إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 2 يونيو 2020

حكم الفائدة السالبة//لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


حكم الفائدة السالبة :
————
صورة المسألة : إذا اقترض زيد من عمرو مائة الف ريال، وتم الاشتراط في العقد أن يتم السداد في العقد تسعين ألف ريال .

وهذا قد تلجأ له البنوك التجارية للفرار من التأمين أو من الضرائب ، أو نحو ذلك من المقاصد .
——
فإذا كان هذا من باب الإرفاق ، فعند ذلك لا إشكال في الجواز ، لأن القرض : رد مال  لمن ينتفع به ويرد بدله .
والقاعدة : يجوز في عقود التبرعات  ما لا يجوز في عقود المعاوضات .
فإذا كان النفع متمحضاً للمقترض في القرض : كان ذلك جائز بالإجماع .
وإذا كان القرض من أجل تفع المقرض كان محرماً بالإجماع.
وإذا كان مشتركاً في غير المنافع المضمونة لأحدهما من غير جهة الشرع ، فهو محل اجتهاد وتأمل ، فإن النفع الأكبر والأقوى للمقرض كان حراماً، وإذا استويا حرم لاجتماع حاضر ومبيح فغلب جانب الحظر .
وإذا كان النفع نفع المقرض هو اليسير التابع لغيره غير مقصود بالعقد ولا مؤثر في الامتناع منه فوجوده كعدمه ، حيث يجوز تبعاً ما لا يجوز مفرداً.
فإذا دفعت له مالاً واشترط رد أقل منه من جنسه، وظهر المقصود من ذلك هو التبرع والإرفاق ، كان ذلك جائزاً، لأنه والحالة تلك جمع له بين تبرع بعشرة وقرض تسعين.
والقاعدة : العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني .

وأما إذا كان ذلك من باب المعاوضات ، وظهر المقصود بالعقد أنه من عقود المعاوضة : أن يدفع له مائة على أن يردها تسعين بالشرط ، لم يكن هذا من باب القرض في شيء ، وكان المقصود هو المعاوضة لا الرفق والإحسان ، فعندئذ نقول بأن هذا العقد لا يجوز ، ومن الربا ، لأنه من الأموال التي يجري فيها الربا ، فإذا كانت من جنس واحد يشترط فيها التماثل والتقابض في مجلس العقد .
ولهذا إذا أقرضه شعير على أن يرده بعد سنة براً لم يجز ، لان المعاوضة فيه ظاهرة .

فإذا كانت المصارف : تقول لعملائها : خذوا مالاً ، وردوه علي بعد سنة بأقل من ذلك - شرطاً في العقد - من أجل أن تحقق أقل الخسائر في ميزانياتها السنوية بسبب الضرائب والتأمينات ونحوهما .
فهي لا تقصد الرفق والإحسان وإنما قصدت المعاوضة التي تفتدي بها أقل الأضرار .
والنية في هذا الباب لها أثر في تصحيح العقد أو إفساده .

فإن قيل العميل : كيف نحرم عليه شيئاً يتعلق بنية غيره لا بنيته . فهو يأخذ مالاً ويتبرع له البنك بجزء من ذلك المال .
فإن كان حراماً فهو على الدافع لا الآخذ .

فالجواب : أن من  علم أو غلب على ظنه أنها معاوضة ، فلا يجوز له ذلك الفعل .
والقاعدة : غلبة الظن تنزل منزلة اليقين .
والقاعدة : المعين كالفاعل.

ومن لم يعلم ولم يغلب على ظنه أن ذلك من عقود المعوضة ، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها .
وأما كون البنك تبرع له بالباقي : نقول هذا ليس من التبرعات وإنما والحالك تلك كان من باب المعاوضات ، لأن مقصود البنك ظاهر لا يريد التبرع ولا يرغب فيه، وإنما معاملته ربحية تجارية فقط ، فيدرأ الخسارة الكبرى بالخسارة الصغرى ، وكيف ننسب للبنك التبرع وهو ينفيه عن نفسه ، ويثبت المعاوضة التي تدرأ عنه أعظم الضررين .

والفرق بينهما النية ، فمعرفة نية البنك يقيناً أو غلبة للظن من كون العقد من عقود المعاوضات في الأموال التي يجري فيها الربا ، ولم يحصل التماثل ولا التقابض  في الأموال التي يجري فيها الربا ، يجعل هذا العقد محرماً.
وبناء عليه إذا علم بالتحريم : وجب عليه رد المثل فوراً إن استطاع، وإذا لم يستطع فمتى ما استطاع تخلصاً من الربا .

تنبيه : وقد اختلف العلماء في اشتراط الفائدة السالبة على قولين : فالجمهور على المنع - بناء على أنه عقد معاوضة -،  وذهب بعض الحنابلة وجمع من أهل العلم إلى الجواز - بناء على انه عقد تبرع وإرفاق وأحسان - ، والذي يظهر رجحانه هو ما سبق تقريره، وبهذا تجتمع الأدلة ، والله تعالى أعلم .

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت