حكم جماع الزوجة أمام الزوجة الأخرى :
يحرم ذلك ولا يجوز ، للأدلة التالية :
١ - قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم )
ثلاث عورات لكم : أي تختل فيه حفظها وتسترهم فيها، فالعورة: هي الخلل، والأعور : هو مختل العين ، وأعور المكان : إذا أختل حاله وبدا فيه خلل يخاف منه العدو، وسميت هذه الأوقات عورة : لأن الناس يختل فيها حفظها وتسترها.
وعورة الإنسان : سوأته ، سُميت عورة لأنها من العار، وهو خلل، وذلك لما يلحق الإنسان في ظهورها من المذمة والعار .
ففي هذه الأوقات الثلاثة لا يدخل عليكم العبيد والإماء والأطفال إلا بإذن، لأن هذه الأوقات أوقات خلودكم إلى النوم والراحة ، وهي أوقات يختل فيها تستركم، والتكشف فيها غالب .
فإذا كان الاستئذان من اجل حفظ البصر من الخلل والخلة المتوقعة غالباً في هذه الأوقات ، فالمتحقق من حصول الخلل فيما يجب التستر منه من حصول الجماع - ولو من غير تكشف العورة - من باب أولى . وذلك لتحقق الخلل الذي يجب التستر منه عن الغير .
٢ - ( إن شر الناس عندالله منزلة يوم القيامة
الرجل يفضي إلى امرأته ، وتفضي إليه ، ثم ينشر سرها ).
وهذا يدل على تحريم أن يجامع الرجل زوجته أمام من يعقل ذلك ويدركه، فإذا كان الوصف محرم من آهات وأفعال ، فالعيان أمام الغير من باب أولى .
٣ - ولقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا ضرر ولا ضرار )، فجماع الرجل لمرأته أمام الغير يخدش حياءها ، وتأبه الفطر السليمة، وهو يثير غريزة الناظر إليهما ، وإن كان ذلك الناظر زوجته الأخرى أثار غيرتها، وتضررت ضرراً نفسياً ، وكان وقع ذلك عليها أعظم من وقعه على الغير .
٤ - ولأنه مذهب للمروءة ومسقط لشهادته ، مخالف للفطرة السليمة ، من خبائث الطباع عند كل عاقل، وقد قال تعالى ( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) فكل ما تستخبثه العرب في عاداتها وطباعها ومأكولاتها فهو خبيث محرم .
٥ - وإذا أمر الشارع بحفظ العورات من النظر ( والذين هم لفروجهم حافظون ) عما حرم الله ، وحفظها أيضاً بسترها من النظر إليها - النظر المحرم - فإن حفظ العورات من العمل فيها أمام الملأ من الحفظ المعنوي لها، فكما تحفظ حساً فحفظها معنى من باب أولى .
فكل هذه الأدلة تدل على تحريم جماع المرأة أمام من يدرك ذلك ويعقله، وهو كما دلت عليه النصوص الشرعية، فإن العقل الصحيح يدل عليه - كما سبق - ، والفطرة التي فطر الله الناس عليها تمقت ذلك وتكرهه وتشمئز منه .
@ هذا وقد ذهب جمع من الفقهاء إلى كراهة ذلك إذا لم تنكشف لهماعورة ، لأن ذلك خلاف الآداب وتهذيب السلوك، وفيما سبق من أدلة كفاية في الجواب عن قولهم .
والله تعالى أعلم وأحكم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق