إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الاثنين، 9 ديسمبر 2024

حكم إلزام الجاني بتكاليف علاج المجني عليه//لفضيلة الشيخ أ.د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.

 

حكم إلزام الجاني بتكاليف علاج المجني عليه :


الجراحات التي قدر الشارع ديتها وهي الموضحة والهاشمة والمنقلة والمأمومة والدامغة والجائفة. ففي هذه الجنايات كلها هل يجب للمجني عليه نفقة علاج مع الدية المقدرة أم لا؟


———————-

1 - في الحديث( نهى أن يستقاد من الجرح حتى يبرأ).

فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : - أنَّ رجلًا طعنَ رجلًا بقَرنٍ في ركبتِهِ , فجاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ أقِدني , قالَ حتَّى تبرَأَ , ثمَّ جاءَ إليهِ فقالَ أقِدني , فأقادَهُ , ثمَّ جاءَ إليهِ , فقالَ يا رسولَ اللَّهِ عرِجتُ , فقالَ قد نَهيتُكِ فعصيتَني فأبعدَكَ اللَّهُ وبطلَ عرَجُكَ , ثمَّ نهى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أن يُقتصَّ من جُرحٍ حتَّى يبرأَ صاحبُه).


وأعل بالإرسال ، فهو حديث معلول، والمحفوظ هو المرسل .


2 - وَفي الحديث الآخر : «أَنَّ رَجُلًا طَعَنَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ فَاجْتَمَعَتْ الْأَنْصَارُ لِيَأْخُذَ لَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقِصَاصَ فَقَالَ: انْتَظِرُوا حَتَّى يَبْرَأَ صَاحِبُكُمْ ثُمَّ أَقْتَصَّ لَكُمْ، فَبَرَأَ).


ولهذا ذهب الشافعي وغيره إلى أن تأخير القصاص حتى يبرأ المجني عليه سنة لا واجب 

لعدم صحة الآثار في النهي عن أن يستقاد 

 - القصاص - من الجاني حتى يبرأ المجني عليه.


ووجه إيراد هذه الآثار في هذه المسألة : 

أن ظاهر هذه النصوص هو وجوب القصاص في حال العمد بدون نظر إلى التكلفة المادية في العلاج .


3 - - وفي حديث عمرو بن شعيب : قضى رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - في المواضحِ خمسًا خمسًا من الإبلِ، وفي الأسنانِ خمسًا خمسًا من الإبلِ)


4 - وعند أبي داود : - أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لمَّا فتَحَ مكَّةَ، قال في خُطبتِه: في الأصابعِ عَشرٌ عَشرٌ، وفي المَواضحِ خَمسٌ خَمسٌ).


5 - وفي حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ( ... وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة ثلث الدية، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل، وفي كل إصبعٍ من أصابع اليد والرجل عشرٌ من الإبل، وفي السن خمسٌ من الإبل، وفي الموضحة خمسٌ من الإبل، وإن الرجل يقتل بالمرأة..)


ظاهر هذه النصوص أن الواجب هو مقدار جناية العضو فقط .


ولهذا ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية في قول، والشافعية والحنابلة إلى أن الواجب فيها المقدرة فقط برأت على شين أم لا؛ لأن الشارع أوجب فيها الدية ولم يقيدها بحال دون حال فوجبت له بكل حال. ولا يذكرون مع وجوب الدية شيئا آخر؛ لأن الشارع لما قدرها لم يذكر معها شيئا آخر زائدا عليها .


ويشكل على هذا : 

أن عدم النقل ليس نقلاً للعدم .

وقاعدة : عدم الدليل المعين لا يستلزم عدم المدلول المعين .

ولأن الأعم الأغلب في عصرهم أن العلاج لا يحتاج إلى تكلفة باهضة ، بل هو مما جرى في عرفهم مبذولاً بلا عوض ، أو بيسير لا تلتفت له همة أوساط الناس.

والقاعدة : العرف المقارن للخطاب من مخصصات النص العام .


وذهب المالكية في المشهور عندهم إلى أن موضحة الرأس والوجه إذا برئت على شين وعثل فيزاد على الدية المقدرة فيها بمقدار الشين بالاجتهاد. واستحسن بعضهم أن تكون الزيادة هنا أجرة الطبيب وثمن الدواء.


وبناء على ذلك ذهب بعض الفقهاء المعاصرين - وهو متفرع عن قول المالكية - إلى وجوب تحمل الجاني تكاليف العلاج الطبي للمجني عليه .


واستدلوا لذلك بما يلي:

١ - أنه لولا العلاج ربما حصلت سراية في الجراحات قد تتلف النفس.

٢ - أن أجرة الطبيب ضرر مالي يلحق بالمجني عليه غير الأذى الذي لحقه في جسمه، فإذا كانت أجرة الطبيب هي حكومة العدل الواجبة بقي الضرر الذي أصاب جسمه بلا عوض؛ إذ لم يتضمن القول الآخر إزالته، وهذا مناف لعدل الشريعة الإسلامية الحكيمة واعتدالها.

٣ - أن تكاليف العلاج قد تستغرق معظم الدية في حال السراية إلى النفس، أو أكثرها في غير هذه الحالة، ومن ثم فلا يبقى لورثة المجني عليه في الحالة الأولى أو المجني عليه في الحالة الثانية من الدية سوى شيء يسير، وهذا خلاف المقصد الشرعي في جعل الدية عوضا عما فقد من نفس أو عضو أو ما شوه من البدن.

٤ - أن ذلك يتفق مع قواعد المسئولية في الشريعة؛ إذ هو داخل في باب إتلاف مال الغير بالتسبب أي فلا يتعارض مع وجوب الدية والأرش.


والذي يظهر لي ترجيحه والعلم عند الله تعالى :

أن الجاني يضمن الجناية وسرايتها وما يترتب عليها من الضرر، ومن ذلك العلاج ،- وذلك إن لم يذل مجاناً ، بحسب العرف-.

1 - لقوله صلى الله عليه وسلم :( لا ضرر ولا ضرار )

2 - وللقاعدة : كل من فعل ما لا يجوز أو ترك ما وجب فعليه الضمان.- سبق تقريرها في القواعد-.


3 - وقياساً على السلعة المعتدى عليها فإن الجاني يضمن إصلاحها ، وفيمة الفرق بين كونها سليمة ومعيبة بعد إصلاحها.

- كما في حوادث السير -.


4 - ولما سبق في القواعد : أن الإنسان يجوز أن يأخذ العوض في الشريعة من أربعة أوجه،

ومنا الضرر المادي ، لقوله صلى الله عليه وسلم :( في الموضحة خمس من الإبل ) 

وذلك مقدار ما لحقه من الضرر المادي خمس من الإبل ، وهذا التقدير عند حصول الضررر، فإذا زاد الضرر بسراية أو علاج ودواء، فإن الجاني يتحمل تلك الزيادة ، كما يتحمل السراية ، لأنها نتيجة ضرره، وعمله الذي نتج منه الضرر. فالنصوص الوازدة في التقدير إنما هي نصوص في الضرر الواقع ، ولا تلغي الضرر الناتج عنه بعد حصوله كالسراية وتكاليف الدواء، .

5 - إذا كانت سراية الجرح مضمونة ، فتكاليف العلاج كذلك ، بجامع أن كلاً منهما نتيجة عمله واعتدائه.


كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة من المسجد الحرام 12-9-1445 للهجرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت