المقدمة المختصرة لعلم القراعد الفقهية:
@ تعريف الفقه : العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من الأدلة التفصيلية .
@ تعريف أصول الفقه : معرفة أدلة الفقه إجمالاً، وكيفية الاستفادة منها، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد.
@ أهم الفروق بين القواعد الأصولية، والقواعد الفقهية :
١ - القواعد الفقهية أغلبية غالباً، والقواعد الأصولية كلية تضم جميع جزئياتها .
٢ - القواعد الفقهية توجود بعد وجود الفروع، والقواعد الأصولية قد وجدت قبل الفروع .
٣ - القواعد الفقهية مجموعة من الأحكام المتشابهة ترجع إلى علة واحدة تجمعها، والقواعد الأصولية أدلة للأحكام الشرعية.
@ القواعد الفقهية والقواعد الأصولية تشترك في أن كلاً منهما قضية كلية متعلقة بالفقه، يدخل تحتها فروع كثيرة في الفقه. كما أن كلاً منهما يعد معياراً وميزاناً للفروع الفقهية، فقواعد الأصول : معيار لاستنباط الفروع من الأدلة.
والقواعد الفقهية : معيار لضبط الفروع المتشابهة بعد الاستنباط.
وتختلف ، بأن موضوع القاعدة الفقهية هو فعل المكلف، بينما موضوع القاعدة الأصولية هو الأدلة وما يتعلق بها.
والقاعدة الفقهية متعلقة بكيفية العمل بلا واسطة، والقاعدة الأصولية متعلقة بكيفية العمل مع الواسطة.
الأصل في الأمر الوجوب. لا تفيد وجوب الصلاة، أو الزكاة مباشرة ، بل لا بد من توسط الدليل بين القاعدة والحكم، كقوله تعالى ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ).
بخلاف قاعدة : اليقين لا يزول بالشك ، تفيد من تيقن الطهارة وشك في الحدث ، العمل بيقين الطهارة، بدون الحاجة إلى توسط الدليل.
@ الفرق بين الفقه وأصوله :
أصول الفقه يبحث عن أدلة الفقه الإجمالية بالتفصيل.
والفقه يبحث في العلم بالأحكام الشرعية العملية المأخوذة من أدلتها التفصيلية.
@ تعريف القاعدة في اللغة : الاستقرار والثبات.وتطلق ويراد بها الأساس.
والقواعد الفقهية اصطلاحاً : الأمر الكلي أو الأغلبي الذي ينطبق على جزئيات كثيرة ، تفهم أحكامها منها مباشرة.
أما إذا كان بالواسطة لا مباشرة، فهذه هي القواعد الأصولية.
والمراد بالتعريف هو التقريب إلى الذهن لا أن يكون جامعاً مانعاً، كما ذكره الشاطبي.
@ الفرق بين القاعدة والضابط :
القاعدة تجمع فروعاً من أبواب شتى، والضابط يجمعها من باب واحد. هذا من حيث الأصل، وقد يطلق على الضابط قاعدة.
كما أن القاعدة متفق عليها بين المذاهب أو عند أغلبهم ، بخلاف الضابط فهو يختص بمذهب معين، أو وجهة نظر فقهية خاصة.
@ تعريف الأشباه :الفروع الفقهية التي اشتركت في أكثر الوجوه.
& تعريف النظائر : الفروع الفقية التي اشتركت في بعض الوجوه.
فالأشباه : الاشتراك في أكثر الوجوه، والنظائر : الأشتراك في بعض الوجوه.
@ تعريف الأشباه والنظائر لقباً : الفروع الفقهية المتشابهة التي تأخذ حكماً واحداً.
@ القواعد الفقهية تستمد من العلوم الآتية
١ - الكتاب والسنة : كقاعدة : الأمور بمقاصدها لحديث ( إنما الأعمال بالنيات).
٢ - آثار الصحابة ، كقول عمر رضي الله عنه ( مقاطع الحقوق عند الشروط ).
مع أن قول الصحابي ليس بحجة على القول الراجح، ولكن يستدل له بأدلة تدل على صحة معناه من عدمه، فمثلاً يشهد للأثر السابق حديث ( المؤمنون على شروطهم ).
٣ - أقوال الأئمة المجتهدين ، كقول أبراهيم النخعي : كل ما لا نفس له سائله فهو طاهر .
وهو يحتاج إلى أدلة يحتج بها ، وقد دلّ على صحة معناه ، حديث ابن عمر ( أحلت لنا ميتتان ودمان ...). وعدة أدلة أخرى .
٤- اللغة العربية ، ( وإنه لتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين ، على قلبك لتكون من المنذرين، بلسان عربي مبين ).
كقاعدة : الاشتراك في الاسم لا يعني الاشتراك في الحكم.
٥ - الفروع الفقهية : وذلك بالاستقراء والتتبع، تستنبط المعني الجامعة بينها.
العبرة بالمنظور لا بالمنتظر.
وقاعدة : كل مقصود صحيح لا يمكن التوصل له إلا بالإخبار عنه بخلاف الواقع لا يعتبر كذباً شرعاً.
@أهمية القواعد الفقهية :
١ - معرفة القواعد الفقهية يغني عن حفظ أكثر الجزئيات.
٢ - إدراك الصفات الجامعة بين الجزئيات المتعددة . ومعرفة المقاصد الشرعية التي دعت إليها.
٣ - فهم مناهج الفتوى، ومعرفة حقائق الفقه ومآخذه.
٤- تجنب الفقيه التناقض في الترجيح .
@ - تعريف النظرية : هيكل علمي لموضوع خاص من موضوعات الفقه مع ذكر شروطه وأركانه وما يتعلق به.
كنظرية العقد، ونظرية الملكية.
وهو بهذا الاسم إنما أخذ من مناهج الحضارة الغربية في كليات الحقوق والقانون، يراد به : بحث المادة الفقهية بطريقة الدساتير والمفاهيم الكبرى التي يؤلف كل منها على حدة نظاماً حقوقياً موضوعياً متفرعاً في الفقه الإسلامي.
@ - نشأة القواعد الفقهية :
المرحلة الأولى : مرحلة النشوء والتظهور :
ارتبط نشوء القواعد الفقهية بوجود النص الشرعي من الكتاب والسنة ، والمراد هنا نشأة القواعد وظهورها بهذه الصفة ، وجمعها واعتبارها علماً من العلوم
وقد ارتبطت نشأة القواعد الفقهية بنشأة الفقه والاجتهاد الفقهي ، وورد من القواعد الفقهية على لسان الصحابة والتابعين وفي كتب الفقهاء في أثناء عرض المسائل الفقهية على سبيل التوجيه للحكم، والتعليل له .
المرحلة الثانية : مرحلة الجمع والتدوين، بدأت في :
& القرن الرابع في أول كتاب في هذا الفن ، رسالة في الأصول التي عليها مدار فروع الحنفية، لأبي الحسن الكرخي الحنفي ت ٣٤٠ه ويسمّى بأصول الكرخي . ثم كتاب : تأسيس النظر، لأبي زيد الدبوسي الحنفي ت/ ٤٣٠ه يحتوي على ٨٦ أصلاً ، كل أصل ضابطاً أو قاعدة لمجموعة من الفروع الفقهية.
& ثم في القرن السابع كتاب / قواعد الأحكام في مصالح الأنام، للعز عبد السلام الشافعي ت/٦٦٠ه
وكتاب/ أنوار البروق في أنواء الفروق، للقرافي المالكي ،ت/٦٨٤ه وليس خاصاً بالقواعد الفقهية، ولكنها النصيب الأعظم منه.
& في القرن الثامن الهجري : بدأت فيه عنونة كتب القواعد الفقهية باسم : الأشباه والنظائر على يد صدر الدين ابن الوكيل الشافعي ت/ ٧١٦ه .
والقواعد النورانية ، لابن تيمية ت/ ٧٢٨ه.
والقواعد للمقري المالكي ،ت/٧٥٨ه.
والأشباه والنظائر لابن السبكي الشافعي،ت/ ٧٧١ه.
وتقرير القواعد وتحرير الفوائد ، لابن رجب الحنبلي،ت/٧٩٥ه.
ثم تتابع العلماء في التأليف في هذا الفن وكثر التأليف إلى هذا العصر.
@ حجية القواعد الفقهية :
ذهب جمع من العلماء إلى أن القواعد الفقهية يستدل بها على الأحكام الشرعية ، لكونها لم تثبت إلا بدليل.
والجواب عن ذلك ، أن من القواعد الفقهية ماهو أغلبي لا كلي، ومنها ما هو خاص بمذهب دون مذهب .
والأقرب أنه لا يحتج بالقواعد الفقهية إلا إذا كانت نص من الشارع ك ( الخراج بالضمان ) . وما عدا ذلك ندلل على صحة القاعدة، فإذا صحت استدللنا بها لا لذاتها ، وإنما لما دلّ عليها، فالقاعدة لا بدّ لها من مستند ، فإذا صح المستند ، صح الاستدلال بها ،وإلا فلا.
والله تعالى أعلم وأحكم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى/ مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق