قاعدة: إذا تعارض أصلان، قدم الخاص منهما على العام .
حكم من طلق وشك في كون الطلاق وقع باختياره أو بغير اختياره .
—————-
فمثلاً وجل طلق امرأته حال غضب، ونسي هل غضبه كان افقده الاختيار، - أي بكونه لا يستطيع أن يمتنع عن الطلاق من الغضب مع أنه لا يريده - أم لم يفقده الاختيار ، - أي لم يفقده السيطرة على نفسه في حال الغضب - .
فهنا تعارض أصلان :
١ -أصل بقاء النكاح ، حيث الأصل بقاء ما كان على ما كان .
٢ -وأصل وقوع الطلاق، لأنه بلفظ الطلاق الصريح : الأصل وقوع الطلاق ، لوجود سبب الفرقة ، وهو لفظ الطلاق ، وإعمال الكلام أولى من إهماله .
وكون قد يكون حصل بغير اختياره لشدة غضبه : احتمال غير متيقن ، ولا راجح، فيكون وجوده كعدمه.
أما على فرض تحري المطلق وترجيح وقوعه بغير اختياره، فهننا نأخذ بغلبة الظن، لأن غلبة الظن تنزل منزلة اليقين عند تعذر اليقين .
كما هو الشأن في الشك في الصلاة، فمن شك هل هي ثلاث أم أربع، فترجح عنده إحداهما من كونها ثلاث فهي ثلاث، أو ترجح أنها أربع ركعات فهي أربع - مع سجود السهو -. فكذلك الشأن ههنا ترجح أنه طلاقها بغير اختياره لشدة غضبه لم يقع طلاقه .
ترجح أنه طلاقها باختياره وقع طلاقه.
استوى الطرفان أو لم يعلم هو باختياره أو بغير اختياره ، نقول : وقع طلاقه ، لأن الأصل الأقرب ، يقدم على الأصل الأبعد ، بمعنى الأصل الخاص، مقدم على الأصل العام .
ونظير ذلك قاعدة : القياس في الباب أولى من القياس في خارج الباب .
تنبيه : الطلاق في حال الغضب ، ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
١ - غضب يفقد فيه ما يقول ، بحيث يهذي بما لا يدري، فالطلاق في هذا الغضب : لا يقع بالاتفاق .
وفي الحديث ( لا طلاق في إغلاق )، ولأنه أشبه المجنون في تلك الحال، لانه لا يعقل ما يقول ، وفي الحديث( رفع القلم عن ثلاثة ... وعن المجنون حتى يفيق ).
٢ - غضب يسير ، بحيث يعقل ما يقول، ويستطيع أن يمتنع عن الطلاق ، ولكنه طلق وهو في عقله ، وتمام اختياره ، فهذا يقع طلاقه بالاتفاق، لأنه كامل الأهلية والحالة تلك. ولوجود الشروط وانتفاء الموانع .
٣ - غضب لا يفقد فيه عقله بحيث يعي ما يقول، وفقد فيه اختياره الطلاق من عدمه ، فهو لا يريد الطلاق ويحاول أن يمتنع عنه، ولكنه من شدة الغضب لم يستطع أن يمتنع عن الطلاق في تلك الحال .
فهنا تعارض : العقل مع عدم قدرة الاختيار ، فوقع الخلاف في وقوع الطلاق والحالة تلك، فمنهم غلب العقل على الاختيار فأوقع فيه الطلاق ، لكونه قال قولا وهو عاقل .
ومنهم من قال : بعدم وقوع الطلاق ، لفقده قدرة الاختيار من إيقاع الطلاق من عدمه، فأشبه المكره، الذي يعقل ما يقول ، وفقد اختيار الطلاق للإكراه، فلم يقع طلاقه.
وهذا أقرب، لأن القياس يخصص النص العام .
فقياس العاقل الذي فقد اختياره على المكره أرجح ، والله تعالى أعلم .
كتبه : محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة ام القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق