حكم سحب مال من مكينة نقاط البيع من حساب التاجر ، على أن يدفع له العميل أكثر من ذلك المال المسحوب .
حكم خدمة ( نقد ) ، - وهي من مزايا شبكة مدى -، ويوضح صورتها المسألة التالية : -
قرية تبعد عنهم الصرفات الآلية للسحب المالي، فيلجأوون إلى محلات تجارية تسحب لهم من حسابهم إلى حساب تلك المحلات ،
بحيث تسحب لهم بتحويلها عبر صرافة العميل من حساب العميل إلى حساب المحل، ثم تقوم بتسليم المبلغ،. وخصم المبلغالمتفق عليه
فتدفع لهم المبلغ المسحوب ، ويأخذون مقابل ذلكم العمل مبلغا مالياً .
كما يحصل هذا في الصيدليات أو المحلات التجارية يسحب أكثر من قيمة السلع التي شراها ، ويدفع المال الزائد عندقيمة السلع إلى صاحب البطاقة .
-----------
فالجواب : هذه تكيف بأنها صرف ، فيكون لها أحكام الصرف ، وذلك بأنها علاقة بين العميل ، والتاجر الذي عنده مكينة نقاط البيع ، لأن الخصم يتم من حساب التاجر لا من حساب المصرف .
فالعميل يريد أن يأخذ ألف ريال من حساب التاجر على أن يدفع له العميل ألف ريال من حسابه ، ويشترط التأجر أن يأخذ زيادة على هذه ألف مقابل خدمته للقيام بهذا العمل .
_ ولا تكيف بأنها قرض ، إلا إذا دفع التاجر المبلغ للعميل ، وبعد الافتراق من مجلس العقد ، سدد العميل المبلغ ودفع له الزيادة المتفق عليها ، فيكون من الربا الصريح، وذلك أنه دفع له مبلغ ألف ريال قرضاً ، على أن يسدده بأكثر من ألف ريال - .
وعلى هذا فإذا كيفت بأنها صرف ، فإن هذه المعاملة لا تكون جائزة ، للأسباب التالية :
١ - إذا كانت النقود من جنس واحد ، يشترط فيها التقابض في مجلس العقد ، والتساوي .
وهذه لا تماثل فيها، فأحدهما يدفع ألفاً على أن يدفع الآخر له أكثر من ألف، والربح في المصارفة إذا كانت النقود من جنس واحد لا تجوز، والتاجر هنا قد جعل هذه الطريقة وسيلة لاستدرار الربح المحرم عن طريق المصارفة التي يحرم فيها أخذ الزيادة ، والوسائل لها أحكام المقاصد .
فإن قيل : إذا كانت هذه الزيادة فقط إنما هي سعر التكلفة الفعلية لمكينة نقاط البيع ولا كسب له فيها.
قلنا : يتجه الجواز ، لأنه لا كسب للتاجر في تلك الطريقة ولا تحائل له في أن يتكسب ويربح في المصارفة، بل هو مجرد إحسان للعميل وخدمة له . والتكلفة الفعلية لحاجة العميل ، يدفعها العميل عن نفسه ، لا ربح للتاجر فيها، فلا بأس حينئذ . ولا يجوز أن يأخذ أجرة مثل أو ربحاً سواء كان قليلاً أو كثيراً، فإذا جهل تكلفة المثل غلب الظن أن لا يأخذ أكثر من تلك التكلفة .
@ فإن قيل : أخذ الربح هنا من أجل عمل ومنفعة مكينة نقاط البيع لا من أجل الدين .
فالجواب : ليس كل منفعة يجوز أخذ الأجر عليها، ومن ذلك منفعة المصارفة ، ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل يداً بيد ، فمن زاد أو استدزاد فقد أربى) أي وقع في الربا، مع أن أحدهما قد تكون به صنعة والآخر لا صنعة به، وأحدهما قد يكون جيداً والآخر ردئياً، فكانت منفعة المصارفة ليست طريقاً شرعياً للربح والكسب .والوسائل لها أحكام المقاصد، فحاجة أحدهم للصرف ليست مبيحة للآخر في الكسب، مع أن هذا يأخذ عليه وقتاً وجهداً حتى يصرف ما يريد صرفه .
٢ - أن المصارفة يشترط فيها القبض في مجلس العقد، يقيناً أو غلبة ظن .
فإذا حصل اليقين أو غلبة الظن من أن الخصم من الحساب في هذه الطريقة لم يتم في مجلس العقد، فإن المصارفة هذه باطلة .
وعلى هذا فإن بطاقة السحب العادية ( الحسم الفوري ) يدخل بها المال في الحال في حساب المحل إذا كانت البطاقة من حساب إلى حساب في مصرف واحد، وأما إذا كانت من مصرف إلى مصرف فإن الغالب في وقتنا هذه أن المعاملة تحتاج إلى مقاصة تستغرق غالباً أربع وعشرين ساعة أو أكثر ، وعلى هذا فإن المصارفة إذا لم تتم في مجلس العقد فهي ربا ، ولا ينزّل القيد المصرفي منزلة القبض على القول الراجح ، وقد أفردنا هذه المسألة : هل القيد المصرفي ينزّل منزلة القبض فيما سبق - .
@ وبطاقات فيزا إذا كانت مسبوقة الدفع ( شحن مالي مسبق ) فهذه لا إشكال فيها بالجواز إذا وصل المال لحساب المحل قبل أن يفترق الطرفان عن مجلس العقد .
فإذا تأخر دخول المال لحساب المحل عن وقت دفع المال للعميل - مجلس العقد - ، كان من الربا ، لان المحل سيصرف وتمت المصارفة بلا تقابض في مجلس العقد .
@ وبطاقة فيزا غير مسبقة الدفع يدفع فيها البنك عن العميل، فلو فرض ان المال يدخل للمحل فوراً، كانت المصارفة يداً بيد .
جازت مسألتنا إذا كانت بطاقة فيزا خالية من الأمور المحرمة، وإلا فلا .
فإذا كانت بطاقة فيزا محرمة لأخذ فوائد أو رسوم عليها - كما هو الغالب فيها حالياً - فما الحكم .
فالجواب : - إذا كانت إحدى العمليتين غير مرتبطة بالأخرى ولا مبنية عليها جازت وإلا فلا .، فإذا أخذ العميل. فيزا محرمة مسبقة الدفع فوزره - إثمه - عليه، ومن أجرى له عملية مسألتنا هذه على الوجه الشرعي ، غير معين له على الإثم والعدوان ، إذا كانت هذه البطاقة مسبقة الدفع ، أما غير مسبقة الدفع فالتعامل بها ههنا ، مرتبط بمسألتنا هذه، ولا يجوز التعامل بها في هذه المسألةا، فإذا كان المصرف هو الذي يدفع عن العميل في بطاقة فيزا قرضاً محرماً ، سواء كان ذلك برسوم اشتراك، أو عن طريق عملية السحب ، أو بزيادة عند التأخر عن السداد، أو من أجل منفعة يحصل عليها من قبل جهة تقدم لموظفيها خدمة أو نحو ذلك، فهاهنا تكون العمليتان مرتبطتان ، لا تقوم إحداهما إلا بالأخرى وعلى هذا فإن بطاقة فيزا الغير مسبوقة الدفع لاتجور استخدامها في مسألتنا هذه ، إلا إذا وجدت بطاقة فيزا غير مسبوقة الدفع خالية من الشروط المحرمة، وأما التعامل بها في مسألتنا بالشروط المحرمة حرام ولا يجوز ، للتعاون على الإثم والعدوان، والمعين كالفاعل.- كما سبق - حيث يترتب على ذلك إعانة العميل للإقتراض المحرم من المصرف .
والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق