حكم حثو التراب ثلاثاً على قبر الميت عند دفنه:
روى الدارقطني عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على عثمان بن مضعون، وأتى قبره فحثى عليه ثلاث حثيات، وهو قائم).
وسنده ضعيف جداً، فيه القاسم بن عبدالله العمري، قال عنه أحمد: (هو عندي كذاب). وقال أبوزرعة وأبو حاتم: متروك.
وفيه: عاصم بن عبيدالله، قال عنه البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث.
والقاعدة: أن الضعيف إذا كان شديد الضعف لا ينجبر بالمتابعات والشواهد.
* ورى ابن ماجة من طريق سلمة بن كلثوم عن الأوزاعي عن يحي بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة، ثم أتى على قبر الميت فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثاً).
وهذا الحديث قال عنه أبو حاتم: هذا حديث باطل.
ومن علله: تفرد سلمة بن كلثوم عن الأوزاعي: بسنن لم يتابعه عليها غيره. وسلمة: شامي يهم كثيراً.
والأوزاعي: إمام مكثر له تلاميذ لازموه، تفرده سلمة بألفاظ، وهو مما يحتمل تفرده.
ومن علله أيضاً: أعلّ بالإرسال، وأن المحفوظ عن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
كما ذكر ذلك أبو حاتم وأبو زرعة.
* وبهذا يتبين: عدم ثبوت الحديث مرفوعاً.
وعليه: لا يشرع الحثو بالتراب على قبر الميت ثلاثاً.
وعلى فرض صحته، فإنما هو من باب التعاون على دفنه، والقاعدة: الأصل في الأحكام الشرعية التعليل.
* وما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنه حثا على يزيد بن المكفف ثنتين أو ثلاثاً. -كما اخرجه البيهقي وغيره- فهو محمول على هذا المعنى، وهو التعاون على دفن الميت، مع العلم أن فعل الصحابي ليس بحجة على الأصح -كما سبق بيانه في القواعد-.
* تنبيه: الخلاصة: الحثو على قبر الميت ثلاثاً ليس بسنة، وإنما السنة التعاون على دفنه.
والعلم عند الله تعالى.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق