إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأحد، 21 مارس 2021

المحاضرة التاسعة في فقه المعاملات المالية المعاصرة // لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


المحاضرة التاسعة في فقه المعاملات المالية المعاصرة (الرهن).

بسم الله الرحمن الرحيم 

أما بعد:

الرهن في لغة العرب: يأتي بمعنى الثبوت والدوام، ويأتي بمعنى الحبس.

وفي الاصطلاح: توثقة دين بعين يمكن استيفاؤه منها أو من ثمنها. 


مثال ذلك: لو أن رجلاً استقرض ١٠٠ الف من رجل آخر فقال أريدك أن تجعل عندي رهنًا قال بيتي هذا رهنٌ عندك، أي بعد سنه عندما أطلب سداد الدين ولم يتم السداد، أبيع هذا البيت وأخذ قيمة القرض من ثمن هذا البيت وأرجع الباقي هذا يسمى رهناً.


 وهنا هذا البيت يمكن استيفاء الرهن من ثمنه. 

ويمكن استيفاؤه منها إذا كانت من جنس الدين المأخوذ.

مثال: لو أن شخصاً اقترض ١٠٠ صاع من البر وجعل عند الاخر ٣٠٠ صاع وقال هذه رهن حتى يتم السدد فهذا لا بأس. 

 —————

•مشروعية الرهن:


١- قال تعالى: (وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهن مقبوضة)، والعلماء في هذه الآية (فرهانٌ مقبوضة) من أهل العلم من اشترط أن يكون الرهن مقبوض فلا يصح إن لم يكن الرهن مقبوضاً.


أما القول الثاني: المقبوضة هذه ليست شرطًا وإنما خرجت مخرج الغالب.

 

القاعدة: ما خرج مخرج الغالب لا مفهوم له.

والقاعدة الاخرى: ما خرج مخرج التمثيل فلا مفهوم له. 


وقاعدة المفاهيم العامة: التخصيص إذا كان  له سبب غير اختصاص الحكم به لم يبق مفهومه حجة.

هذه هي القاعدة العامة في المفاهيم. 


شرح  القاعدة: مثلاً: النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال يا رسول الله إنا نركب البحر وليس معنا الا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله:(هو طهور ماؤه الحل ميتته). 

كيف نطبق على هذا الحديث القاعدة؟

معنى التخصيص هو ذكر الشيء بذاته وبعينه.

النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن ماء البحر  كما سبق، وهذا يدل على أن الإنسان إذا تطهر بماء البحر فإنه يجوز وإذا كان هنالك ميتة في البحر فإنه يكون حلال لا يحتاج إلى تذكية. 


ولكن هنا الجواب كان من أجل سؤال، قال العلماء ما خرج مخرج السؤال لا مفهوم له.

فتخصيص ماء البحر بهذا الحكم له سبب غير اختصاص الحكم به فلم يكون مفهومه حجة. 


٢- ومن السنة: ما ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى طعامًا من يهودي إلى أجل -أي إلى وقت آخر "دين"- ورهنه درعًا من حديد. 


٣-الرهن جائز -وليس واجبًا- .

 أصل الرهن جائز،  لكنه عندما يقع فإنه يكون لازماً في حق الراهن جائزاً في حق المرتهن، فإنه من الممكن أن يقول خذ رهنك ويبقى الرهن في ذمتك ولكنه في حق الراهن لازم حتى يأذن له المرتهن بأخذه. 

 ———-


•ما يترتب على الرهن:

يترتب على الرهن أمران:

الأول: توثقة الحق المرهون به، إذ يستطيع صاحب الحق أن يستوفي حقه من الرهن عند تعذر استيفاء حقه من المدين هذا المراد بالتوثقة. 


الثاني: تقديم المرتهِن -الدائن- على سائر الغرماء عند المزاحمة، وذلك في حال عدم استيعاب مال المدين لجميع الحقوق التي عليه. 

مثال: عندما يكون هنالك شخص مفلس؛ وهو من تزيد ديونه على موجوده، فإذا كان هنالك رجل ديونه أكثر من موجوده مثل من دينه ٣٠٠  ألف، وموجوده ١٠٠  ألف فجاء الغرماء كل واحد يريد أن يأخذ ماله من هذه المائة ألف؟

فتقول ننسب الموجوده إلى المطلوب ونعطي كل واحد منهم مثل تلك النسبة. 


وهذه قاعدة الغرماء: أن ننسب الموجود إلى المطلوب ونعطي كل واحد منهم مثل تلك النسبة. 


فإذا وجد الغريم  ماله بعينه فهذا لا يشارك الغرماء.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غيره).


(ماله بعينه) أي: لم يتغير، ولم تنقص قيمته. 

كذلك إذا كان هذا المال فيه رهن فإن صاحب الرهن لا يشارك الغرماء بل يأخذ ماله ويرجع الباقي للمدين.

 ———-


* أركان الرهن: 

 

١-الصيغة: كل ما تعارف الناس عليه من الصيغ فهو معتبر. 

والقاعدة: العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني. 


٢-الراهن: وهو المدين صاحب الرهن.  


٣-المرتهِن: الدائن. 


٤-المرهون: وهو العين التي توضع لدى المرتهن وثيقة لدينه. 


٥-المرهون به: وهو الدين الذي كان سببًا لإنشاء عقد الرهن. 

 ———-

مثال على الرهن:

 أن يقول: بعتك سيارتي بخمسة آلاف ريال مؤجلة على أن ترهنني جواهر توثقة للدين، فإن لم يسدد فإن المرتهن يبيع من الجواهر مقدار خمسة آلاف ويرد الباقي.


فبائع السيارة -الدائن- يسمى مرتهنًا، ومشتري السيارة -المدين- يسمی راهنًا، والخمسة آلاف مرهونة به، والجواهر رهنا أو مرهونة، فهذا العقد صحيح سواء أكانت قيمة الجواهر أكثر من خمسة آلاف أم أقل، لأنه على جميع الاحتمالات من الممكن استيفاء الخمسة آلاف من الجواهر، أو من بعضها، أو استيفاء بعض الخمسة من الجواهر هذا كله يعتبر رهن سواءً كان الرهن أكثر أو أقل أو مساوياً. 

 ————

•شروط الرهن:

الرهن من عقود التوثيقات.


١- أن يكون الرهن مما يصح بيعه في الجملة؛ أما إذا رهن شيئاً لا يصح بيعه، مثل الكلاب لا يصح رهنها، لحديث: (زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب)، وقال: (إن جاء يطلب ثمنه فاملأ كفه ترابًا). 


٢- أن يكون الراهن جائز التصرف؛ أي: 

أن يكون عاقلاً، مالكاً، معصوماً، حراً، رشيداً، بالغًا، أو مأذونًا له بالتصرف. 


٣- أن يكون الراهن مالكًا للعين المرهونة، أو مأذونًا له بالتصرف -ويدخل في الشرط الثاني-.  


٤- أن يكون الرهن معلوما صفةً وقدراً ونوعاً. 

حتى تنقطع المنازعة فربما يعطيه شيئاً ويقول له صفته كذا وقدره كذا. 

 ————-


•مسألة: عقد الرهن عقد لازم في حق الراهن، وجائز في حق المرتهن؛ وهو لازم في حق الراهن بمجرد الانعقاد وإن لم يقبض المرتهن الرهن. 

———-


•حفظ الرهن:

الذي يتولى قبض الرهن هو المرتهن أو وكيله، ويجوز أن يتفق الراهن والمرتهن على أن يوضع الرهن عند شخص يختارانه، ويسمى هذا الشخص بـ"العدل". 

ويجب على العدل حفظ الرهن كما يحفظ أمواله.

لأن القاعدة : كل من يتصرف لغيره يجب أن يتصرف بالأصلح لذلك الغير. 


والقاعدة: كل من كانت يده يد أمانة فلا ضمان عليه ما لم يتعد أو يفرط. 


والقاعدة الثالثة:  كل من أخذ شيئاً بإذن من الشرع أو بإذن من المالك فيده يد أمانة. 


وليس له أن يسلمه إلى أي منهما إلا بإذن الآخر. 


ويد العدل يد أمانة فلا يضمن إلا في حال التعدي أو التفريط. 

—————-

 

•يد المرتهن:

يد المرتهن يد أمانة فلا يضمن ما تلف من الرهن الذي تحت يده إلا في حال التعدي أو التفريط، ولا يسقط بهلاكه شيء من دَينه. فإن فعل ما يحرم فيجب عليه ضمانه ومع ذلك إذا هلك الرهن لا يهلك الدين. 

 ———

•التصرف في الدين:

المقصود بالتصرف هنا: إجراء العقود التي يكون محلها العين المرهونة، وهذه التصرفات على نوعين:

 

الأول: التصرف الناقل للملكية: فلا يصح تصرف أي منها تصرفاً ناقلاً للملكية، كالبيع، والوقف، والهبة، إلا بإذن من الآخر؛ لأن تصرف الراهن يبطل حق المرتهن من الوثيقة، وتصرف المرتهن تصرف في ملك الغير. 

————-

هل يصح التصرف الناقل للملكية؟

لا يصح إلا إذا تعذر استيفاء الدين من الراهن فإنه يتصرف فيه بحسب المتفق عليه أنه إن لم يسدد فيبيع هذا الرهن ويأخذ حقه ويدفع للآخر ما بقي له. 


الثاني: التصرف غير الناقل للملكية: كالإجارة والعارية ونحو ذلك، فبالنسبة للمرتهن لا يصح تصرفه بالرهن إلا بإذن من الراهن؛ لأنه ملك غيره.


أما الراهن فقيل:  

١- لايصح تصرفه في الرهن مطلقًا إلا  إذا كان تصرفه لمصلحة الرهن أو لمصلحة أذِنَ الشارع فيها، أو لمصلحة الراهن فلا بأس.


قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة).


إذاً هذه فيها مصلحة للطرفين.


والقاعدة تقول: كل ما فيه نفع لأخيك ولا ضرر عليك فيه لا يجوز منعك له.

 لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبةً في جداره)، وهذا لا بأس به. 


أما إذا لم تكن هنالك مصلحة للراهن ولا للمرهون كالإجارة والعارية فهذا لا يجوز إلا بإذن المرتهن. لماذا؟ لأن الحق له.

 و المتصرف هو المالك. 


 أما إذا كان المتصرف هو المالك فإنه لا يجوز التصرف إلا بما هو أصلح، أو يتصرف بما للمرتهن مصلحه شريطة موافقة المرتهن على ذلك لأن هذا حق له فيجوز له أن يسقطه أو يسقط شيئاً منه. 


مثلاً: لو أن الراهن أجر العارية أو أعار العارية ولم يأذن المرتهن فلا يجوز ذلك إلا بإذن من المرتهن. 

 

قاعدة: المشغول لا يشغل إذا كان الشاغل أجنبياً، ولا يتسع إلا له، فإذا كان الأمر كذلك فلا  يشغل الدين الا به.


مثال: إذا استدنتُ من أحمد دين ووضعت سيارتي رهن عنده، ومن ثم استدنتُ من محمد ديناً ووضعت نفس سيارتي السابقة رهن له هنا لا يصح لأن السيارة مشغولة بالرهن  فلا ترهن مرة أخرى إلا إذا وافق الراهن الأول أو إذا كانت تتسع لأن تكون رهنًا له ولغيره. 


أما اذا كان الشاغل غير أجنبي فالمشغول يشغل. أي إذا استدنتُ من رجل ديناً ووضعت سيارتي رهناً، و بعدها استدنت من نفس الرجل ديناً ووضعت نفس السيارة رهناً، فيجوز ذلك لأن الشاغل غير أجنبي الدائن الاول هو الدائن الثاني. 

 

٢- وقال مالك والشافعي: للراهن إجارته وإعارته مدة لا يتأخر انقضاؤها عن حلول الدين، وهذا القول هو الصحيح. لأنه يجوز التصرف به ما لم يضر بالراهن.

 

إذًا نحن نقول في التصرف إما أن يكون ذلك لمصلحة الرهن أو الراهن من قبل المرتهن فلا إشكال.

 لأن القاعدة: كل من كانت يده يد أمانة يجب عليه أن يتصرف بالأصلح لذلك الغير؛ لقوله تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن). 


الأمر الآخر: إذا كان الراهن هو الذي يريد أن يتصرف فإن كان ذلك يلغي حق المرتهن فإن هذا التصرف لا يجوز، أما إذا كان لا يلغي حقه فإن ذلك لا بأس به. 

 ————-

•فكاك الرهن وتسليمه: 

إذا سدد الراهن ما عليه من الدين كاملاً انفك المرهون ووجب على المرتهن رد العين المرهونة على الراهن وتسليمه له.

 ————

•بيع الرهن: 

متى حل الدين لزم الراهن الوفاء كالدين الذي لا رهن به، وإن امتنع من وفائه، ففيه حالتان:

١- إن كان الراهن أذن للمرتهن أو للعدل في بيعه عند عدم الوفاء بالدين، فلع بيعه، لأنه مأذون له فيه، ووفى الدين، فإن فضل منه شيء فلمالكه، وإن بقي من الدين شيء لم يف به الرهن فعلى الراهن، هذا إذا كان هنالك شرط لفظي أو عرفي.


٢- وإن لم يأذن ببيعه أجبره القاضي على الوفاء أو بيع الرهن والتسديد للمرتهن، فإن امتنع باعه القاضي ووفى دينه. 


وقال الجمهور: ليس للمرتهن بيع الرهن إلا بإذن ربه أو يتولى الحاكم بيعه. 

وقيل: إذا امتنع الراهن من الوفاء وأبى أن يأذن في بيع الرهن وتعذر إجباره وتعذر الحاكم فله -أي المرتهن- أن يدفعه الى ثقة يبيعه ويحتاط بالإشهار على ذلك ويستوفى حقه، وهذا القول هو الصحيح.

والله تعالى أعلم.

 

كتابة الطالبة: تاله ماهر مندوره.

الدكتور:محمد العصيمي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت