حكم القياس على الإذخر في الحرم المكي:
هل يقاس على الإذخر لأهل حرم مكة غيره في قطع الشجر النابت بفعل الله تعالى للحاجة أو دفعاً للضرورة:
------------
وهذه المسألة مبنية على مسألة أصولية: وهي هل يقاس على الرخصة؟
والراجح: القياس على الرخص، لأن الشريعة لا تفرق بين متماثلين ولا تجمع بين مختلفين.
وقد أجمع العلماء على تحريم قطع شجر حرم مكة وهو رطب، وغير مؤذ من غير حاجة.
وقياس تنفير الصيد لدفع أذاه، وقطع الشجر في الملك لدفع أذاه أو للحاجة أعظم من الحاجة للإذخر.
ولأن الآدمي وهو أكثر حرمة من شجر الحرم إذا آذى جاز دفع إذاه فغيره من باب أولى.
وفي الحديث: (لو أن امرأً اطلع على أهل بيت ففقئت عينه لم يكن عليهم جناح)
ولأن الدواب المؤذية يجوز قتلها للضررها، ولوجود الحاجة لدفع أذيتها، ولجواز قتل النملة إذا آذت كما جاء في صحيح البخاري أن نملة قرصت نبياً فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه: (فهلا نملة واحدة).
ولهذا ذهب المالكية والشافعية وأكثر الحنابلة.
وعليه: إزالة الشجر النابت بفعل الله تعالى من ملك معصوم لحاجته لقطعه، أو لأذيته، لا بأس به. خلافاً للحنفية، والشافعية في وجه، والحنابلة في وجه أيضاً: إلى عدم جواز قطع الشجر النابت بفعل الله تعالى في الحرم المكي إذا كان في ملك معصوم حتى ولو كان لحاجته أو دفع أذى الصيد بتنفيره. لعدم القياس على الرخصة. ولعموم الحديث: (إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله تعالى، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، لا يختلى خلاها، ولا يعضد شوكها، ولا ينفر صيدها).
والجواب عنها: أن الأدلة العامة مخصصة بالقياس على جواز قتل المؤذي من الحيوانات التي من طبعها الإيذاء كالذباب ونحوه. وللقياس على الحاجة من الأذخر، لأن التخصيص للوصف لا للعين، وقد قررناه في القواعد.
وقد سبق في القواعد: جواز تخصيص العام بالقياس.
والله تعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق