إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأحد، 21 مارس 2021

المحاضرة العاشرة في فقه المعاملات المالية المعاصرة // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.

 

المحاضرة العاشرة في فقه المعاملات المالية المعاصرة (الضمان)


                          


بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده و رسوله...

أما بعد:

الضمان تعريفه في اللغة: مأخوذ من الضم أو التضمين، لأن ذمة الضامن تتضمن الحق أي تضمن ذمة الضامن إلى ذمة المضمون.


فلهذا أُخذ الضمان من الضم أو التضمين؛ أي: ضم الذمتين بعضها لبعض، أو كِلا الذمتين تكون ضماناً واحدًا فيكون بينها التداخل والتضمين.


وفي الاصطلاح: ضم ذمة الضامن إلى المضمون عنه في الالتزام بالحق، فيثبت في ذمتهما جميعا.


مثاله: لو أن زيداً كان مديناً لعمرٍو  -بمعنى أن زيداً أخذ من من عمرو مئة ألف ريال فقال عمرو أريد ضامن يضمنك إن لم تسدد الدين يسدده عنك فأتى عمرو  بخالد ضامناً-، فذمة خالد تضاف إلى ذمة المدين في الالتزام بالحق فيكون للدائن أن يطالب الأول منهما أو الثاني.


مثال آخر: هيام استدانت من روان مئة ألف ريال فقالت روان لن أعطيك يا هيام حتى تأتين بضامن يضمن حقي إن لم تأتِ به بعد سنة، فذهبت هيام إلى ابتسام وقالت أريدك أن تكوني ضامنة لي عند روان فدفعت روان المائة ألف ريال لهيام، فيكون المدين هنا هيام والضامن ابتسام،  روان لها الحق ان تطالب هيام أو أن تطالب ابتسام.

————-

حكم الضمان:

- عقد الضمان من عقود التبرعات المشروعة، ودل على مشروعيته قوله تعالى: {ولمن جاء به حمل بعير و أنا به زعيم}، هذا شريعة من قبلنا والقاعدة: شرع من قبلنا إذا ثبت في شرعنا أنه شرع لمن كان قبلنا ولم ينسخ في شرعنا فهو شرع لنا.

فشرعنا ناسخ لجميع الشرائع السابقة فيما خالف شرع من قبلنا ويكون شرع من قبلنا شرع لنا بشرطين اثنين:

 الشرط الأول: أن يثبت في شرعنا أنه كان شرع لمن كان قبلنا.


والشرط الثاني: ألا ينسخه شرعنا.

لأن شريعتنا ناسخة لجميع الشرائع السابقة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني، ثم لم يؤمن بالذي جئت به إلا كان من أهل النار)).


وقد ضمن أبو قتادة رضي الله عنه ديناً لميت وأقره على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث الصحيح أن أبا قتادة رضي الله عنه، قال:  توفي رجل منا فغسلناه وكفناه وأتينا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله: تصلي عليه؟ فخطى خطاً ثم قال: هل عليه دين؟

فقلنا: ديناران يارسول الله، فقال: ((صلوا على صاحبكم))، فقال أبو قتادة الديناران علي  يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( حق الغريب وبرأ منهما الميت))، فقال أبو قتادة: حق الغريم وبَرَأ منهما الميت.


فهنا أبو قتادة رضي الله عنه ضمن الدينارين عن الرجل الميت وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.


وأجمع الفقهاء على مشروعية هذا العقد -عقد الضمان-.


- عقد الضمان لازم للضامن غير لازم للمضمون له وهو الدائن الذي يضمن الدين لأجله ويكون التزام الضامن فيه تابع لالتزام المدين الأصلي.

——-

الحكمة:

عقد الضمان من عقود التبرعات وعقود التبرعات لها حكمة وهي: أن هذا العقد يسد حاجة لدى الناس إلى توثيق ديونهم و زيادة الاطمئنان إلى ردها من خلال إتاحة المطالبة بالدين من طرف آخر، وهو الضامن.

وفيه تعاون بين المسلمين وتسهيل وتحفيز للتعاملات من خلال زيادة الثقة الحاصلة بهذا العقد.

————

أركان عقد الضمان:

الركن الأول: الصيغة يصح عقد الضمان بكل لفظ أو فعل يدل على التزام المال والتعهد به؛ كقوله: أنا ضامن أو كفيل أو زعيم بكذا أو تحملت دينك أو ضمنته أو هو عندي، ونحوه.

والقاعدة تقول: العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني.


الركن الثاني: العاقدان أطراف العقد -الضامن والمضمون عنه-، وهم المدين الأصلي والمضمون له وهو من يستحق الدين ويكون الضمان لأجله.

 ——-

شروط الضامن:

1- أن يكون عاقلا بالغا رشيدا؛ فإن كان الضامن معتوهاً أو مجنوناً فلا يجوز أن يكون ضامنا، وإن كان الضامن غير بالغ فلا يصح منه الضمان، و إذا كان الضامن سفيها في ماله فلا يصح أن يكون ضامنا.


2- أن يكون الضامن راضيا ولا يشترط رضى المضمون عنه ولا المضمون له.


 المضمون له إذا اشترط أن يكون الضامن ممن يرضى به فإنه من حقوقه و إن لم يشترط ذلك فلا يشترط رضاه، فيجوز أن تضمن دينا على رجل مات كما فعل أبو قتادة رضي الله عنه.


3- المعقود عليه: وهو المضمون الذي يلتزم به.

شروط المضمون:

1- أن يكون معلوما أو يؤول الى العلم، أي ينتهي الأمر بالعلم به لاحقا؛ أي: لابد للضامن من معرفة مقدار الدين، لما فيه من تحمل دين يلتزم بضمانه حتى لا يقع في الغرر.


2- أن يكون بدين واجب أو يؤول إلى الوجوب، كأجرة العمل، كأن تقول روان لهيام أنا تبرعت لك يا هيام بألف ريال بعد سنة فقالت هيام أنا  يا روان اشترط في قبولها أن تأتيني بضامن يضمنك بأن توفي بهذه الهبة ونقول هنا بأن الهبة على روان ليست واجبة قبل القبض وأما بعد القبض تكون واجبة و ملزمة لها.


وأجرة عمل؛ كأن تقول هيام اعملي لي يا روان بخياطة هذا الثوب بمائة ريال بعد سنة فتقول روان احضري لي كفيلاً إذا خطت لك هذا الثوب أن توفي بمائة ريال بعد سنة.

 

- ومما يصح ضمانه عهدة المبيع؛ وصورته: أن يضمن رد الثمن للمشتري إذا ظهر أن المبيع مستحق لغير المشتري أو به عيب.

- وكذلك لو ضمن للبائع الثمن قبل تسليمه للمشتري. 

-  فعندما يتم البيع يترتب على هذا البيع عهدة وهي تسليم الثمن ويكون تسليم المثمن سليما وليس به عيب؛ كأن يقول أبيعك هذه السيارة بمائة الف فيقول بشرط أن تأتيني بضامن أيها البائع يضمن عهدة المبيع بأنه سالمٌ خالٍ من العيوب فإذا لم يكن كذلك فإنها سترد عليك ويكون هو الضامن لهذا الأمر.


ما يترتب على صحة عقد الضمان:

1- لصاحب الدين مطالبة المضمون عنه أو الضامن، لأن الحق ثابت في ذمتهما فملك مطالبة من شاء منهما لحديث: ((الزعيم غارم)).

- وذهب بعض  أهل العلم الى أن المطالبة تكون للمدين الأصلي ولا يطالب الضامن إلا إذا تعذرت مطالبة المضمون عنه،  لأن الضمان توثقة -من عقود التوثيقات- فلا يستوفى الحق من الضامن إلا عند التعذر كما في الرهن، فمن نظر إلى الضمان من حيث أنه ذمة على ذمة قال بمشروعية مطالبة كل منهما، ومن قال بأنه من عقود التوثيق فإن عقود التوثيق لا يعدل إليه إلا أن يتعذر الأصل، فإذا تعذر الأصل نرجع كما في الرهن فإننا لا نعود إلى الرهن قبل أن نستطيع الاستيفاء من المدين الأساسي.


2- إذا برئت ذمة المضمون عنه من الدين المضمون برئت ذمة الضامن لأنه تبع له، لكن لا تبرأ ذمة المضمون عنه ببراءة الضامن فيما لو برأه الدائن -المضمون له- لأن الاصل لا يبرأ ببراءة التابع.


3- إذا  قضى الضامن الدين بنية الرجوع رجع على المضمون عنه.


وإذا قضاه بنية التبرع واحتساب الأجر لم يرجع عليه.


  فإن سدد الضامن تبرعا لوجه الله وأبراءً لذمة المضمون عنه فإنه لا يرجع عن هذا المبلغ فيما بعد على المضمون عنه.


 أما إذا دفع الضامن المبلغ بنية الرجوع فإنه يرجع.


 وإن لم تعلم نية الضامن لموته فالأصل هنا الرجوع، لأن الأصل عدم خروج مال الإنسان 

من ذمته إلا بما يدل على خروجه برضاه؛ لحديث: ((لا يحل مال امريء مسلم إلا بطيب نفس منه))، ولأن الأصل عصمة مال المرء المسلم: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام)).


4- لا يجوز أخذ  الأجر على الضمان لأنه عقد تبرع.

ولأن ذلك يؤول إلى قرض جر نفعا.

وبإجماع العلماء: فأخذ الأجرة على الضمان الذي يؤول الى الربا يحرم.


ولكن إذا لم يكن يؤول إلى ربا فاختلف العلماء في ذلك على قولين: 

القول الأول: لا يجوز؛ لأنه أخذ أجرة على عقد تبرع وإذا أخذ الأجرة على عقد تبرع فإنه ينقلب من عقود تبرعات إلى عقود معاوضات.


والقول الثاني: يجوز أخذ أجرة على الضمان إذا لم يؤل إلى ربا.

 لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الخراج بالضمان))، ((ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ربح ما لم يضمن)).

فدل ذلك على جواز ربح ما ضمنه وكل ذلك يدل على جواز أخذ الأجرة على الضمان.


مثال على ذلك: الضمان البنكي. 

خطاب الضمان البنكي: وهو أن يتقدم العميل للبنك بطلب خطاب بنكي لمصنع أو شركة لاستيراد بضاعة معينة ويطلب المصنع خطاباً بنكياً يضمن فيه البنك تسليم المبلغ عند تسليم البضاعة حسب المواصفات والشروط، فإذا كان في حساب العميل هذا المبلغ فلا بأس أن يأخذ البنك أجرة على خطاب الضمان البنكي الذي بسببه يحجز المبلغ كاملاً من حساب العميل حتى يتم تسليم البضاعة حسب الشروط المتفق عليها بين العميل والمصنع.

وأما إذا لم يكن في حساب العميل مبلغ المصنع أو الشركة كاملاً، لم يجز للبنك أن يأخذ على ذلك أجرة للخطاب البنكي، لأنه يكون عندئذ من القرض الذي جر نفعاً، لأن المبلغ الناقص في حساب العميل يوفيه المصرف للمصنع أو الشركة، وتكون الأجرة على الخطاب البنكي  فائدة للمقرض الذي هو البنك من أجل قرض العميل ما نقص من استحقاق المصنع أو الشركة، فيكون من القرض الذي جر نفعاً، وكل قرض جر نفعاً فهو ربا.

———

 

انتهاء الضمان:

ينتهي الضمان بأمور من أهمها: 

وفاء الدين من الضامن أو المضمون عنه.

و إبراء المضمون له للضامن.

 

كتابة الطالبة: هيام حافظ منقري.

الدكتور: محمد سعد الهليل العصيمي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت