إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأحد، 8 أغسطس 2021

حكم استئجار الملهى لإقامة الجمعة والصلاة فيه / حكم الصلاة في دور الخمور والأماكن المتخذة للمجاهرة بالمعاصي // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.

حكم استئجار الملهى لإقامة الجمعة والصلاة فيه: 


حكم الصلاة في دور الخمور والأماكن المتخذة للمجاهرة بالمعاصي:

————————————-

الخلاصة: يكره أن يصلي في الأماكن التي كان القصد من إنشائها معصية الله تعالى، ويحرم على المسلم أن يصلي  في الأماكن التي كان القصد من إنشائها لأمر كفري يخرج من الملة لقوله تعالى: (لا تقم فيه أبداً)، والكفر أشد من المعصية.

———————

            

تعارض أصلان:

الأصل الأول:

 الصلاة على الكنيسة تصح عند الجمهور مع الكراهة، والقياس على الصلاة فيها يقتضي صحت الصلاة في الملهى، لأن التعبد لله تعالى بما تم نسخه في شرعنا لا يصح، فما كان دونه من الأماكن التي عرفت بوجود المعصية فيها أهون.


والأصل الثاني: القياس على مسجد ضرار المنهي عن الصلاة فيه، حيث يقتض هذا الأصل النهي عن الصلاة في الأماكن التي شعارها المعصية، والتي كان القصد من إنشائها مكاناً لمعصية الله تعالى.


ويشكل على الأصل الأول: أن الكنيسة ونحوها من البيع، أماكنها ليست شعاراً للمعصية بل هي شعار عبادة منسوخة لطائفة تعتقد الصحة لا المعصية.


وفرق بين من يعتقد الصحة، ومن لا يعتقدها.

فإن الكافر إذا أسلم وهو يعتقد صحة النكاح بلا ولي وقد تزوج امرأته بلا ولي، ثم أسلم، يقر على نكاحه ولا يفسخ لكون المانع عند إسلامه غير موجود.

بخلاف ما إذا أسلم على نكاح لا يعتقد صحته في الكفر، فإنه لا يقر عليه بعد إسلامه ويفسخ، كمن اتخذ صاحبته زوجة بمجرد الصحبة وهو يعتقد بطلان عقده، فهذا يكون سفاحاً قبل إسلامه وبعده.


فالكنيسة والصوامع والبيع ونحوها لما أسست لم يكن القصد منها معصية الله، بل أسست لتكون مقر عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى من مؤسسيها الكفرة، يعتقدون صحتها والتقرب بها إلى الله تعالى مع كون شرائعهم منسوخة، وفي الحديث: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بالذي جئت به إلا كان من أهل النار).

ففرق بين الصلاة لله في الكنيسة ونحوها في مكان لم يتخذ من قبل أصحابه شعاراً ومكاناً معداً لمعصية الله تعالى، وإنما اعدوه تقرباً لله تعالى مع أنهم على باطل،

وبين مكان أعد وقصد به معصية الله تعالى.

فالمكان الذي كان القصد من إعداده معصية الله تعالى ينهى عن الصلاة فيه، بخلاف المكان الذي لم يعد لمعصية الله تعالى فلا بأس بالصلاة فيه.


مع أن النهي في الصلاة فيه لا يختص بذات العبادة، فلا يبطلها، وقد سبق في القواعد أن النهي في العبادات إذا كان لا يختص بذات العبادة، فإنه لا يقتضي الفساد.

كالصلاة في الأرض المغصوبة.

وقد حكى النووي الاتفاق على كراهة الصلاة في المكان المعد لمعصية الله تعالى، كدور الخمور  ونحوها.


ولكن النهي هل هو للكراهة أو التحريم، احتمالان.

أما الكراهة فهي محل وفاق، وأما التحريم، فهو راجع إلى القياس على مسجد ضرار الذي قال الله تعالى فيه: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ).

وتأويل الآيات: والذين ابتنوا مسجدًا ضرارًا لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفرًا بالله لمحادّتهم بذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ويفرِّقوا به المؤمنين، ليصلي فيه بعضهم دون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعضهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيختلفوا بسبب ذلك ويفترقوا. (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل)، يقول: وإعدادًا له، لأبي عامر الكافر الذي خالف الله ورسوله، وكفر بهما، وقاتل رسول الله. (من قبل)، يعني من قبل بنائهم ذلك المسجد. وذلك أن أبا عامر هو الذي كان حزَّب الأحزاب. يعني: حزّب الأحزاب لقتال رسول الله صلى الله عليه.

فإذا كانت هذه العلل مركبة، وهي  اتخاذ المسجد ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله، بمعنى أن الحكم لا يترتب إلا على جميعها، فإن النهي يكون للتحريم، ولهذا هدمه النبي صلى الله عليه وسلم.


وأما إذا كانت العلل متعددة ، فننظر هل كل علة صالحة للتحريم، كأن يكون إنشاء المسجد من أجل تفريق جماعة المسلمين من مسجد إلى مسجدين، الظاهر، أن الصلاة فيه والحالة تلك لا تصل إلى حد التحريم، مع كون التحريم في العلل الأخر، وهو المعد للكفر وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله، والضرر العظيم على المسلمين، بخلاف الضرر اليسير، وكذا يقال في تفريق جماعة المسلمين بين قلة العدد (الصلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى) فإن تقليل عدد الجماعة بإقامة مسجد آخر لا يصل إلى التحريم، بينما إذا كان يترتب على ذلك ضعفهم أمام عدوهم لعدم اجتماعهم مما يترتب عليه الضرر العظيم كان الإقامة فيه على سبيل التحريم لا الكراهة.


وإذا كان الأمر يحتمل كون العلة واحدة أو علل متعددة، يرجع إلى كل علة من تلك العلل إلى الأدلة الأخرى من كونها تقتضي النهي إذا كانت على حده أو لا تقتضيه.

وعند عرض  تلك العلل على بقية الأدلة يتضح ما سبق.


مع التنبيه على أن الصلاة في المكان الذي فيه معصية لا بأس بذلك، بخلاف المكان الذي يعد ويقصد بإنشائه معصية الله تعالى فينهى عن الصلاة فيه على سبيل الكراهة أو التحريم.

ولا شك أن المعد والمنشأ للكفر أعظم من المعد والذي يقصد بإنشائه المعصية.

مع الكراهة في الكل، والاختلاف في كونه للحرمة كما سبق.


ويشبه هذا المكان الذي نام عن الصلاة فيه، (إن هذا مكان حضركم فيه شيطان) فتكون الصلاة في ذلك الموضع على الكراهة، وقد نص الحنابلة وغيرهم على سنية الانتقال من المكان الذي نام فيه عن الصلاة فيه، والصلاة في مكان سواه.


وبناء على ما سبق: فإن الصلاة في الأماكن التي أعدت للمعصية، وكان القصد من إنشائها معصية الله تعالى مكروهة، وأما المعدة والتي تم إنشائها لأمر كفري يخرج من الملة فالصلاة فيه محرمة مع صحتها، لكون النهي لا يعود إلى  أمر لا يختص بذات العبادة.

وأما الأماكن التي تقع فيها المعصية ولم يكون القصد من إنشائها معصية الله تعالى فلا كراهة ولا تحريم في الصلاة فيها.

والله تعالى أعلم.


كتبه/ د.محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت