حكم رمي السجادات التي عليها صورة الكعبة في حاوية النفايات :
قاعدة : صورة كل ما عظم شرعاً ، لا تجوز إهانته . كالكعبة .
——
فمثلاً : ففي جائحة مرض كورونا صنعت سجادة عليها صورة الكعبة مصنوعة من مناديل سميكة توضع عند المساجد أو للاستخدام الفردي ، هل يجوز رميها في حاويات النفايات مع وجود صورة الكعبة عليها :
———
هذه فيها صورة الكعبة ، وهي مشرفة ومعظمة في الشرع، ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) فكل ما أشعر الله تعالى بتعظيمه وتشريفيه ، يجب أن يعظم .
وليس من التعظيم رميها في الحاويات التي بها النفايات.
قال تعالى :( جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس ..).
مع العلم أن السجود على هذه السجادة التي فيها صورة الكعبة أو المشي عليها لا بأس به، لأن هذا جائز في الأصل ، ففي الفرع - وهي صورة الكعبة - من باب أولى .
فيجوز صعود الكعبة والمشي عليها ،
لأن هذا لا ينافي تشريفها، بخلاف من بصق عليها أو نحو ذلك مما ينافي تشريفها، فتشريف كل شيء يكون بما يناسبه، وما لم يحدد في الشرع فالمرجع في تحديده إلى العرف .
فإن قيل : إن هذه صورة الكعبة ، وليست هي الكعبة ، وفرق بين الأصل والصورة ، والصورة أخف ، فلا يقاس الأدنى على الأعلى إلا إذا كان معنى الأعلى متحقق في الأدنى .
فالجواب : إن معنى الأعلى موجود في الأدنى في مثل هذه الصورة ، وذلك لأن الصورة علامة تشريف لمشرف في الشرع ، ولهذا أمر الشارع بنقض الصليب ، حتى وإن كان صورة لانه شعار النصارى ، فقد روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه - وفي رواية إلا قَضَبَه .
والنقض : إزالة الصورة مع بقاء الثوب على حاله . أما القضب فهو القطع للثوب .
فاحترام شعار الإسلام احترام لدين الله تعالى وتشريف له ، والكعبة من شعار الإسلام .
وشعار الإسلام يجب تشريفه واحترامه وإن كان صورة ، وشعار الكفر يجب نقضه وإزالته وإن كان صورة ، وهذا ما يسمى بقياس العكس.
فإن قيل : هل يعني ذلك عدم جواز رمي صورة الآدمي في حاوية النفايات، لأن الله تعالى قد كرم بني آدم ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ).
فالجواب : لا بأس بصورة الآدمي في الحاويات ، ولا يقاس ذلك على الكعبة .
وذلك من وجهين :
١ - الكعبة يجوز تصويرها، بخلاف صور ذوات الأرواح مأمور شرعاً بطمسها وإزالتها كما في حديث أبي الهياج ( ألا أبعثك على ما بعثني النبي صلى الله عليه وسلم : أن لا أدع صورة إلا طمستها ، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته ).
٢ - ولأن تشريف الإنسان أخف من تشريف الدين ومعالمه ، ولا يقاس الأدنى على الاعلى .
والخلاصة : يجوز رسم الكعبة على السجادة ، ولا يجوز رمي ما فيه صورة الكعبة في حاوية النفايات، لأنه ينافي تعظيمها وتشريفها .
* فإن قيل : هل يلزم من ذلك أنه لايجوز رمي قماش الحرم الذي تم استبداله.
*
فالجواب : لا يلزم ، لأن قماش الكعبة ليس شعاراً للمسلمين .
وفرق بين الشعار حقيقة أو صورة ، وبين مجرد قماش لا يمثل الكعبة لا حقيقة ولا صورة.
والضابط : هو ما أشعر الله بتعظيمه لا تجوز إهانته.
وقد شدد شيخنا ابن باز - رحمه الله تعالى - بالوظء على صورة الكعبة أو الجلوس عليها: : لأن في ذلك نوع إهانة.
وبناء على ما سبق تتقرر قاعدة :
صورة كل ما عظم لايجوز إهانته .
تنبيه : ما يشغل المصلي في صلاته من النقوش والرسومات غير المحرمة ، يكره للمصلي الصلاة عليها لما تحدثه من الانشغال عن الصلاة ، لما في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها ، قالت : - قَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي في خَمِيصَةٍ ذَاتِ أعْلَامٍ، فَنَظَرَ إلى عَلَمِهَا، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قالَ: اذْهَبُوا بهذِه الخَمِيصَةِ إلى أبِي جَهْمِ بنِ حُذَيْفَةَ، وائْتُونِي بأَنْبِجَانِيِّهِ، فإنَّهَا ألْهَتْنِي آنِفًا في صَلَاتِي).
والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق