—————-
إذا نذر أن يتصدق بنصف ماله إذا بلغ الخمسين عاماً، يجزيء عنه أن يتصدق بثلث ماله إذا بلغ الخمسين.
وذلك للأسباب التالية:
١- لقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }.
وهذا عهد ونذر.
٢- ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطع الله فليطعه) وهذا نذر طاعة، وهو قادر على ذلك غير عاجز.
٣- ويجزي عنه أن يخرج ثلث ماله، لحديث
كَعْبَ بنَ مَالِكٍ، في حَديثِهِ: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] فَقالَ في آخِرِ حَديثِهِ: إنَّ مِن تَوْبَتي أنِّي أنْخَلِعُ مِن مَالِي صَدَقَةً إلى اللَّهِ ورَسولِهِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهو خَيْرٌ لَكَ) رواه البخاري. وعند أبي داود (يجزيء عنك الثلث) صححه الألباني.
وفي حديث أبي لبابة (يجزيء عنك الثلث).
فإذا كان في المال كله يجزيء عنه الثلث، فمن باب أولى كان اكثر من ذلك يجزء عنه الثلث، ولكن هل هو ثلث ما نذره أو ثلث ماله كله، الظاهر الثاني، وهذا في كل من نذر أن يتصدق بأكثر من ثلث ماله كله أن يتصدق بثلث ماله كله ويجزئه.
وعلى المعنى الثاني: يتصدق بثلث ما نذره، وهذا يخالف الأصل في أن نذر الطاعة يجب الوفاء به كله، ولما كان الاحتمال وارداً على النص، فإن القاعدة: رد المتشابه إلى المحكم، والأصل هو التصدق بما نذر من نذر الطاعة، واستثنى النص، إجزاء الثلث عمن نذر التصدق بماله كله، ويقاس عليه من نذر ما فوق الثلث أن يتصدق بالثلث.
٤- عن سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَعودُني وأنا مريضٌ بمكَّةَ، فقلتُ: لي مالٌ، أُوصي بمالي كلِّه؟ قال:لا. قلتُ: فالشَّطرُ؟ قال: لا. قلتُ: فالثُّلُثُ؟ قال: الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كثيرٌ، أنْ تَدَعَ وَرَثتَكَ أغنياءَ خَيرٌ مِن أنْ تَدَعَهُم عالَةً يَتكَفَّفونَ النَّاسَ في أيديِهم)).
وَالشاهد: ((الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثيرٌ)) دليلٌ على أنَّ مَن أَوْصى بمالِه فإنَّه يُخرَجُ الثُّلُثُ، والنَّذرُ يُقاسُ عليه.
٥ - ولما في إخراجه ما زاد عن الثلث من ماله من الضرر البالغ، فأجزأ عنه الثلث، لحديث:
(لا ضرر ولا ضرار).
وهذا مذهب الإمام أحمد.
والله تعالى أعلم.
كتبه/ د.محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق