حكم استقبال عين الكعبة لمن
كان يتيقن عينها بالإحداثيات :
المذهب عند الحنابلة أن من كان في المسجد الحرام يجب عليه أن يتجه إلى عين الكعبة في صلاته ، ويتخرج عليه من كان في معناه ، حيث يمكن أن يدرك عين الكعبة بالوسائل الحديثة والتقنيات المعاصرة لمن كان له خلفية ودربة ومعرفه لذلك، فيكون حكمه حكم من كان معايناً لها، كما أن الإعمى إذا وجد من يوجه إلى عين الكعبة وهو في الحرم، كان حكمه حكم المبصر .
ولكن بقي السؤال : هل تكفي الجهة لمن كان يستطيع التوجه إلى عين الكعبة ؟
هذا هو الظاهر : أن الجهة كافية حتى لمن كان يستطيع التوجه إلى عين الكعبة ، وذلك للأدلة التالية :
١ - قال تعالى : ( وحيث ما كُنتُم فولوا وجوهكم شطره ) أي جهته ، ولم يشترط عين الكعبة .
وأما قوله تعالى ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) أي إلى أي مكان تتوجهوا فهناك وجه الله، أي أمامكم وجه الله لأن الله قِبَل المصلي مع استوائه على عرشه. وهذا لمن لم يستطع التوجه إلى جهة القبلة بعد اجتهاده وتحريه.
٢ - ولقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولكن شرقوا أو غربوا ) وهذا لمن كانت القبلة لهم شمال أو جنوب، وجعل التوجه إلى جهتها في حال قضاء الحاجة منهي عن الجهة لا العين .
٣ - ولما روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما بين المشرق والمغرب قبلة ) وفِي سنده : أبو معشر ، وفيه ضعف من قبل حفظه.
وفيه الحسن بن أبي بكر المروزي، شيخ الترمذي، قال عنه الحافظ في التقريب : صدوق
وقيل : إنه مجهول جهالة حال، حيث لا يعرف من تكلم في الحسن هذا بتعديل أو تجريح.
ولكن يشهد له الرواية الأخرى عند الترمذي : قال حدثنا عبدالله بن جعفر المخزومي عن عثمان بن محمد الأخنسي عن سعيد المقبرة عن أبي هريرة مرفوعاً. وهذا الطريق قواه البخاري .
وعثمان الأخنسي في حديثه نكارة . وقد صح عن عمر رضي الله عنه ذلك ، كما ذكر ذلك الإمام أحمد، والدارقطني.
وللحديث شاهد من حديث ابن عمر مرفوعاً عند الدارقطني والحاكم والبيهقي عن يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن بن المجبر عن نافع عنه، وابن المجبر ضعيف ولكنه لم يتفرد به ، فقد أخرج الدارقطني والحاكم بسندهما وفيهشعيب بن أيوب ثقة وقد أسنده.
وعلى هذا فإن الحديث لا يقل عن درجة ألحسن لغيره، فإن الضعيف إذا تعددت طرقه، وكان ضعفه يسيراً ينتقل إلى درجة الحسن لغيره.
فالحديث دليل على أن ما بين الجهتين قبلة ، وأن الجهة كافية في الاستقبال وليس فيه دليل على أن المعاين يتعين عليه العين بل لا بد من الدليل على ذلك .- كما قال الصنعاني في سبل السلام - .
٤ - قال تعالى ( قول وجهك شطر المسجد الحرام )خطاب له ولأمته وهو في المدينة ، وقد يكون الصف طويلاً طولاً عظيماً نتيقن أنه أطول من عرض الكعبة، ولم يجعل أصحابه كالقوس ، إذا قلنا بأن المتعين هو عين الكعبة ، لأن الله قد يرشد نبيه إلى عين الكعبة، مما يدل أن المطالَب به العبد في الاستقبال هو الجهة لا عين الكعبة ، سواء كان في الحرم أو خارجه، والله تعالى أعلم .
كتبه / أبو نجم / محمد بن سعد العصيمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق