—————
تقوم شركات الاتصال في عصرنا ببيع جوالات بالأجل بسعر الحال، شريطة أن يبقى في شبكتها المفوترة لمدة معينة ، هل ذلك جائز ؟
———————-
لا بأس بذلك ، للأسباب التالية :
١ - أنه جمع بين عقد بيع لعين، بشرط أن يستأجر عيناً أخرى لمدة سنة، وغاية ما فيه أنه جمع بين عقد وشرط، والأصح جوازه ما لم يحتو على محذور شرعي.
٢ - ولأن هذا العقد بيع عين بالأجل لا قرض مال، حتى يقال : سلف وبيع.
٣ - ولأنه لم يجمع بين عقدين متناقضين في الضمان في عين واحدة، بل البيع في عين ، والإجارة لعين أخرى .
٤ - ولأن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يحل سلف وبيع ).
العلة في كونه منهياً عنه ، هو كون الجمع بينهما ذريعة إلى الربا غالباً.
قال ابن القيم : وحرّم الجمع بين السلف والبيع لما فيه من الذريعة إلى الربح في السلف بأخذ أكثر مما أعطي، والتوسل إلى ذلك بالبيع أو الإجارة .
والقاعدة : العبرة بالجنس لا بالمفرد .
والقاعدة : العبرة بالأعم الأغلب لا بالقليل والنادر.
والجمع بين المعاوضة - سواء كان بيعاً أو إجارة أو صرفاً أو سلماً من عقود المعاوضة - يؤدي إلى المحاباة في سعر المعاوضة من أجل الحصول على القرض، فكان الجمع بينهما وسيلة إلى الربا، والوسائل لها أحكام المقاصد .
قاعدة : كل ما يؤدي إلى المحاباة في سعر المعاوضة من أجل القرض، فهو ربا.
@ وحديث نهى عن بيع وشرط، لا يصح .
@ وحديث ( نهي عن سلف وبيع ، وعن شرطان في بيع ...) الشرطان في بيع محمول على ما إذا أدى أجتماعهما إلى محذور شرعي.
@ وحديث ( نهى عن بيعتين في بيعة ).
محمول على ما إذا كان اجتماع العقدين يؤدي إلى محذور شرعي ، كبيع وإجارة في عقد واحد ، وزمن واحد، لاختلافهما في الضمان، وذلك أن الضمان في الإجارة على المؤجر ما لم يتعد المستأجر أو يفرط، والضمان في البيع على المشتري إذا تمكن من القبض وقبل تمكنه من القبض فالضمان على البائع .
أو قال : بعتك هذه بمئة حالة وبمائتين بعد سنة، فاشترى ولم يحدد ، لم يجز.
أو يقول له أبيعك هذه السلعة بمائة بعد سنة على أن تشتريها بأقل من سعرها حالاً ، فهذه بيع العينة .
ورواية ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ) شاذة .
@ وقد أخذ بعض أهل العلم من حديث ( نهى عن سلف وبيع ) عدم جواز الجمع بين عقد التبرع وعقد المعاوضة في عقد واحد، لأن عقد السلف- القرض - تبرع، وعقد البيع - عقد معاوضة .
وفيه نظر، فإن ما جاز مفرداً، جاز مجموعاً إلا ما دلّ الدليل على تحريمه.
وقد نص الحنابلة : كل عقدان يجوز إفراد كل منهما ، جاز الجمع بينهما ، كالبيع والإجارة .
- هداية الراغب ٢/٥٥٢ - .
- وحقيقة التبرع من أجل المعاوضة : معاوضة
- لأن التبرع إنما كان من أجل المعاوضة فيعتبر معاوضة، كمن قال اشتر سلعة ولك مثلها تبرعاً، فحقيقتها معاوضة بنصف القيمة ، فإذا ردها وجب رد ما أخذها معها تبرعاً.
- والقاعدة : العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني.
-
- فإن قيل : إن هذا العقد داخل في بيعتين في بيعة فهم بذا الشرط منعوه من أن يتحول إلى شركة أخرى قد تكون أرخص منهم.
- ومن جهة أخرى فالشركة دفعت مالا معلوما متمثلا في قيمة الجوال لكي تحصل على مال مجهول هو حصيلة الفواتير فيكون من الميسر .
فالجواب :
( بيعتين في بيعة) منهي عنه إذا تضمن محذوراً شرعياً، كبيع العينة - وقد تقدم تقرير ذلك -.
( منعه من التحول إلى شركة أخرى ) بناء على عقد معاوضة يتم الربح فيه من الجزء الثاني وهو الإجارة .
( كون الشركة دفعت مالاً معلوماً لكي تحصل على مال مجهول )
فالجواب :
١ - عدم التسليم بذلك ، بل الربح متحقق من كل دقيقة يستخدم بها العميل هذه الشريحة من أبراج اتصالاتهم .
٢ - أن أجرة الاتصال لكل دقيقة معلومة لدى العميل، والشركة عند إتمام العقد .
٣ - أن حرية الاستخدام من عدمه متروكة للعميل شريطة أن يستخدم هذه الشريحة في هذه الفترة من شبكتهم .
٤ - اختلاف الربح باختلاف الاستخدام ليس مشروطاً في العقد معرفته، وإنما بقدر الاستخدام يكون السعر، فليس في ربحه جهالة، بل هو معلق بالاستخدام لكل دقيقة، فإن لم يستخدم فلا أجرة عليه، نظير من قال : كل دورة على هذا المربع لحصاني بعشرة لمن أراد ركوبه .
٥ - على فرض حصول الجهالة: فهو غرر يسير مغفور ، متحدد بحسب غالب العرف في الاستخدام لمن يأخذ تلك الشريحة.
كتبه : محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
بارك الله فيكم و رفع الله قدر شيخنا
ردحذف