حكم الأكل من ثمر البستان، والشرب من ألبان الإبل والغنم في المرعى :
———-
القاعدة : الإذن الشرعي ينزل منزلة الإذن الشخصي.
والقاعدة : الإذن الشرعي مقدم على الإذن الشخصي .
وقد ورد الإذن الشرعي في حالتين في هذه المسألة :
١ - إذا كان الإنسان جوعان ، ومحتاج للأكل من الثمر المعلق ، ويقاس عليه أيضاً : من أتى الماشية وهو جوعان محتاج إلى الشرب من ضرعها .
وذلك لحديث عمرو بن شعيب عن جده : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن اتخذ خبنة فعليه غرامة مثليه، ومن أخذ منه شيئاً بعد أن يؤويه الجرين ، فبلغ ثمن المجن فعليه القطع ).
وجاء أيضاً من طريق عبدالله بن عمرو مرفوعاً، وهذا الحديث سكت عنه أبو داود - وهو يدل على أنه حسن عنده - وصححه الألباني في الإرواء.
وهذه الحاجة هي الجوع ، فكل من ينطبق عليه هذا الوصف دخل في الوصف الذي يناط به الحكم .
والقاعدة : الحكم إذا علق على وصف ، قوي بمقدار ذلك الوصف فيه .
والقاعدة : الحكم إذا علق على وصف، لا يجوز تعليقه على غيره .
٢ - وعن أبي سعيد الخدري:] إذا أَتى أحدكم على راعي فلينادِ: يا راعيَ الإبلِ ! ثلاثًا، فإن أجابهُ وإلا فليحلبْ وليشربْ ولا يحملنَّ، وإذا أَتى أحدُكم على حائطٍ فلينادِ ثلاثًا، يا صاحبَ الحائطِ ! فإن أجابهُ وإلا فليَأكلْ ولا يحملنَّ)
رواه البيهقي في السنن الكبرى.
وتفرد به سعيد بن إياس الجريري وهو من الثقات إلا أنه اختلط في آخر عمره • وأخرجه ابن حبان والبيهقي واللفظ له .
وجاء هذا الحديث من طريق آخر : من طريق الحسن عن سمرة بن جندب، ولهذا صححه ابن حبان والحاكم ، وقال الحافظ في الفتح : إسناده صحيح إلى الحسن فمن صحح سماعه من سمرة صححه ، ومن لا أعله بالانقطاع ، لكن له شواهد من أقواها حديث أبي سعيد فذكره ).
وقد صحح ابن المديني سماع الحسن عن سمرة .
وهذا لا يعارض ما رواه البخاري من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحلبن أحد ماشية امرئ بغير إذنه ، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته ، فتكسر خزانته ، فينتقل طعامه ؟ فإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعماتهم ، فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه ).
وذلك أنه لا تعارض بين عام وخاص ، فيقيد حديث ابن عمر بما سبق من تلك الأحاديث السابقة .
وعليه فلا يجوز مال امريء مسلم إلا بطيب نفس منه، سواء كان ذلك بأذن من الشارع ، أو المالك صريحاً أو عرفاً.
والقاعدة : العلم برضى المستحق يقوم مقام إظهاره للرضى - وقد سبقت في القواعد -. وبهذا تجتمع الأدلة
والقاعدة : الجمع بين النصوص واجب ما أمكن . والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة ام القرى / مكة المكرمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق