حكم تسوية الصفوف :
حكم إلزاق القدم في القدم في الصلاة :
حكم التفريج بين القدمين في الصلاة :
————————————-
ذهبت الحنفية: بأن التفريج يكون بقدر أربع أصابع فإن زاد أو نقص كره.
وذهبت الشافعية: أن قدر التفريج بينهما بقدر شبر، فيكره أن يقرن بينهما أو يوسع أكثر من ذلك كما يكره تقديم إحداهما على الأخرى.
وقالت المالكية : تفريج القدمين مندوب لا سنة.
وقالوا: المندوب هو أن يكون بحالة متوسطة بحيث لا يضمهما ولا يوسعهما كثيراً حتى يتفاحش عرفاً.
• ووافقهم الحنابلة على هذا التقدير.
وهذا في نظري هو الأقرب :
1 - لأن كل ما لم ترد به سنة ، فالسنة فيه موافقة العادة .
2 - ولأن مخالفة العادة تقتضي ورود النص الدال على ذلك .
3 - ولأن هذا ادعى إلى الخشوع ، الذي هو لب الصلاة ، وفي حديث عن عمار بن ياسر عند أبي داود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرجل لينصرف وما كُتِبَ له إلا عُشرُ صلاته، تسعُها ثمنُها سبعُها سدسُها خمسُها ربعُها ثلثُها نصفُها".
4 - ولأن طلب المساواة بالمناكب أو الأقدام المقصود به تسوية الصفوف ، فإذا تحقق ذلك بغيرهما كالخطوط الموضوعة في فرش المساجد في عصرنا ، أو حصل ذلك بإلزاق المناكب أو الأقدام زالت السنية بذلك الإلصاق .
والقاعدة : إذا تعارض اللفظ والمعنى قدم المعنى إذا ظهر ، وإن لم يظهر فاتباع اللفظ أولى .
وعلى هذا يحمل حديث أنس - رضي الله عنه - في صحيح البخاري- : ( وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِه).
• قال العلامة التهانوي في كتابه العظيم "إعلاء السنن" : بعد ذكره لقول أنس-رضي الله عنه- "وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه" قال: "ولو حُمل الإلزاقُ على الحقيقة فالمرادُ منه إحداثُه وقتَ الإقامة لتسوية الصف، فإن إحداثَ الإلزاق بين تلك الأعضاءِ طريقُ تحصيل هذه التسوية، ولا دلالةَ في الحديث على إبقائه في الصلاة بعْدَ الشروع فيها، ومن ادَّعَى ذلك فليأتِ بحجةٍ عليه"
• وقال الحافظ ابن حجر في شرحه لصحيح البخاري : "المرادُ بذلك المبالغةُ في تعديل الصف وسدِّ خلله" ا. هـ.
يعني: لا على الحقيقة والظاهر، أي: أنهم تراصَّوا في الصفوف حتى لكأنهم ألزَقوا الكعبين بالكعبين .
5 - وفي الحديث:( ((رصُّوا صُفوفَكم، وقارِبوا بينها، وحاذوا بالأعناقِ) يدل على أن المحاذاة من أجل تسوية الصف .
وقول أنس في رواية ذكرها ابن حجر .. قال: "ولو فعَلْتَ ذلك بأحدهم اليومَ لنَفَر. . . " ، فيه دليل صريح أن أنساً قد ترَك فِعْلَ ذلك في عهد التابعين؛ لقوله: " ولو فعَلْت "؛ لأن "لو" حرفُ امتناعٍ لامتناعٍ، أي: أنه امتنَع عن إلصاق كعبيه خشيةَ أن يَنفرَ المصلي المجاوِرُ ويُبعِدَ قدمَه، ولو اعتَقد أنسٌ أن إلزاقَ الكعبين سنةٌ مقصودةٌ بذاتها من سنن الصلاة لمَا ترَكَه مطلقاً، وقد تركَ ذلك لأجْل خشية الخوف من نفور المصلي الذي بجواره.
وقد ذهب جمهور العلماء- ومنهم الأئمة الأربعة - إلى سنية تسوية الصفوف ، لما في الصحيح مرفوعاً : (سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة).
وفي حديث أبي هريرة مرفوعاً :( فإن إقامة الصف من حسن الصلاة ).
فاعتبر التسمية من تمام الصلاة .
وذهب ابن حزم وابن تيمية من بعده إلى وجوب تسوية الصف ،لحديث( لتسوون بين صفوفكم ، أو ليخالفن الله بين قلوبكم ) فرتب عليه عقوبة المخالفة وتوعد بها ، مما يدل على وجوبها .
ويمكن أن يحمل ذلك على مخالفة أمره في ذلك المقام الذي أمرهم به ولم يمتثلوا ، فتكون من قضايا الأعيان جمعاً بين الأدلة ، كما أمر الرجل الذي يأكل بشماله فقال :( لا استطيع)، قال :( لا استطعت ، ما منعه إلا الكبر ).
فكان عدم الامتثال لسبب الكبر موجب للعقوبة ، ولو كان الأمر للاستحباب .
والقاعدة : قضايا الأعيان لا عموم لها .
والله أعلم .
محمد بن سعد المهلهل العصيمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق