إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأربعاء، 24 فبراير 2016

قاعدة : كل طلاق معلق على شرط ، يقع عند تحقق المعلق عليه//لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


قاعدة : كل طلاق معلق على شرط ، يقع عند تحقق المعلق عليه . سواء قصد به اليمين أو قصد الطلاق المحض . وحكى كثير من العلماء الإجماع عليها.
كقولك لزوجتك : إن خرجت من الدار فأنت طالق، فإن خرجت طلقت.

@ حكم وقوع الطلاق المعلق : -
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
القول الأول : - وقوع الطلاق عند حصول المعلق عليه إن قصد الزوج بتعليقه وقوع الطلاق عند حصول المعلق عليه ، كقوله : إن طلعت الشمس فأنت طالق . وإن قصد بتعليقه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب لم يقع الطلاق عند حصول المعلق عليه ، وتعتبر يميناً تجب فيها الكفارة .
وذلك للأدلة التالية :
١ - لقوله صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امريء ما نوى ) وهو لم يقصد الطلاق ، وإنما قصد الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب ، 
والجواب : أن الطلاق من الأحكام الوضعية في جعله سبباً في الفراق ، وكل ما جعله الشارع سبباً، أو شرطاً، أو مانعاً، أو صحة ، أو فساداً، فهو من الأحكام الوضعية التي يترتب حكمها على وجودها، وقد وجد سبب الفراق وهو لفظ الطلاق وما كان بمعناه على القول الراجح ، وإنما استثني ما كان من الفاظ الفراق ولم يقصد معناه ، كقوله لزوجته : أنت طالق يقصد من الوثاق فلا يقع طلاقاً، لأنه لا يقصد لفظ الطلاق من النكاح وإنما من الوثاق ، والعبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني. أما ألفاظ الطلاق من النكاح ونحوها مما كان بمعناها يقع بها الفراق ، لأن الشارع جعلها سبباً لحصول الفراق قصد أو لم يقصد ، لأن ترتب الحكم على سببه للشارع لا للمكلف ، ولهذا لو قال لزوجته : أنت طالق أي من النكاح ، وقصد تأديبها وزجرها لا وقوع الطلاق عليها طلقت .

٢ - ولأن الطلاق المعلق بقصد الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب يسمى يميناً في لغة العرب ، وفي عرف الفقهاء ، فقد جعل الله التحريم يميناً( قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) لأن المٌحرِّم يريد الامتناع من الشيء ، فدل على أن ما قصد به الامتناع حكمه حكم اليمين .
والجواب : أن الاشتراك في الاسم لا يعني الاشتراك في الحكم ، فالعم يسمى أباً ولا يأخذ حكمه في الميراث ونحوه من الأحكام ، والنملة لها رأس والمسلم له رأس ، وليس قطع رأس النملة كقطع رأس الإنسان .

٣ - ولأن الصحابة جعلوا النذر الذي يقصد به المنع حكمه حكم اليمين ، كقولك : إن لبست هذا الثوب فلله علي أن أصوم سنة ، فإذا كان الوفاء بالنذر واجب وحكمه - هنا - حكم اليمين ، فلأن يجعل الطلاق - الذي قصد به اليمين - الذي الأصل فيه عدم الاستحباب حكمه حكم اليمين من باب أولى ، 
والجواب : أن النذر الذي يجب ويتعين الوفاء به هو نذر الطاعة - كما سبق - وأما هذا النوع من النذر لا يتعين الوفاء به ، وتجزيء عنه الكفارة لقوله صلى الله عليه وسلم ( كفارة النذر كفارة يمين ).- وقد أفردت النذور بأنواعها وأدلتها-
كما يجاب أيضاً ، أن القاعدة : القياس في الباب أولى من القياس في خارج الباب ، فالقياس في باب الطلاق ههنا أولى من القياس على باب النذور، وذلك أن الرجل إذا طلق المرأة وقصد تأديبها وزجرها ولم يقصد الفراق وقع طلاقه ، فكذا المعلق ، فالطلاق المنجز كالطلاق المعلق ، وهذا أولى من القياس على النذر .

القول الثاني : - وقوع الطلاق عند حصول المعلق عليه سواء قصد من علق طلاقه على شرط الطلاق المحض ، أو كان قصده الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب.
للأدلة الآتية : - 
١ - لما روى البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم : من أن رجلاً طلق امرأته ألبته إن خرجت ، فقال ابن عمر : : إن خرجت فقد بانت منه ، وإن لم تخرج فليس بشيء).
والجواب : على فرض صحته فإن قول الصحابي ليس بحجة إلا إذا قال الصحابي قولاً لا مجال للاجتهاد فيه ، وكان غير معروف بالأخذ عن أهل الكتاب ، فيكون في هذه الحال له حكم الرفع - وقد سبق بيان حكم قول الصحابي - .
٢ - ولإجماع العلماء إلا من شذ على إيقاع الطلاق من إلهازل ، لحديث ( ثلاث جدهن جد ، وهزلهن جد ، الطلاق والنكاح والرجعة ) وهو حسن لشواهده، وزيادة ( والعتاق) ضعيفة . فإذا وقع من إلهازل وقع من الحالف بالطلاق ، لأن كلاً منهما قد عمد قلبه إلى ذكر الطلاق ولم يقصده . 
والجواب : بأن حديث ( ثلاث جدهن جد ... ) يفيد بمفهومه - مفهوم عدد- أن غير ما ذكر لا يقع بالهزل ، وهو كذلك ، ولقوله تعالى ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم بما عقدتم الأيمان ....) . والهازل : قيل هو من قصد اللفظ ولم يقصد المعنى ، وفيه نظر ، والصحيح : أنه من قصد اللفظ والمعنى على سبيل الهزل ، وهذا أصح ، وعلى هذا فإن الحالف بالطلاق لا يأخذ حكمه للفرق بينهما.
٣ - ولقوله تعالى 
‏‎frown‎‏ رمز تعبيري
 والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ) . فالملاعن يقصد بهذا الشرط : التصديق ، ومع ذلك فهو موجب اللعنة ، والغضب على تقدير الكذب ، فكذا التعليق بالطلاق فهو وإن قصد به المنع ، فالطلاق مقصود به على تقدير الوقوع، ولذلك أقامه الزوج مانعاً له من وقوع الفعل ولولا ذلك لما امتنع.
٤ - حكاية الإجماع على ذلك : حصول الطلاق عند حصول الشرط المعلق عليه ، وهو قول الأئمة الأربعة ، وممن نقل الإجماع : الشافعي ، وأبو ثور ، ومحمد بن جرير الطبري ، وابن المنذر ، وابن عبدالبر، وابن رشد الجد،والباجي .

القول الثالث : لا يقع الطلاق المعلق قصد الطلاق أم لم يقصد ، وهو قول ابن حزم .
لقوله صلى الله عليه وسلم ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
والجواب عن ذلك أن الطلاق المعلق كالطلاق المنجز ، والشريعة لا تفرق بين متماثلين ، ولا تجمع بين مختلفين .
وعلى فرض التحريم فإن الطلاق المعلق يقع كما أن الطلاق في الحيض يقع على القول الراجح ، لحديث ابن عمر عند البخاري : ( وحسبت تطليقة ) وأما رواية مسلم ( ولم يره شيئاً) أي صواباً كما قال الشافعي ، ورواية البخاري أرجح ، ولا يمكن تأويلها بخلاف رواية مسلم .
وبعد هذا العرض يتبين رجحان القول الثاني ، لقوة أدلتهم والجواب عن أدلة المخالفين ، وللإجماع السابق لمن خالفهم ، فإذا انعقد إجماع مجتهدي أمة النبي صلى الله عليه وسلم على حكم شرعي في عصر من العصور لا تشرع مخالفته وتجب موافقته. وقد حكى الإجماع كثير من علماء الأمة - كما سبق- وعلى هذا فلا فرق بين الطلاق المعلق الذي قصد به اليمين ، والطلاق المعلق الذي لم يقصد به اليمين .
فكل طلاق معلق على شرط، يقع عند تحقق المعلق عليه .

كتبه / محمد بن سعد العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى/ مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت