دلالة: كان إذا -الواردة في النصوص الشرعية- هل تفيد المواظبة على حصول الفعل أم لا؟
--------
* كان عند الأصوليين، هل تفيد الاستمرار.
في ذلك ثلاثة أقوال:
أ- تفيد الاستمرار مطلقاً.
ب- تفيد الاستمرار غالباً.
ج- تفيد حصول الفعل ولو مرة، ولعل هذا هو الأقرب، حسب الاستقراء، ولا يمنع أنها تفيد الاستمرار تارة في نصوص، وتفيد الاستمرار غالباً في نصوص أخرى، وذلك بحسب السياق والقرائن.
----
وإذا تفيد: وقوع الحكم المعلق بتحقق المشروط.
* قاعدة: الشرطية تكون صادقة بصدق ربطها.
* الشرطية إنما يتوارد فيها الصدق والكذب على نفس الربط.
وذلك لأن مورد الصدق والكذب في الشرطية، إنما هو الربط فتكون صادقة لصدق ربطها ولو أزيل منها الربط لكذب طرفاها، كقوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) فهذه قضية شرطية في غاية الصدق مع أنها لو أزيل منها الربط لكذب طرفاها، إذ يصير الطرف الأول: كان فيهما آلهة إلا الله، وهذا باطل قطعاً.
وبصير الطرف الثاني: فسدتا.
-أي السموات والأرض-، وهو باطل أيضاً.
- والربط لا شك في صحته، وبصحته تصدق الشرطية. فلو كان فيهما آلهة غير الله لفسد كل شيء، ولكن لم يصح أن فيهما آلهة غير الله.
-----
فإذا اجتمعت كان مع إذا في النصوص الشرعية، فإنها تدل على المواظبة على الفعل بين فعل الشرط وجوابه. ولا يلزم منه المواظبة على الفعل ولا عدمه في غير الجملة الشرطية.
١- كان إذا كبر تكبيرة الإحرام رفع يديه.
تدل على المواطبة في رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، ولا تدل على المواطبة على هذا العمل من عدمه في غير جملة الشرط.
٢- حديث عمارة بن رؤيبة: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب إذا دعا يقول هكذا، ورفع السبابة وحدها)
يدل على المواظبة في رفع السبابة في الدعاء إذا خطب، ولا يدل على المواظبة ولا عدمها في غير الجملة الشرطية، فلا يدل على المواظبة في الدعاء في الخطبة ولا يدل على عدم المواظبة.
٣- (كان إذا لم يعجبه طعاماً تركه).
تدل على المواظبة على الترك فيما لم يعجبه.
ولا تدل على الترك من عدمه إذا أعجبه.
٤- حديث عائشة: (كان إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه) يدل على حصول المواظبة عند حصول القرعة في السفر إذا أراد أن يأخذ بعض نسائه.
ولا يدل على المواظبة من عدمها، إذا لم يرد أن يسافر بأحداهن.
٥- إذا قال قائل: كان إذا حضر ألقى السلام على طلابه.
تدل على المواظبة على حصول التحية منه على الطلاب إذا حضر.
ولا تدل على المواظبة في حصول التحية ولا عدمها منه إذا لم يحضر، ولا على المواظبة على الحضور من عدمه.
والله تعالى أعلم وأحكم.
كتبه / أبو نجم / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق