إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

السبت، 14 يوليو 2018

قاعدة : كل معاملة تؤدي إلى زيادة الدين على المدين، فهي ربا//لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


قاعدة : كل معاملة تؤدي إلى زيادة الدين على المدين، فهي ربا.
- قاعدة : كل تعويض عن  مماطلة الدائن - ولو مؤسراً- رباً.-
ولذلك صور :-
١ - البيع بالأجل شريطة تسديد الدين الأول ، فمثلاً يبيعه سيارة بالآجل شريطة أن يسدده  دين السيارة الأولى ، فجمع بين البيع والسلف.
فحقيقتها : زيادة الأجل بزيادة في الثمن ، بواسطة بيع مؤجل ، يؤدي إلى زيادة الثمن لزيادة الأجل .
وهذا ما يسمى في المصارف الحديثة : 
 بالتمويل الإضافي إذا كان هناك اتفاق أو تواطؤ على سداد الدين الأول من التمويل الثاني .

٢ - اشتراط أجرة التعقيب على المدين لا تجوز.
فإن كان المدين معسراً، فلا تجوز شكايته، ولا التوكيل عليه بأجر لشكايته، لقوله تعالى ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة).
وإن كان مؤسراً، فالشكاية على الدائن ، ولا يجوز أن يطلب عوضاً عن الحق الذي له، ويجعله على المدين من أجل الدين، فيكون ذلك سبباً في زيادة الدين على المدين  بسبب زيادة الأجل، حيث زاد المال بسبب زيادة الأجل، فيؤدي للوقوع في الربا، فإن ثبت مطله بلا عذر، جازت عقوبته بغير زيادة المال على الدين الذي عليه حتى لا نقع في الربا.

٣ - عقـوبة المدين المماطل في أداء الدين بمال  للدائن ، لا تجوز ، للتعليل السابق .

فإن قيل في الحديث( مطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته).
فالجواب: أن أي عقوبة تؤدي إلى الوقوع في المنهي عنه لحق الله تعالى فهي محرمة، وههنا العقوبة بالمال تؤدي إلى الوقوع في الربا- وقد سبق في القواعد الفقهية والأصولية ، أن العقوبة بالمثل مشروعة ما لم تكن محرمة لحق الله تعالى .

وجاء في قرار مجلس " المجمع الفقهي الإسلامي " برابطة العالم الإسلامي بشأن فسخ الدين في الدين ما نصُّه :

" يعدُّ من فسخ الديْن في الديْن الممنوع شرعاً : كل ما يفضي إلى زيادة الدين على المدين ، مقابل الزيادة في الأجل ، أو يكون ذريعة إليه .

ويدخل في ذلك الصور الآتية :

" فسخ الديْن في الديْن ، عن طريق معاملة بين الدائن والمدين ، تنشأ بموجبها مديونية جديدة على المدين ، من أجل سداد المديونية الأولى ، كلها أو بعضها .

ومن أمثلتها : شراء المدين سلعة من الدائن بثمن مؤجل ، ثم بيعها بثمن حالٍّ ، من أجل سداد الدين الأول كله أو بعضه ؛ فلا يجوز ذلك ما دامت المديونية الجديدة من أجل وفاء المديونية الأولى ، بشرط أو عرف أو مواطأة أو إجراء منظم .

وسواء في ذلك أكان المدين موسراً أم معسراً .

وسواء أكان الديْن الأول حالاًّ ، أم مؤجلاً يراد تعجيل سداده من المديونية الجديدة .

وسواء اتفق الدائن والمدين على ذلك في عقد المديونية الأول ، أم كان اتفاقاً بعد ذلك .

وسواء أكان ذلك بطلب من الدائن ، أم بطلب من المدين .

ويدخل في المنع : ما لو كان إجراء تلك المعاملة بين المدين وطرف آخر غير الدائن ، إذا كان بترتيب من الدائن نفسه ، أو ضمان منه للمدين ، من أجل وفاء مديونيته" انتهى .
-------
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وإذا كان المقصود أن يزيد الدائن في الأجل، ويزيد المدين في المال،  ولكن توسلوا إليه يعاملة أخرى، فهذا تنازع فيه المتأخرون من المسلمين، وأما الصحابة فلم يكن بينهم نزاع أن هذا محرم، فإنما الأعمال بالنيات، والإثار عنهم بذلك كثيرة مشهورة ،أ.ه.

١ - فإن قيل : هذه الزيادة عقوبة ، والعقوبة يجوز أن تكون بالمال، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيمن منع الزكاة ( إنا لآخذوها وشطر ماله) ، وفِي حديث عمرو بن العاص ، لما سئل عن الثمر المعلق ، قال صلى الله عليه وسلم ( من أصاب بفيه غير مُتَّخِذ خبنة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة) وغير ذلك من الأدلة على جواز المعاقبة بالمال.
فالجواب : أن هذه معاوضة ، وليست عقوبة، فإذا كانت معاوضة فهي عين الربا، إذ إن الربا : الزيادة في شيئين حرم الشارع التفاضل بينهما، أو التأخير في قبض ما يشترط قبضه.
وهذا يشبه ربا الجاهلية، إذا حل الأجل قالوا إما أن تقضي  أو تربي. فكانت الزيادة في المال مقابلة الزيادة في الأجل .
والاتفاق بين الدائن والمدين على تقدير العوض، دليل على وجود المرابة بينهما، وهي الزيادة على المال عند زيادة المدة، فيكون من الاتفاق على الربا.
وأخذ المال من مانع الزكاة ليس من أجل تأخيره، وإنما عقوبة على امتناعه.
وأخذ المال ممن خرج بالثمر من البستان ليست العقوبة على دين وإنما على أخذ عين.
فالتعويض عن الدين هو الربا.
والفرق بين البيع والربا واضح. لأن الربا المحرم  هو الزيادة الحاصلة من الدين.
وأما الربح فهو زيادة حاصلة من البيع. والفرق بين البيع والدين ظاهر. والإسلام لا يسمح  بالإنتفاع بالدين. لأن المفسدة الحاصلة من نفع الدين أغلب من المصلحة فيه. وكذلك إلزام المدين القادر المماطل بالتعويض عن الدين. فالمفسدة فيه أغلب من المصلحة ، لأنه نفع جره دين وهو ربا محرم متفق على  تحريمه.
. لأن الربا في اللغة الزيادة والمزيد عليه هو الدين، لأن المأخوذ والمدفوع في الدين من جنس واحد، فإذا كان المدفوع أكثر من المأخوذ حصلت الزيادة وهي الربا. وهذه الزيادة لا تحصل في البيع، لأن البدلين فيه من جنسين مختلفين فلا تتحقق الزيادة بينهما.
٢ - فإن قيل : الضرر الذي لحق الدائن بسبب مماطلة المدين بغير عذر، ألا يستحق التعويض.
فالجواب :  أن الدين  المطلوب لم ينقص، فلا وجود للضرر فيه، وأخذ التعويض عليه هو عين الربا.
وهو نظير التعويض الذي يكون  لمن تمت مماطلته من المدين  من غير اشتراط التعويض.
ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم زاد أحداً من دائنه لمماطلته.
بل ثبت نفي ذلك من ربا الجاهلية :  إما أن تقضي وإما أن تربي، فإذا كان منفياً بالشرط، فنفيه من غير شرط من باب أولى .
إذاً لا  نسلم بوجود الضرر، لأن الضرر ما ينقص من رأس المال، و رأس المال هنا دين ولم ينقص منه شيء بتأخر المدين عن تسديده. ولا يسمى انتفاء الربح ضرراً. لأن الربح ما يحصل من البيع وهو لا ينال إلا بعد بيعتين؛ وفي أولاهما يشتري الرجل المبيع و في الثانية يبيعه. وإذا اشترى سلعة بألف وباعها بألف ومائة ربح مائة وحيث لم يبعها لم يربح شيئاً، و إن باعها بمثل ما اشتراها لم يربح أيضاً. وإن كان بيعه بأقل ممااشتراه يخسر. فالربح أو الخسارة لا يتحققان إلا بعد هاتين البيعتين فدعوى الضرر الناشئ عن تأخر الدين دعوى باطلة.

٣ - فإن قيل : التضخم ونقص العملة أليس ضرراً.
فالجواب : نعم ضرر، ولكن عند تغير العملة يثبت له قيمتها عند انتقال العملة من ذمة الدائن إلى ذمة المدين، وذلك لأن المثلي : هو ما لم يتغير عيناً أو قيمة وله في السوق نظير- وقد سبق في القواعد-.
@ فإن قيل : أليس تأخير الدين عن صاحبه من غير عذر: يتضرر من عدم المتاجرة فيه والربح، فيضمن له أرباح ماله.
فالجواب : أن ربحه غير مضمون فقد يخسر، ويكون بقاء المال مضموناً له في ذمة المدين خيراً له .

٤ - فإن قيل : ألا تقاس هذه المسألة على العين المغصوبة التي تضمن منافعها على الغاصب قبل تلفها.
فالجواب : أن منافع العين تختلف عن منافع الديون حيث تعتبر منافع الدين رباً بالإجماع.

٥ -  فإن قيل : يجوز ذلك قياساً على مشروعية الشرط الجزائي، إذا لم يكن فيه إجحافاً وظلماً، ولم يكن هناك عذر معتبر شرعاً في الإخلال به.
فالجواب :   أنه  قياس مع الفارق،  لأن هذا شرطاً يحل حراماً. لأن النفع الحاصل من الدين بالشرط الجزائي ربا محرم لقوله تعالى: ”وأحل الله البيع وحرم الربا.” والحاصل من البيع هو الربح ، وأما الربا المحرم في هذه الآية فهو الزائد على الدين سواء أكان الدين قرضاً أو ثمن بيع مؤجل أو أجراً مؤجلاً أو قيمة مال مستهلك أو غيره.

٦ -  فإن قيل : ألا يصح قياس تعويض الدائن من المدين المماطل قياساً على مشروعية العربون .
فالجواب :   هذا قياس مع الفارق، لأن مسألة العربون في ساحة البيع الذي أحله الله. ومسألة تعويض الدائن في ساحة الربا الذي حرمه الله. وعلاوة على ذلك أن العربون ليس في مقابلة حبس المشتري للمبيع ولا في مقابلة تفويت فرص بيع هذه السلعة. قال ابن قدامة :
“ولا يصح جعله عوضا عن انتظاره وتأخيره بيعه من أجله لأنه لو كان عوضا عن ذلك لما جاز جعله من الثمن في حال الشراء، ولأن الإنتظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه. ولو جازت لوجب أن يكون معلوم المقدار كما في الأجرة”

٧ -  فإن قيل : يعزر المماطل في الدين بالمال ، ويوضع في وجوه الخير .

فالجواب : إن  من الظلم وضع الشيء في غير محله، قال الأصفهاني في مفرداته: الظلم عند أهل اللغة وكثير من العلماء وضع الشيء في غير موضعه المختص به إما بنقصان أو زيادة و إما بعدول عن وقته أو مكانه .
ولما يترتب على ذلك من زيادة المدين على دينه من أجل زيادة الزمن، وهو الربا، سواء صرفت هذه الزيادة للدائن أو لغيره.

وبعد هذا العرض يتبين عدم جواز عدم جواز أي معاملة تؤدي إلى زيادة الدين على المدين، وعدم جواز تعويض الدائن بزيادة مال على الدين بسبب مماطلة المدين ، ولو كان مؤسراً، والله تعالى أعلم .

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت