حكم لبس الثوب الأحمر .
العصيمي / يجوز لبس الأحمر الغير مصبوغ بالعصفر، للرجال والنسآء بلا كراهة على القول الراجح من أقوال أهل العلم - رحمهم الله تعالى- وهو مذهب المالكية والشافعية ، ووجه عند الحنابلة.
لحديث البراء بن عازب قال :( كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعاً، وقد رأيته في حلة حمراء، ما رأيت شيئاً أحسن منه).
ولحديث أبي جحيفة عند البخاري : أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم خرج في حلة حمراء مشمراً صلى إلى العنزة بالناس ركعتين).
ولما روى أبو داود، وحسن إسناده ابن حجر من حديث هلال بن عامر عن أبيه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى يخطب على بغلة وعليه برد أحمر).
فهذه الأدلة تدل على جواز لبس ماكان لونه أحمر خالص الحمرة،إلا أن تكون الحمرة بسبب العصفر- وقد تقدم حكمها - لأن الصحابي وصفها بأنها حمراء، وهو من أهل اللسان العربي، وهذا هو المعنى الحقيقي، فمن ادعى بأنه مخلوط بغيره أو غير ذلك، فعليه الدليل.
أما حديث ابن عمر قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المفدّم ) وهو المشبع بالحمرة ، فهذا فيما كان مشبع بالحمرة المستخرجة من العصفر، وما كان مصبوغ بالعصفر فهو منهي عنه للرجال نهي تحريم ، حتى وإن لم يكن مشبعاً، لورود النهي عن المعصفر للرجال بصفة عامة ، فإذا كان مشبعاً ازداد حرمة، لأن أحد أفراد العام لا يخصص به إذا كان موافقاً له في الحكم- وقد سبق ذلك في حكم لبس المعصفر-.
والجواب عن ما رواه أبو داود وغيره وصححه الحافظ ابن حجر من حديث علي بن أبي طالب، قال : ( نهى عن مياثر- وطاء للدابة، أو وطاء لراكبها - الأرجوان) - الصوف الأحمر، وقيل: كل شيء أحمر-
أن النهي عن الأخص- مياثر الأرجوان- دليل على جواز الأعم .
والعلة في النهي عن المياثر الحمر، قيل لأجل اللون، وفيه نظر للبس النبي صلى الله عليه وسلم للبرد الأحمر- كما سبق- وقيل : للتشبه بالأعاجم، وهذا ممكن، وقيل : للترف والسرف، وهذا ممكن، وقيل : لكونه حريراً، وهذا أيضاً ممكن، والقاعدة : أن النص إذا كان يحتمل أكثر من معنى ولا تعارض بينهما حمل على جميع تلك المعاني.
وقد قال صلى الله عليه وسلم ( لا ألبس المعصفر). وقد لبس صلى الله عليه وسلم الأحمر، كما سبق، فدلّ على أن المعصفر غير الأحمر ، كما دلّ على أن العلة في النهي عن المعصفر ليست هي الحمرة، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى العلة في النهي عن المعصفر بقوله ( إن هذه من ثياب الكفار، فلا تلبسها)، وقال :( فإنه لا بأس به للنساء).
وبهذا نعرف رجحان القول بجواز لبس الأحمر بغير العصفر، من غير كراهة، خلافاً للحنفية والحنابلة، الذين قالوا بكراهة الأحمر المصمت الذي لم يخالطه لون آخر، وفي رواية عند الحنابلة: يكره الأحمر المشبع شديد الحمرة، وقد سبق الجواب عن أدلتهم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة / جامعة أم القرى/ مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق