حكم تسمية فرعون ، وهامان ، وراما ، وشارون .
- القواعد والضوابط في باب الأسماء والكنى - :
١ - كل ما كان من الأسماء والكنى خاص بالكفار ، فالتسمية به حرام .
فإذا كان لا يجوز التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم في عاداتهم وعباداتهم ، ففي التسمي بهم من باب أولى . لحديث ( من تشبه بقوم فهو منهم ) فالتشبه بهم في أسمائهم الخاصة بهم كفرعون وشارون من باب أولى .
٢ - كل ما كان من أسماء الأصنام والآلهة المعبودة من دون الله تعالى ، فالتسمية به حرام .
لما في ذلك من تعظيم الكفر ، والتشبه بالكافرين .
كاللات والعزى ومناة ونحوها ؛ لما فيه من إظهار هذه الأصنام وتعظيمها وإجلالها ، وهذا محرم .
و "راما" اسم لإله الهندوس ، فإذا ثبت ذلك ، فلا يجوز التسمي به ، ويجب تغييره .
٣ - كل ما كان مِن أسماء الشياطين ورؤوس الكفر ؛ فالتسمية به حرام .
مثل : إبليس، وفرعون .
٤ - كل اسم أو كنية لا تختص بالكافرين ، فالتسمية بها جائزة ، كالوليد، فهو اسم يتسمى به الكفار ، كالوليد بن المغبرة ، ويتسمى به المسلمون ، كالوليد بن الوليد ،فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : لَمَّا رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ ، قَالَ : (اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ) .
٤ - كل اسم أو كنية أو لقب فيه ملحظ التزكية غالب على ملحظ العلمية ، فالتسمية به مكروه .
كبرة ، وأبرار ، وحكيم ، بخلاف صالح ومحمد، فملحظ العلمية غالب على الوصفية فيه .
لأن الله تعالى يقول: فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ }
هو أعلم بمن اتقى)
وفي صحيح مسلم عن سمرة بن جندب أنالنبي صلى الله عليه وسلم قال:
ولا تسم غلامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحاً ولا أفلح فإنك تقول: أثم هو؟
فلا يكون فيقول: لا.
وغير النبي صلى الله عليه وسلم اسم برة ، وسماها زينب.
وهذا النهي محمول على على الكراهة لا على التحريم ، لأنه في باب الآداب وتهذيب السلوك، وكل نهي في باب الآداب وتهذيب السلوك عند الجمهور فهو محمول على الكراهة .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما غير اسم حزن ، وقال له : بل أنت سهل، وامتنع الرجل عن تغيير اسمه لم يزجره صلى الله عليه وسلم عند عدم التغيير ، ولم يغضب ، مما يدل على النهي للكراهة لا للتحريم .
فعن المسيب بن حزن رضي الله عنه قال: (جاء أبي حزن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما اسمك؟ " , قال: حزن (قال: " بل أنت سهل ") ((قال: لا أغير اسما سمانيه أبي) ، (والسهل يوطأ ويمتهن (قال سعيد ابن المسيب: فما زالت الحزونة فينا بعد) .
عن هانئ بن يزيد رضي الله عنه قال: لما وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يكنوني أبا الحكم , فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: " إن الله هو الحكم , وإليه الحكم , فلم تكنى أبا الحكم؟ " , فقلت: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم , فرضي كلا الفريقين , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أحسن هذا , فما لك من الولد؟ " , فقلت: لي شريح , وعبد الله , ومسلم , قال: " فمن أكبرهم؟ " , قلت: شريح , قال: " فأنت أبو شريح ، ودعا لي ولولدي "
فلما لوحظ في تسميته الوصفية غيًًًر صلى الله عليه وسلم اسمه، وليس ذلك على سبيل الإلزام وإنما على سبيل الأفضلية، فإن من أسماء الله عز وجل ما يجوز أن يتسمى بها المخلوق، كالعزيز .
٥ - كل تكنية بكنية النبي صلى الله عليه وسلم - أبي القاسم - فهي مكروهة .
عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قالَ: كانَ النبيُّ في السوقِ، فقالَ رجلٌ: يا أَبَا القاسمِ، فالْتَفَتَ إليه رسولُ الله، فقالَ: يا رسولَ الله إِنَّمَا دَعَوْتُ هَذَا، فقالَ رسولُ الله: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي ولا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي ». رواه البخاري
وهذا الحديث لا يخصص حديث ( لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي) لأن أحد أفراد العام لا يخصص به إذا كان موافقاً له في الحكم .
ولا يخصص الحديث بالسبب، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ولا يخصص بما أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم من حديث علي قال: «قلت يارسول الله إن ولد لي من بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال نعم» وفي بعض طرقه «فسماني محمداً وكناني أبا القاسم»
فعلى فرض صحته لا يحصل التخصيص لأنه لا تعارض بين كون الشيء جائزاً ومكروهاً.
وعلى هذا فإن التكني بأبي القاسم جائز ، ولكنه مكروه، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التكني بكنيته.
ولأن الأصل في النهي في باب الآداب وتهذيب السلوك الكراهة لا التحريم ، ولأن بهذا القول تجتمع الأدلة .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق