♻قواعد فقهية وأصولية♻
هذه المجموعة الأولى التي كتبها عني الأخ الطالب/ سطام عويض العتيبي، في أثناء شرحي على زاد المستنقع في محافظة الخرمة في عام ١٤٣٧للهجرة، نفع الله به كل من سلك طريق العلوم الشرعية .
1- المشقة تجلب التيسير .
لقوله تعالى ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر). ولقوله تعالى ( ما جعل عليكم في الدين من حرج)،،
ولقوله صلى الله عليه وسم ( يسرا ولا تعسرا)
والمراد : التيسير بحسب الأدلة الشرعية، فالشريعة جاءت بالتيسير للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء، فلا يجمع بين الفجر والظهر ولا بين العصر والمعرب ولو كانت حاجته إلى الجمع فيهما أكثر مما قبلهما.
وكذا جاءت الرخصة قي بيع العرايا: وهي بيع الرطب بالتمر على روؤس النخل فيما دون خمسة أوسق إذا احتاج المشتري إلى أكلها رطباً. ولو لم يأتِ الدليل بجوازها لما جازت.
كما أن المراد أيضاً : أن المشقة الغير معتادة في التكاليف الشرعية ، تخففها الشريعة الإسلامية ، حتى تصل إلى المشقة المعتادة ، كما في حديث عمران بن حصين مرفوعاً( صَلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً...).ولقوله تعالى ( فلم تجدوا ماء فتيمموا).
أما العبادة التي لا تتأتى إلا بتلك المشقة كالحج والجهاد ، فإن هذه المشقة هي المعتادة لذلك العمل ، فيكون الأجر بقدر المشقة لقوله صلى الله عليه وسلم ( أجرك على قدر نصبك).
وليس المراد بالمشقة تجلب التيسير إسقاط التكاليف الشرعية. أو التخفيف فيها من غير دليل شرعي .
2- الحكم على الشيء فرع عن تصوره .
لقوله صلى الله عليه وسلم ( هلّا سألوا إذ لم يعلموا إنما شفا العي - الجهل - السؤال).
ولا يمكن الحكم الصحيح عقلاً ، ألا بعد معرفة الصورة الصحية للشيء المراد معرفة حكمه.
3- إذا جاء الاحتمال على النص بطل به الإستدلال .
الاحتمال الذي يبطل به الاستدلال هو الاحتمال الراجح، والاحتمال المساوي . أماالاحتمال المرجوح لا عبرة به . إذ لو فتحنا هذا الاحتمال لبطل الاستدلال بأكثر النصوص وهذا غير صحيح، كحديث عائشة في صحيح مسلم ( كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي ، وإذا قام بسطتها).
يحتمل أن هذا من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم في عدم نقض الوضوء من مسّ المرأة ، وهو احتمال ضعيف مرجوح ، لأن الأصل عدم الخصوصية.
وذلك لأن اللفظ إما أن لا يحتمل إلا معنى واحداً، وهو النص ، كقوله صلى الله عليه وسلم ( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات ) فلفظ ( سبع) لا يحتمل ثلاث ولا ثمان ولا أكثر ولا أقل.
وإذا كان اللفظ يحتمل معنييين متعارضين متساويين، فهو مجمل،مثل كلمة ( قرء) تحتمل : الطهر، وتحتمل : الحيض، فنحتاج إلى دليل يرجح المراد.
وإذا كان اللفظ يحتمل معنيين هو في أحدهما أرجح من جهة الوضع اللغوي ،سمّي بالظاهر، كقولنا : مرّ بنا أسد ، يحتمل الحيوان المعروف ، ويحتمل الرجل الشجاع ، فالظاهر هو الأرجح ،وهو الأسد.
وإذا كان يحتمل معنيين هو في أحدهما أرجح لا من جهة الوضع اللغوي يسمّى بالمؤول ،،كالزانية المحصنة إذا كانت أمة - رقيقة- لا ترجم، فصرف قوله صلى الله عليه وسلم : ( والثيب بالثيب الجلد والرجم ) بقوله تعالى : ( فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب)، بل نجلد نصف حدّ الحرّة.
4- التخصيص إذا كان له سبب غير إختصاص الحكم به لم يبق مفهومة حجة.
وذلك بمقتضى لغة العرب.
وهذه القاعدة، هي القاعدة الأم في قواعد المفاهيم.
5- ماخرج مخرج الغالب فلا مفهوم له
وهي جزئية من القاعدة الرايعة ههنا. - السابقة-.
6- ماخرج مخرج التمثيل لامفهوم له
وهي جزئية من القاعدة الرابعة.
7- اليقين لايزول بالشك .
الشك : هو التردد بين وقوع الفعل ، وعدم وقوعه، مع تساوي الطرفان .
فإذا ترجح أحد الطرفين فهو الظن، وغلبة الظن تنزل منزلة اليقين، عند تعذر اليقين.
ومراتب الإدراك : يقين، وظن ، وشك، ووهم.
لقوله صلى الله عليه وسلم ( إذا شك أحدكم في صلاته
فلم يدري كم صلّى ، فليبنِ على ما أستيقن وليسجد قبل أن يسلم).
8- اليقين لايزول إلا بيقين مثله.
فاليقين يراد به هنا الظن الظاهر، لا حقيقة العلم واليقين ، فإن اليقين : هو الاعتقاد الجازم، وليس بشرط ، فإن الأحكام الفقهية تُبنى على الظاهر، وقد يكون الأمر في نظر الشارع يقيناً لا يزول بالشك، مع أن العقل يجيز أن يكون الواقع خلافه.فما ثبت بالبينة الشرعية ، فهو يقين شرعاً، مع جواز مخالفته للواقع عقلاً.
لقوله صلى الله عليه وسلم ( إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً، فأشكل عليه، أخرج منه شيء أم لا، فلا يخرجن من المسجد ، حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً).
9- لاعبرة بالشك بعد الإنتهاء من العبادة
لأن اليقين - صحة العبادة بعد الانتهاء منها - فلا يزول بالشك.
10- إذا تعارض الأصل والظاهر أيهما يقدم ؟
يُقدم الظاهر، لأن به علامة يستند بها في ظاهر الحال ، ولهذا جآء في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُغير إذا طلع الفجر ، فإن سمع أذاناً كفّ وإلا أغار). لأن الظاهر لمّا لم يسمع لهم نداء لصلاة الفجر، دلّ على أنها قرية كافرة ، مع أن الأصل في الناس الإسلام لقوله صلى الله عليه وسلم ( ما من مولود إلا ويولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) ولم يقل : أو يسلمانه، لأن الأصل كونه مسلماً. ، ومع ذلك قدّم الظاهر على الأصل.
وجميع أدلة قاعدة : الاستدلال بالعلامة والحكم بما دلّت عليه مقرر في العقل والشرع ، هي أدلة لهذه القاعدة .
11- إذا إجتمع حاظرٌ ومبيح على وجه لايمكن التمييز بينهما غُلِّب جانب الحظر . - قدّم الحاظر-
لقوله صَلِّى الله عليه وسلم ( وإذا أرسلت كلبك المعلّم فوجدت معه كلباً آخر فلا تأكل ، فإنك إنما سمّيت على كلبك ، ولم تسمي على غيره) وفي رواية ( إذا أرسلت كلبك المعلم فأذكر اسم الله ، فإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكل ، فإنك لا تدري أيهما قتله).
12- هل النهي يقتضي الفساد ؟
- أفردت بالتقعيد، كما سبق -.
13- الأعلى لايُقاس على الأدنى .
لأن الأدنى أقل شأناً منه، وليس في مرتبته.
فلا يقاس عليه ، لأن القياس إلحاق النظير بنظيره ، أي أن المسكوت عنه يلحق بالمنطوق به من جهة الشبه الذي بينهما ، لا من جهة دلالة اللفظ، لأن إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق به من جهة تنبيه اللفظ ليس بقياس، وإنما هو من باب دلالة اللفظ، فهو من باب السمع من خطاب العرب، فقد يكون من العام الذي أريد به الخاص ، أو العكس، أوعام يحمل على عمومه أو خاص يحمل على خصوصه.
14- الأصل في الأشياء الطهارة.
لقوله تعالى : ( قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً..).
ولقوله تعالى
frown رمز تعبيري
وقد فصل لكم ما حرّم عليكم إلا ما أضطررتم إليه).
15- هل الحاجة تُنَزل منزلة الضرورة ؟
- أفردت في الموقع بالتفصيل- .
16- قاعدة الراسخين في العلم يردون المتشابة إلى المحكم.
أي النص الذي يحتمل معنيين ، يردونه إلى النص الذي لا يحتمل إلا معنى واحداً.
ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رخص في بيع العرايا بخرصهافيما دون خمسة أوسق، أو في خمسة أوسق) يشك داود بن الحصين : قال : خمسة أو دون خمسة ، قال : نعم .
فلمّا كان النص يحتمل : خمسة أو دون خمسة ، رجعنا إلى الأصل : وهو حرمة بيع الرطب بالتمر، وحرمت بيع المزابنة : بيع ثمر النخل بالتمر كيلاً. والمشكوك فيه ما بلغ خمسة أوسق وما دونه جائز بيقين لحديث أبي هريرة السايق، فنقول الأصل واليقين : الحرمة، ورخص فيما دون خمسة أوسق، وبقي ما بلغه على أصل التحريم .
17- العبرة بالمنظور لا بالمنتظر
- أفردت في الموقع - بالحديث والتدليل-.
18- الحكم إذا عُلِّق على وصفٍ قوي بمقدار
ذلك الوصف فيه.
لقوله صلى الله عليه وسلم ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ، وما كان أكثر فهو أحبّ إلى الله تعالى ).
19- هل يُقاس على الرخص أم لا ؟
نعم على القول الراجح من أقوال الأصوليين ، لأن الشريعة لا تفرق بين متماثلين، ولا تجمع بين مختلفين، فإذا جاز الفطر في نهار رمضان للمسافر ، فجوازه لمن سافر في صيام الكفارة من باب أولى، فإن الفرع أضعف من الأصل أو مساوٍ له ، ولا يمكن أن يكون أعلى شأناً منه.
20- إذا تعارض اللفظ والمعنى أيهما يقدم ؟
يُقدم المعنى إذا ظهر ، وإن لم يظهر فإتباع اللفظ أولى.
لأن الأصل في الأحكام التعليل ، قال تعالى :
( وهو العليم الحكيم) والحكيم هو الذي يضع الشيء في موضعه، ولأن الله تعالى لم يشرع شيء إلا لمصلحتنا، لأنه جلّ وعلا غني عن كل أحد، وكل أحد محتاج إليه ، قال تعالى ( ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد).
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق