فرق بين الذنوب والحقوق :
فالذنوب تغفر بالحج المبرور، وهو الذي لم يخالطه شيء من المأثم.
والحقوق لا تغفر بالحج المبرور.
هذا وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في تكفير الذنوب الكبائر بالحج المبرور، فذهب جمهور أهل العلم - رحمهم الله تعالى- إلى أن الحج المبرور، لا يكفر إلا الصغائر، أما الكبائر فلا تكفرها إلا التوبة .
والقاعدة : أن النص العام يخصص بالقياس،
فإذا كانت الصلوات الخمس لا تكفر إلا الصغائر، فالحج الذي هو في الفرضية أدنى منها من باب أولى .
قال صلى الله عليه وسلم ( الصلوات الخمس ، ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة ، مكفرات لما بينهما ما لم تغش الكبائر، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).
@ وذهب بعض أهل العلم إلى أن الحج المبرور يكفر الصغائر والكبائر ، أخذاً بظاهر هذا الحديث، وهو الأقرب في نظري والعلم عندالله تعالى . ويؤيد ذلك أنه بعد أن ذكر الصلوات الخمس، ورمضان والعمرة، شرط عدم غشيان الكبائر، ثم ذكر الحج بلا شرط، مما يدل على دخول الصغائر والكبائر السابقة في مغفرتها عند وجود الحج المبرور.
وهذا نظير قوله تعالى؛( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم، ويقولون خمسة سادسهم كلبهم، رجماً بالغيب، ويقولون سبعة ثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ، ما يعلمهم إلا قليل ) فذكر العدد الأول والثاني ثم قال ( رجماً بالغيب)
ولما ذكر العدد الصحيح لهم لم يذكر بعده رجماً بالغيب، قال ابن عباس : أنا من العدد القليل الذين يعلمونهم، هم : سبعة ثامنهم كلبهم .
ويؤيد ذلك أيضاً : قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من حج فلم يرفث، ولم يفسق ، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه).وهذا الحديث يشمل النوب والمعاصي ، صغيرها وكبيرها ، دون حقوق الله تعالى ، وحقوق خلقه ، ولا يسقط الحقوق نفسها ، فمن كان عليه صلاة أو كفارة أو دين، أو قصاص، او حق لمخلوق ، فلا تدخل في الحديث ، فلا تسقط ، لأنها حقوق لا ذنوب ، وقد قال صلى الله عليه وسلم ( من أخذ حقوق الناس ، يريد أداءاها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله تعالى ).
فالحج المبرور يسقط إثم المخالفة لا الحقوق،
فمثلاً من أخر كفارة اليمين، لا تسقط عنه، لأنها حقوق لا ذنوب، إنما الذنب تأخيرها، فنفس التأخير يسقط بالحج لا هي نفسها، فلو أخرها بعد الحج تجدد إثم آخر .
والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق