر، فغيرها من باب أولى لا تكفر إلا الصغائر ، وحقوق الإدميين ليست من الصغائر :( إن دماءكم وأموالكم ، وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا )، والغيبة من كبائر الذنوب : وهي ذكرك أخالك بما يكره.

ومن أسباب عذاب القبر النميمة :( وأما الآخر فكان يمشي بين الناس بالنميمة ).


والقول الآخر يسقط بالتوبة مطلقاً، وهو في نظري أقرب لأدلة منها( والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)( رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) بعد أن ذكر الصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة ) وذكر قيد :( ما لم تغش الكبائر)، ثم ذكر الحج بلا قيد ، نظير ( سيقولون ثلاثة ….رجماً بالغيب)، ثم ذكر الله تعالى ( ويقولون سبعة ثامنهم كلبهم) ولك يقل بعدها رجماً بالغيب، وقاله سبحانه في التي قبلها من العدد.

﴿ سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا﴾


وعلى القول الأول : إذا ترتب على ذكره له بغيبته مفسدة أعظم يكتفي بالقول الثاني.


وأما الدين فإنه مستثنى بنص الحديث ، ولكن يقاس عليه غيره من حقوق العباد ، يحتمل ، ويحتمل : لا، وذلك لأن الموانع من مغفرة الدين لمن مات شهيداً لو كانت غير الدين من حقوق العباد لذكرها صلى الله عليه وسلم ، ولما خص الدين بالذكر ، والقاعدة : لا يستدل بالأخص على الأعم ، وإنما يستدل بالأعم على الأخص.

والله أعلم.

كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .

 

حكم ذبح الذبيحة لإكرام الضيف :


تعريف البخل وضابطه :

——————————————-


البخيل : هو الذي يترك ما ينبغي شرعاً وعرفاً.


فإن الأعراف التي لا تخالف الشرع من الشرع .

ولذلك قرر العلماء قاعدة : العادة محكمة .

لقوله تعالى :( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين).

وقال تعالى عن إبراهيم :( فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين ).


وإكرام الضيف : حسب العرف، فإذا كان العرف يقتضي ذبح الذبيحة له ، فلم يفعل كان ملاءماً شرعاً وعرفاً.

قال صلى الله عليه وسلم :( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)

والقاعدة : مالم يحدد في الشرع فالمررجع في تحديده إلى العرف)

وفي الحديث الآخر :( فإن أمروا لكم بما يؤمر للضيف فاقبلوا منهم ، وإلا فاخذوا الحق الذي لكم)، ولكن شريطة أن لا يترتب عليه مفسدة أكبر ، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح .

والقاعدة : المباح مشروع مالم يترتب عليه فتنة .


والعادات معتبرة ما لم تخالف الشرع ، وكذا في تقدير النفقة ، وكيفيتها مرجع ذلك العرف الذي يختلف من زمان إلى زمان، ومن مكان إلى آخر ، وفي حديث هند بنت عتبة :( خذي ما يكفيك وبنيك بالمعروف ) أي حسب العرف.

والقاعدة : المعروف عرفاً كالمشروط لفظاً.


وكذا العرف معتبر فيما يتعلق بالمروة .

فإن العدل : هو المسلم البالغ العاقل السالم من أسباب الفسق وخوارم المروءة.


فإن المروة في عرفنا الآن تقتضي أن لا يحضر المناسبات بلا عمامة أو شماغ ، فمن لم يبالي بأعراف الناس دل ذلك على نقص في عقله لعدم اعتبار أعراف الناس في لباسهم أو غيره مما لم يخالف الشرع .

والله أعلم .

كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .

 

قاعدة : المفرط أولى بالخسارة ؟

——————


ليس كل تفريط موجب للخسارة فمن وضع ماله في غير حرز وأُخذ هذا المال وجب على الآخذ ضمانه ولا نقول المفرط أولى بالخسارة وهو ما يؤكد أن القاعدة حكم أغلبي كما يؤكد أنه لا يصح نقض القاعدة وعدم اعتبارها بالبناء على مستثنياتها.


فالتفريط نوع من أسباب الضمان .

فإن الإنسان إذا فعل ما لا يجوز أو ترك ما وجب فعليه الضمان .

والعامل في المال لا يضمن ما لم يتعدى أو يفرط.


التعدي : فعل ما لايجوز.

والتفريط : ترك ما وجب.


وعلى ذلك المفرط أولى بالخسارة .

أي من ترك ما وجب استحق الخسارة .

ومن لم يتعدى أو يفرط فلا ضمان عليه.


والله أعلم


هل يجب على الزوج أن يحج مع امرأته

كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .


 هل يجب على الزوج أن يحج مع امرأته :

————————-

ذهب جمع من العلماء إلى أنه يجب على الزوج أن يحج مع امرأته إذا لم يكن لها غيره ، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد.

لقوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال :( إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، وإن امرأتي انطلقت حاجة )، فقال : صلى الله عليه وسلم :( انطلق فحج عن امرأتك ).


والجواب عنه : أن ذلك في مقابلة فاسدة حاصلة يجب عليه إزالتها بالحج معها .

وليس ذلك ابتداء.

والقاعدة : الاستدامة أقوى من الابتداء.

وعلى فرض عدم ذلك، فإن هذا الدليل قد تطرق إليه الاحتمال المساوي أو الراجح ، فيبطل به الاستدلال.


والقول الثاني: لا يلزمه أن يحج مع زوجته، ولو لم يكن لها غيره .

وذلك قياساً على عدم وجوب الحج على ولي المريض في الحج، وإن لم يكن له غيره، فإذا كان ولي المريض لا يجب عليه أن يحج عن المريض الذي هو وليه، فكذلك لا يجب الحج على زوج المرأة التي هو وليها حتى وإن لم يكن لها غيره .

والقاعدة : الشريعة لا تفرق بين متماثلين ، ولا تجمع بين مختلفين .

وعلى فرض أن الحديث السابق يتناوله ، فإن القاعدة : النص العام يخصص بالقياس.

وهذا في نظري أقرب : وهو عدم وجوب الحج على الزوج مع امرأته حتى ولو لم يكن لها غيره، ولو امتنع الزوج إلا بأجر، لزمها ، لأنه من سبيلها فصار في حقها كالمؤنة ، اللهم إلا إذا شرطت عليه في عقد النكاح أن يحججها لزمه ذلك ، وفاء بالشرط،( يا أيها الذين إمنوا أوفوا بالعقود)، ولقوله صلى الله عليه وسلم :( إن أحق ما أوفيتم به من الشروط، ما استحللتم به الفروج ).والله أعلم .


كتبه :أ.د. محمدبن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .

 

إذا برأ المنوب عنه قي الحج قبل فراغ النائب :

————————

قيل : يعيد المنوب عنه الحج ، لأن المنوب عنه قد فرغ قبل فراغ النائب ، كما لو وجد الماء أثناء الصلاة ، فإنه يجب عليه أن يقضيها ، لقوله صلى الله عليه وسلم :( فإذا وجد الماء فليق الله وليمسه بشرته ).

ومال إلى هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-.


والجواب عنه : قاعدة الفرق بين انتفاء الشرط، ووجود المانع، فالصبي إذا بلغ وسط نهار رمضان أمسك وصح صومه، لكون البلوغ شرط وجوب ، بخلاف المرأة إذا حاضت قبل غروب الشمس بلحظة فسد صومها ووجب عليها القضاء، وذلك لوجود المانع .

فكذلك وجود الماء قبل تمام الصلاة ، لم تصح على الأصح لوجود المانع ، بخلاف ما إذا بريء المنوب عنه قبل فراغ النائب ، فإن هذا في الشرط ، لا في وجود المانع .

- وقد سبق تقرير قاعدة الفرق بين انتفاء الشط ، ووجود المانع ، في كتاب القواعد الفقهية والأصولية -.


القول الثانيي : إذا برأ المنوب عنه قبل فراغ النائب ، يخرج بذلك من العهدة ، لأنه قد تلبس النائب بما أمر به ، بحسب إذن الشارع ، فخرج به من العهدة ، وهذا في نظري أقرب ، للأسباب التالية .

1 - قياساً على من شرع في الصلاة الثانية في حال الجمع عند وجود العذر، ثم انقطع العذر قبل تمام الثانية ، لا يبطلها فكذلك ههنا.

وهو أقرب من القياس الأول، لكونهما في الصلاة، والأول أحدهما في الصلاة والآخر في الوضوء والتيمم.

والقاعدة : القياس في الباب أولى من القياس في خارج الباب.


2 - القاعدة : العبرة بالمنظور لا بالمنتظر، وهو عند النيابة كان لا يستطيع الحج .


3 - ولأنه فعل ما أمر به بحسب استطاعته، والقاعدة : كل من فعل ما أمر به بحسب استطاعته فلا إعادة عليه.


4 - ولأن في وجوب إعادة الحج عنه لمن لم يحج حجة الإسلام ، إلزام له بحجتين ، 

والقاعدة : لازم المذهب ليس بمذهب، ولكنه يدل على بطلان المذهب.

ولما دخل النائب في الحج لزمه الإتمام ، فإلزام المسنيب بالإعادة يلزم منه الحج مرتين .


5 - ولأنه عند استنابته لغيره قبل أن يبرأ ، فعل ما يجوز ، ولم يترك ما وجب .

والقاعدة : كل فعل ما يجوز ، ولم يترك ما وجب فلا ضمان عليه .

وهي قاعدة : كل من لم يترك ما وجب، ولم يفعل ما لا يجوز ، فلا ضمان عليه .

والله أعلم .


كتبه :أ. د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.


 حكم قتل الحشرات باللاصق ، والصعق الكهربائي :

————————

1 - إذا كان الشريط اللاصق يقتله فوراً، أو في وقت يسير عرفاً، فلا حرج فيه ، لأنه لا يعتبر من تعذيب الحيوان ، ولو كان من الحشرات .

وأما إن كان القتل به لا يحصل بسرعة، فينبغي المبادرة بقتل ما تجمع من الذباب، أو البحث عن وسيلة أخرى، لأن القتل البطيء يخالف ما أمر به الشرع من إحسان القتل، كما في حديث مسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته"،

وتحريم القتل بتعذيب الحيوان ولو كان من الحشرات لا يجوز ، بل من كبائر الذنوب، لحديث:( دخلت امرأة النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتعها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض).

وكذلك قتل الفأر بالمصيدة التي تحبسه حتى يموت جوعاً وعطشاً، لا يجوز إلا أن يتابع هذه المصيدة حتى إذا صادته قتلها.

قبل أن يعذب بالجوع والعطش.


فالحديث يتناول ذوات الأرواح سواء من الحيوانات أو الحشرات ، مما له روح لا يجوز تعذيبه عند إزهاق روحه حتى يموت جوعاً أو عطشاً، لأن القاعدة : الحكم المعلق على وصف من الشرع لا يجوز تعليقه على غيره .

والشارع علق الحكم على تعذيب الحيوان عند قتله بالجوع أو العطش، لا فرق بين ماله دم سائل، وما لا نفس له سائله.

وقد سبق إيضاح ذلك في حكم قتل صرصور الليل بوضع المنديل عليه في الكوب حتى يموت بدون قتل .


2 - قتل الذباب والناموس ونحوهما بالصعق الكهربائي فإنه يختلف عن النار ؛ لأن القتل بالكهرباء عبارة عن تفريغ شحنات لتدمير الخلايا ، وتكسير الدم بشكل سريع ، وإذا زادت قوتها إلى حد كبير أحدثت حرارةً تَظهر على المقتول بتغير لونه وتفحمه ، فيبدو كأنه أحرق بالنار ، ولكن الواقع أنها الكهرباء وليست النار .

والمنهي عنه التعذيب بالنار ، لحديث:( لا بعدب بالنار ، إلا رب النار ).

وفرق بين تفريغ الشخنات والتعذيب بالنار .

والحكم المعلق على وصف لا يجوز تعليقه على غير ذلك الوصف.

والله أعلم .


كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .

 

حكم بيع أرقام لوحات السيارات المميزة :


حكم بيع الأرقام المميزة للجوالات :

————-

سواء كانت أرقام جوالات أو لوحات سيارات أو نحوهما :

————

ويتضح الجواب عن هذه المسألة في النقاط التالية :


1 - من حيث المقصد من شرائها ، فإذا كان الدافع لشرائها الفخر والخيلاء ، والأشر والبطر، كانت بهذا المقصد محرمة، 

والقاعدة : الوسائل لها أحكام المقاصد.

بخلاف من كان مقصوده بهذه إظهار نعمة الله تعالى، وإظهار مكانته التي يستخدمها لخدمة دينه ، فهي بهذا المقصد حلالاً ما لم تتضمن محظوراً آخر .


2 - من حيث وصولها إلى حد الإسراف والتبذير من عدمه.

قال تعالى :( وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين )

والإسراف والتبذير لم يحدد في الشرع.

والقاعدة : ما لم يحدد في الشرع ، فالمرجع في تحديده إلى العرف.

فما كان يسيراً عرفاً من المال في بذله في شرائها ولم يصل إلى حد الإسراف والتبذير كان حلالاً بهذا الاعتبار ما لم يحتو على محظور آخر، وما وصل إلى حد الإسراف والتبذير عرفاً، فهو حرام ، 

والمعين على ذلك - وهو البائع- كالفاعل.

وقد تقدم تقرير قاعدة : المعين كالفاعل ، في كتابنا القواعد الفقهية والأصولية .


3 - من حيث كونها منفعة معنوية أو حسية .

فمن يعتبرها منفعة معنوية لكون صاحب هذا الرقم من أصحاب الجاه والمنصب والمال الذي ينبغي أن يحترم أكثر من غيره، أو تدل لوحته أو رقمه على احترام أفراد المجتمع له .

فإن جماهير أهل العلم يرون تحريم أخذ العوض على الأمور المعنوية ، لحديث في صحيح مسلم :( إن ابني هذا كان أجيراً عند هذا فزنى بامرأته ، وإني افتديت ابني بمائة شاة ووليدة، وفيه ( على ابنك جلد مائة وتغريب عام ، واغدو يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ) فأقام عليه الحد، ولم يعط الزوج عوضاً على تدنيس الفراش.

- وقد سبق في مدوني في الشبكة العنكبوتية : حكم أخذ العوض على الجاه.


4 - من حيث كونها منفعة أو انتفاع  

 

فالانتفاع لا يجوز أخذ العوض عليه، بخلاف المنفعة .

فالمنفعة تملك ، والانتفاع كحجز مكان في رحبة المسجد لا يملك .


فإذا كانت انتفاع ، في كونه أولى بهذا الرقم من غيره لكونه سبق عليه، فهو انتفاع لا يجوز أخذ العوض عليه ،- كما سبق تقريره في الفرق بين المنفعة والانتفاع ، وهي بهذا الاعتبار انتفاع لا يجوز بيعة، وليست منفعة .


وأما من حيث اعتبارها منفعة حسية يستفاد من هذا الرقم حسياً لكونه أسرع في الحفظ، أو لكون يعتبر صاحب هذا الرقم مميزاً يرد عليه من يتصل به دون غيره، أو يمكن من الوقوف في آماكن لا تتاح إلا لمن هو من أصحاب الأرقام المميزة ، أو نحو ذلك من المنافع الحسية ككون العرف يعتبر لها قيمة حسية ، فهي جائزة بهذا الاعتبار ما لم تحتو على محطور آخر . والله أعلم .


كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .

 

أصول الأشاعرة :

————————-

الأشاعرة فرقة ليست من أهل السنة والجماعة ، وخطرها كبير خصوصاً في كتب أصول الفقه ، لكون كثير من علمائهم كتبوا في هذا الفن ، وأدخلوا فيه المنطق والفلسفة وعلم الكلام .


وأصولهم ثلاثة :

1 - وجوب تقديم العقل على النقل .

ومع كون النصوص الشرعية لا تخالف العقل، ولكن بادي الرأي قد يبدو أن النص الشرعي يخالف العقل .

كما في حديث حديث علي رضي الله عنه : لو كان الدين بالرأي لكان المسح أسفل الخف أولى من المسح على أعلاه، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهر خفيه ).

فهذا لا يعارض العقل الصحيح السليم ، إذ لو مسح الخف لزداد عفناً ووسخاً، فصار العقل السليم يوافق الشرع الصحيح.

فأهل السنة إذا كان بادي الرأي يخالف عقولهم اتهموا عقولهم ، واعتقدوا ما جاء به الشرع وقدموه على العقل خلاف الأشاعرة الذين يوجبون عرض النقل على العقل ، فما قبله العقل من النصوص عملوا به، وما لم يقبله رفضوه ، إما بتضعيف سنده ، أو تأويله .


2 - تقسيم النقل إلى قسمين ، متواتر يحتج به، وإحاد لا يحتج به في باب العقائد.

وهذا مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة الذين يحتجون بما صح من النقل سواء كان متواتراً أو آحاداً، وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل لأهل اليمن بالعقائد وغيرها وهو آحاد ، فقال : ( إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله ، فإن هم أجابوك ، فأعلمهم أن الله تعالى قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ….).


3 - وجوب تأويل المتواتر حتى يتفق مع العقل .

علماً بأن المتواتر الذي يحتجون به ، ويؤولونه إذا عارض العقل ، هو المتواتر سنداً ومتناً.

فالمتواتر سنداً : هو ما رواه جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب في جميع طبقات السند 

من أول السند إلى آخره ، مما يعتمد على الحس لا على العقل والرأي.


وأما من حيث المتن : فهو الذي لا يحتمل إلا معنى واحداً.


فالأشاعرة : يقسمون الأحاديث إلي متواتر وآحاد في باب العقائد...

ويؤولون النصوص في باب العقائد 

ويقدمون العقل في باب العقائد على ظاهر النصوص .

ولا يردون الحديث الآحاد الصحيح في غير باب العقائد..

- ويقصدون بالعقائد الإلهيات والأمور المتعلقة بصفات الله تعالى...

وهذا عند متأخري الأشاعرة واضح وجلي أكثر من متقدميهم .


- علماً : بأن الأشاعرة ليسوا شيئاً واحداً ومقالاتهم مختلفة

فمنهم القريب من السنة كالبيهقى والخطابي

وهؤلاء أقوالهم غالبا لا يعول عليها المتكلمون من الاشاعرة

والمتاخرون من الاشاعرة والذين تبعوا المتكلمين كالآمدى والجوينى والرازى واقوالهم بلا شك من أقوال أهل البدع وغير داخلين في جملة أهل السنة وهم إلى المعتزلة أقرب منهم إلى أهل السنة في الصفات ، وفي القدر جبرية ، وفي الإيمان مرجئة ، وهذه الاقوال هى التى عليها اعتماد المتاخرين.

وهذا التنوع يستفيدون منه

- فإنهم يعلمون لمنتسبيهم اقوال المتاخرين فإذا انتقدهم أهل السنة استدعوا أقوال المتقدمين المهجورة عندهم-.

- فالأشاعرة (والكلام على معظمهم) معطلة في معظم الصفات ومرجئة في الإيمان وجبرية في القدر.


وعقيدة أهل السنة والجماعة : الاحتجاج بالمتواتر والآحاد، والجمع بين النصوص الصحيحة حسب القواعد الشرعية .


ولخطورة عقيده الأشاعرة على طلاب العلم خصوصاً ممن انغمس في كتب الأصول التي كان مؤلفها منهم جرى التنبيه .


كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

 

حكم الدعاء ب( رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي).

————————

الخلاصة : لا بأس بذلك .

———————————-

يجوز الدعاء بذلك ، وذلك للأسباب الآتية :


1 - أن هذا دعاء ذكره الله تعالى عن سليمان عليه السلام ، ولم ينهَ الشارع عنه ، بل أمرنا الله تعالى بالإقتداء بالأنبياء مما لم ينسخه شرعنا ، ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ).

والقاعدة : شرع من قبلنا شرع لنا ، مما جاء في شرعنا أنه شرع لمن كان قبلنا، ولم ينسخه شرعنا .- وقد تقدمت في القواعد الفقهية والأصولية -.


2 - أن طلب ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي 

 لا يعني أنه طلب الملك الذي وهبه الله لسليمان عليه السلام ، وخصه الله به، أما من طلب نفس الملك الذي وهبه الله لسليمان ، فقد اعتدى في الدعاء.


وأما قول القرطبي - رحمه الله - 

في شرح حديث: تفلت الشيطان على النبي صلى الله عليه وسلم: قوله : ( ولولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة ) . يدل على أن ملك الجن والتصرف فيهم بالقهر مما خص به سليمان ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وسبب خصوصيته : دعوته التي استجيبت له، حيث قال : { وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب }. ولما تحقق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخصوصية ، امتنع من تعاطي ما هم به من أخذ الجني وربطه. انتهى.

فالجواب عنه : أن هذه الخصوصية في ملك الجن والتصرف فيهم مما خصه الله بسليمان ، ولكن ألا يمكن أن يكون هناك ملك آخر يمنحه الله لأحد عباده دون غيره، غير الملك الذي خص الله به سليمان ، والجواب : بلى .

والقاعدة : أحد أفراد العام لا يخصص به إذا كان موافقاً له في الحكم .



3 - أن الله عز وجل بيده كل شيء ، وهو على كل شيء قدير ، ولا يخرج عن قدرة الله تعالى شيء، خلافاً للمتكلمين الذين يخرجون شيئاً من الأفعال عن قدرة الله تعالى .

تعالى الله تعالى عن قولهم علواً كبيراً.


 ولا يمكن استثناء شي لا يدخل تحت قدرته، فقادر الله عز وجل أن يجعل الشيء ساكن متحرك في نفس الوقت، وقادر عز وجل أن يقلب الذكر أنثى والعكس، لا يخرج شيء عن قدرته. 

والله عز وجل يسمع جميع خلقه في نفس الوقت، ويرد على عباده جميعاً في الصلاه في نفس الوقت، ويكلم كل شخص على انفراده يوم القيامة في نفس الوقت وهو أسرع الحاسبين سبحانه.



4 - فرق بين من طلب معجزة نبي بين الله تعالى أن الله تعالى أجراها على يد نبي من أنبيائه ليبين لقومه صدقه بذلك الأمر الخارق للعادة ، 

- كالدعاء بطلب الآيات التي يؤيد الله بها أنبياءه خارقة للسنن الكونية، كطلب إحياء الموتى، وانشقاق القمر ونحو ذلك -.

فهذا من الاعتداء في الدعاء .


وبين الأمر الخارق للعادة الذي يجريه جل جلاله على يد رجل صالح لا يدعي النبوة ، من ملك شيء يمنحه الله تعالى بسؤال عبده له دون من سواه من العالمين ، - كالتصرف في عقول المخلوقين أو بعضهم - .


أو يكون ذلك الملك مما لا يكن من الأمور الخارقة ويمنحه الله تعالى له دون بقيت المخلوقين . 

والله تعالى أعلم .


كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.


 حكم الجمع بين الهدي والأضحية للحاج :

———————

الخلاصة : جواز ذلك .

-____________________


يجوز للحاج أن يهدي ولو لم يجب عليه الهدي كالمفرد ، ويجوز أن يزيد في الهدي ما شاء أن يزيد ، ويجوز له أن يجمع بين الهدي والأضحية .


1 - في الصحيح : أهدى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مائة بدنة .


2 - لعموم حديث عائشة :

أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم قال (ما عملَ آدميٌّ من عملٍ يومَ النَّحرِ أحبُّ إلى اللهِ من إهراقِ الدَّمِ إنَّهُ ليأتي يومَ القيامةِ بقُرونها وأشعَارِها وأظلافِها وإنَّ الدَّمَ ليقعُ من اللهِ بمكانٍ قبلَ أن يقعَ من الأرضِ فطيبُوا بها نفساً)


وفيه علة : حديث مرسل لم يسمع أبو المثنى من هشام بن عروة .


وفيه علة أخرى : أبو المثنى : سليمان بن يزيد ضعيف كما قال الحافظ في التقريب بل قال أبو حاتم منكر الحديث.



وهذا يشمل إراقة الدم عن نفسه أو عن غيره من الأعمال التي تدخلها النيابة .


 3 - قال تعالى :( وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ).

ومن فعل الخير الهدي والأضحية .


4 - قال تعالى :( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين )

والإحسان للمخلوق : هو فعل الخير به أوله ، حياً أو ميتاً .

قال يا رسول الله : إن أمي افتلتت نفسها، وأظنها لو تكلمت تصدقت ، أفينفعها إن تصدقت عنها قال : ( نعم ).

وكون الشييء مباح في إطلاق الفقهاء أحياناً يقصد به المباح الذي هو قسم من أقسام الحكم التكليفي، وأحياناً يقصدون به المباح الذي ليس بمحرم حتى ولو كان مستحباً.

فإذا قالوا مثلاً: الأضحية عن الغير مباحة ، معناها ليست بمحرمة ، وليس معنى ذلك : أنها ليست مستحبة .


وعلى هذا فإن من وجوه الإحسان : الجمع بين الهدي والأضحية .


5 - في صحيح : أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر .

وكان ذلك في حجة الوداع لما دخل على عائشة وهي تبكي بسرف فقال : مالك أنفستي :( افعل ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت )، وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر ).


فإن كان المراد بالأضحية الأضحية كنا هو طاهر النص ، فقد أهدى صلى الله عليه وسلم عن نفسه بمائة بدنه، وضحى عن نسائه بالبقر ، وإن كان المراد بالأضحية ههنا الهدي لكون نسائه ححجن معه متمتعات، فلا إشكال فيما زاد عن الهدي الواجب يكون أضحية عنهن ، وعلى فرض عدم ذلك ففيه دليل على أن المراد هو إراقة الدم في وقته وبشروطه سواء سمي هدياً أو أضحية .

ومن إراقة الدم منه ما هو واجب كالحد الأدنى من الهدي للمتمتع والقارن ، ومنه ما هو مستحب ، وهو ما زاد على ذلك .


5 - روى مسلم : عن ثوبان 


 رضي الله عنه قال : ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أضحيته ثم قال : يا ثوبان : أصلح لحم هذه .

قال ثوبان : فلم أزل أطعمه منها حتى قدم المدينة ).

ففيه دليل على ذبح الأضحية من النبي صلى الله عليه وسلم في الحج .

وعلى فرض المراد به الهدي، فحكمها واحد، بجامع القربة في كل منهما في وقت واحد .


6 - نص الشافعية : على استحباب الجمع بين الهدي والأضحية للحاج.


والقول بعدم المشروعية عند بعض أهل العلم لا يقصدون به عدم الجواز، وإنما يقصدون به عدم فعله هو الأولى أي عكس المستحب .

والجواب : على فرض عدم جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الهدي والأضحية لا يعني كون ذلك محرماً.

والقاعدة : ما توفر سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله ، مع وجود المقتضي وانتفاء المانع، فعدم فعله هو الأفضل.

وأما فعله لا يكون بدعة إذا دخل تحت نص عام أو خاص يدل على مشروعيته .

والله أعلم .


كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت