على من يجب الرضاع :
الحنفية والحنابلة والشافعية : لا يجب الرضاع على الأم بحال ، ما لم تخشى هلاكه لعدم قبول لبن غيرها.
لقوله تعالى ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف، وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ).
والشاهد ( فإن أرضعن لكم) يدل على أنه على الأب من ماله ،
وللأم أن تطلب أجرة الرضاعة من مال الصبي أو ممن تلزمه النفقة على الصبي إن لم يكن للصبي مال، لظاهر الآية السابقة:( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ).
وهي عامة في حق من هي باقية في حبال الزوجية والمطلقة،
والجواب :
أن قوله تعالى ( أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ).
في حق المطلقات : فعلى الرجل أن يسكن مطلقته في داره التي يسكنها على قدر طاقته ووسعه ، وليس له أن يضيق عليها ويضارها في النفقة والسكنى ليلجئها إلى الخروج من داره.
وإذا كانت المرأة حاملاً فعليه أن ينفق عليها ولو طالت مدة الحمل بعد الطلاق حتى تضع حملها ، فإذا ولدت ورضيت أن ترضع ابنها فعلى الرجل ان يدفع لها اجر الرضاعة، وليأمر كل منهما الآخر بالمعروف في أمر الرضاع، وأجرة الإرضاع، فإن عسر الاتفاق بين الأب والأم ، فللأب أن يبحث عن مرضعة أخرى .
وبعد الانتهاء من الحمل خرجت المرأة من عصمة الزوج ، وخرجت من عدتها ، فيكون أجرة الرضاع على الأب، وليس في الآية عموم على كون الرضاع على الأب فبل وبعد الفراق، بل الآية تدل على كون الرضاع على الأب بعد الفراق، لا قبله.
ولهذا ذهب الحنفية والمالكية إلى أن الأم لا تستحق الأجرة حال الزوجية .
وقال ابن قدامة في المغني. : الرضاع لا يخلو إما أن يكون لحق الولد أو لحق الزوج أولهما لا يجوز أن يكون لحق الزوج، فإنه لا يملك إجبارها على رضاع ولده من غيرها ولا على خدمته فيما يختص به، ولا يجوز أن يكون لحق الولد، فإن ذلك لو كان له، للزمها بعد الفرقة، ولأنه مما يلزم الوالد لولده، فلزم الأب على الخصوص كالنفقة. انتهى.
قال النووي رحمه الله في المنهاج: فإن اتفقا -أي على الرضاع- وطلبت أجرة مثل أجيبت أو فوقها فلا، وكذا إن تبرعت أجنبية أو رضيت بأقل في الأظهر.
فإن وُجدت متبرعة بالإرضاع فلا يلزم ولي الطفل إجابة الأم على أجرة المثل، وكذا الحضانة لا تتعين على الأم إن وجد غيرها، والحضانة هي حفظ من لا يستقل وتربيته بما يصلحه من طعام وشراب، وما قيل في الرضاع من حيث الأجرة، يقال في الحضانة. -
@ المالكية : رضاع الولد على الزوجة ما دامت الزوجية إلا لشرف الزوجة وموضعها فعلى الأب بماله.
للآية المتقدمة ، وهي في العدة ( أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن، فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ...)
وقيل : يجب الرضاع على الأم في كل حال .
لقوله تعالى ( وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ) معاتبة للام ، لأن المبذول من جهتها هو لبنها لولدها ، وهو غير متمول ولا مضمون في العرف، وخصوصاً من الأم على الولد.
والجواب : أن في أول الآية نص على أن دفع الأجر للأم بعد الانفصال وانتهاء العدة بوضع الحمل( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) ولكن العتاب على التعاسر، أي تضايقتم وتشاكستم، وحصلت المشاحة وطلب الزيادة .
والذي يترجح في نظري : أن الرضاع يكون بحسب العرف إذا كانت المرأة في عصمة الرجل ، لقوله تعالى ( وعاشروهن بالمعروف) فالحق الذي لها والذي عليها حسب المتعارف عليه ما لم يخالف الشرع ، ولقوله تعالى ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف ...) أي ليأمر كل منهما الآخر بالمعروف في امر الرضاع ، وأجره . ونحو ذلك . فإذا كانت المرأة في عصمة الزوج فبحسب العرف، وبعد انتهاء العدة فعلى الزوج من ماله.
والله تعالى اعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق