الأسهم حقيقتها وحكمها :
تعريف السهم لغة :
قال ابن فارس : ( السين والهاء والميم أصلان : أحدهما: يدل على تغير في لون، والآخر: على حظ ونصيب وشيء من أشياء) - معجم مقاييس اللغة( ١١١/٣) ، وأنظر: لسان العرب ( ٤١٢/٦ ).
واصطلاحاً: هي حصة الشريك في مال الشركة، أو الصك الذي يمثل حصة الشريك في مال الشركة - إثباتاً لحقه - .
-أنظر : دليل المصطلحات الفقيه والاقتصادية،ص ١٧٧، والأسهم والسندات، للخياط،ص ١٨ ).
@ تعريفات اصطلاحية ذات صلة بالموضوع :
من أهم ما يتعلق بالأسهم التعريفات المتعلقة بقيمته.
@ قيمة السهم
السهم له أكثر من قيمة؛ فقيمة السهم تطلب باعتبارات متعددة؛ فله قيمة اسمية، وقيمة إصدار، وقيمة دفترية، وقيمة حقيقية، وقيمة سوقية، وبيانها على النحو التالي:
1 - تعريف القيمة الاسمية:
هي القيمة التي تمت الموافقة عليها من الجهة المختصَّة، ويتم بها طرح السهم للمكتتبين، وتكون مدوَّنةً على الصَّكِّ (السهم)، ويحسب على أساسها مجموع رأس مال الشركة؛ فهي قيمة ثابتة، ويتساوى فيها جميع المساهمين، ولا يجوز إصدار الأسهم بأقل من قيمتها الاسمية.
2 - تعريف القيمة الدفترية:
وهي قيمة السهم طبقا لدفاتر الشركة المحاسبية، وهذه القيمة تحسب بقسمة حقوق المساهمين على عدد الأسهم المصدرة، وتتكون من: حقوق المساهمين من رأس المال المدفوع، والاحتياطات، والأرباح المجمعة.
3 - تعريف القيمة الحقيقية:
هي النصيب الذي يستحقه السهم في جميع موجودات الشركة وأرباحها بعد حسم ديونها؛ فإذا ربحت الشركة وصار لها أموال احتياطية وأصول، فإن القيمة الحقيقية للسهم ترتفع وتصبح أعلى من القيمة الاسمية، ولو خسرت لحدث العكس.
4 - قيمة الإصدار:
هي القيمة التي تصدر بها الأسهم، وعادة يصدر السهم بقيمته الاسمية، ولا يجوز إصدار السهم بأقل من قيمته الاسمية طبقًا لنظام الشركات بالمملكة العربية السعودية، وإن جاز إصداره بأكثر من قيمته ، الاسمية، وفي هذه الحالة يطلق على فرق القيمة علاوة إصدار، وبالتالي فإن قيمة الإصدار تساوي القيمة الاسمية للسهم زائدًا علاوة الإصدار .
5 - القيمة السوقية:
هي قيمة السهم في سوق الأسهم، وهذه القيمة متغيرة ـ وقد تتغير في ثوان أو دقائق ـ بحسب قوة العرض والطلب وأحوال السوق وسمعة الشركة، ومدى قوة مركزها المالي وسلامته. وتظهر هذه القيمة في شاشات الأسهم التي تديرها إدارة سوق المال .
( الأسهم حكمها وأثارها، صالح السلطان ،١٢/١، المعاملات المالية المعاصرة، محمد شبير، ص ١٩٩) .
@ تعريف الشركة اصطلاحاً: اجتماع في استحقاق أو تصرف .
( الروض المربع - مع حاشية ابن القاسم -
٢٤١/٥) .
@ القواعد والضوابط في باب الشركات :
قواعد في باب الشركة : -
الشركة : هي الاجتماع في استحقاق - شركة الأملاك كاشتراك الورثة في الميراث - أو تصرف - شركة عقود - .
١ - الخسارة في الشركات بقدر أموالهم ، والربح بحسب ما يتم الإتفاق عليه .
وذلك أن الوضيعة- الخسارة - تكون بقدر مال كل واحد منهم ، لأنه لا يجوز أن نحمّل الطرف الآخر خسارة مال الأول ، وكذا العكس ، حيث يعتبر ذلك من أكل أموال الناس بالباطل وقد قال تعالى ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالبلطل ).
والربح بحسب ما يتم الاتفاق عليه ، شريطة أن يكون بنصيب مشاع ، لأنه والحالة تلك لا غرر فيه ، فيستوي فيه الشركاء في المغنم والمغرم، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المزارعة . أي المزارعة الفاسدة المعهودة آنذاك ، كأن يكون لرب المال الجهة الشرقية ، وللعامل الجهة الغربية ، أما المزارعة الصحيحة وهي ما يستوي فيها الشركاء في المغنم والمغرم لم ينه عنها ، وقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمرها
٢ - أن الأصل في الشركات الحل والجواز إلا ما احتوى محظوراً شرعياً ، كالغرر والجهالة .
فشركة العنان : وهي أن يشترك اثنان فأكثر، في العمل والمال بنصيب مشاع من الربح .
وشركة المضاربة : أن يدفع أحد الشركاء للآخر مالاً ليعمل فيه والربح بينهما بنصيب مشاع ، والخسارة على صاحب المال في ماله ، وعلى صاحب العمل في عمله .
فإذا دفع كل من الشركاء مالاً ، ليعمل فيه أحدهما ، جاز ، وهذا النوع فيه شبه بالمضاربة ، لكون العمل من أحدهما . وفيه شبه من شركة العنان ، لأن كلاً من الشركاء دفع مالاً.
وشركة الأبدان : أن يشترك اثنان فأكثر في عمل بدون مال ، كأن يفصل أحدهما ويخيط الآخر - في الثياب- . فإذا كان الغرر يسيراً ، أو كان العرف يحدد عمل كل واحد منهم كأن يكون أحدهما نجاراً والآخر حداداً في بناء عمارة على أن تكون الأجرة بينهما فلا بأس ، وأما إذا كان يترتب على ذلك غرراً عظيماً فلا يجوز ، كما إذا اشترك غواصان فيما يأتياني به في غوصهما ، فأتى أحدهما باللؤلو والمرجان ولم يأتِ أحدهما بشيء.
فهذا غرر عظيم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر.
وشركة الوجوه : أن يشترك اثنان فأكثر في ربح ما يأخذانه في ذممهما، فالريح بنصيب مشاع متفق عليه ، والخسارة على كل منهما بقدر ما تحمّل في ذمته .
وشركة المفاوضة : أن يشترك اثنان فأكثر في جميع أنواع الشركات السابقة ، فإن لم تحتوي على الغرر والجهالة جازت وإلا فلا .
٣ - ما جاز مفرداً جاز مجموعاً إلا ما دلّ الدليل على تحريمه .
ولهذا جازت شركة المفاوضة لأنها تحوي جميع أنواع الشركات الجائزة مفردة ، فجازت مجموعة .
٤ - أن العقد الذي يحتوي محظوراً شرعياً، وكان النهي عنه لحق الله تعالى - بمعنى لو رضي به المخلوق لم يجز - فإن العقد يفسد بوجود هذا المحظور .
كوجود الغرر والجهالة في عقد الشركة كأن يشارك كل واحد منهما الآخر ببعض ماله ولم يكن كل من المالين معلوماً.
وإذا كان النهي يعود لحق المخلوق ، كان موقوفاً على إجازته ، كمن رضي أن يعمل في الشركة - وهما شريكان في المال- بلا مقابل ، فهو محسن ، فجازت الشركة .
٥ - إذا بطل العقد بطلت آثاره، وعلى هذا فإذا بطل عقد الشركة فلا عبرة بالاتفاق الذي حصل بينهما في تحديد نسبة الربح . فيكون لكل واحد منهما في حق الآخر سهم المثل - نصيب مشاع كالربع أو الخمس أو نحو ذلك - أو أجرة المثل بحسب العرف .
أما شركة الأملاك وهي التي الاشتراك فيها بغير عقد فالربح على قدر رأس المال بالاتفاق .
٦ -النهي في المعاملات إذا كان يعود لحق الله ، فالنهي يقتضي الفساد ، وإذا كان يعود لحق المخلوق فالنهي لا يقتضي الفساد . - وقد سبقت بأدلتها -.
٧ -لا يشترط في الشركات حضور المالين ولا خلطهما ولا كونهما من جنس واحد ، لأن المقصود هو الربح ، والشركة تحصل بدن إحضارهما وخلطهما وكونهما من جنسين مختلفين .
٨ - يشترط في الشركة معرفة قدر مالهما إذا احتوت الشركة على مال ، حتى لا يكون غرراً، فعند الفسخ أو حصول الخسارة ، يكون ذلك بقدر ماليهما في المال ، وهذا لا يمكن معرفته إلا بمعرفة أصل المال لكل واحد من الشركاء.
٩ -الربح يملك إذا ظهر ، ولا يجب قسمته قبل انتهاء الشركة إلا بتراضي أطراف الشركة .
١٠ - الخسارة في الشركات قبل القسمة تجبر من الربح ، فإذا تمَّت قسمة الربح فالخسارة فيما بقي لا فيما قُسم .
١١ - أي خسرآن يكون قبل القسمة أو فسخ الشركة فهو على الربح ، فإن زاد على مقدار الربح فهو من الربح ورأس المال.
( القواعد الفقهية ، للباحث ص ١٥٦) .
@ أنواع الأسهم :
للأسهم أنواع تختلف باعتبارات مختلفة، يهمنا منها ما يتغير الحكم الشرعي بتغيره، وبهذا يمكن تصنيف أنواع الأسهم إلى ثلاثة أنواع :
النوع الأول : الأسهم العادية.
النوع الثاني: أسهم ممتازة .
والنوع الثالث : أسهم تمتع .
وذلك على على النحو التالي :
فالأسهم العادية : هي التي تتساوى في قيمتها ، وتعطي المساهمين حقوقاً متساوية .
والأصل في الشركات المساهمة الخالية من الربا والأمور المحرمة : أنها جائزة ،
فإذا كان لا يمكن أن تقوم شركة مساهمة إلا أن تضع الشركة خمس رأس مالها في البنك المركزي احتياطاً للشركة، وتأخذ عليه فوائد ربوية تقسمها على المساهمين - كما تنص عليه بعض القوانين الوضعية - تكون المساهمة فيها والحالة تلك محرمة .
( أنظر : المعاملات المالية المعاصرة ، لشبير ، ص ٢٠٠، وفقه المعاملات المالية المعاصرة، للخثلان، ص ٤٨ ، حكم التعامل في الأسواق المالية المعاصرة، مبارك آل سليمان ، ص ١١٨ ).
@ الأسهم الممتازة : وهي الأسهم التي يكون لحاملها الأولوية في الحصول على الأرباح ، وفِي الحصول على ممتلكات الشركة عند التصفية قبل حملة الأسهم العادية .
( دراسات المعايير الشرعية ٢/ ١٣٦١) .
و لا يجوز إصدار أسهم ممتازة ، لها خصائص مالية تؤدي إلى ضمان رأس المال أو ضمان قدر من الربح أو تقديمها عند التصفية ، أو عند توزيع الأرباح.
ويجوز إعطاء بعض الأسهم خصائص تتعلق بالأمور الإجرائية أو الإدارية .
وقيل : لا تجوز أيضاً.
( أنظر : فقه المعاملات الحديثة ، عبدالوهاب أبو سليمان ،ص ٥٣٢) .
@ أسهم التمتع : وهي الأسهم التي تعطى للشريك عوضاً عن أسهمه التي ردت إليه قيمتها في أثناء قيام الشركة .
( دراسات المعايير الشرعية ٢/ ١٣٥٨) .
فهي التي تستهلكها الشركة حيث ترد الشركة قيمتها إلى المساهم قبل إنقضاء الشركة، ويبقى صاحبها شريكاً له حق الحصول على الأرباح ، والتصويت.( المعاملات المالية ، محمد شبير، ص ٢٠٥) .
وهذه الأسهم - أسهم التمتع محرمة ولا تجوز، لأنه أخذ للمال في معاوضة بلا عوض، فهي أخذ للمال بلا عمل مباح، أو مال على وجه مشروع، أو ضمان لا يأول إلى ربا، ولا ضرر مادي، ولا يجوز أخذ المال في المعاوضات إلا من هذه الطرق الأربع.
ويرجع إلى بحثنا : الأسهم حقيقتها وحكمها.
- علماً بأن النظام العالمي في الشركات المساهمة تلزم فيه الشركة بوضع خمس مالها احتياطي في البنك المركزي، وتأخذ على هذا الخمس فوائد ربوية ، وتقسمه على المساهمين-، وعلى هذا كل شركة مساهمة تلتزم بذلك فهي شركة ربوية لا تجوز المساهمة معها، ولا شراء اسهمها.
- والله تعالى أعلم .
-
كتبه / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق