إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الخميس، 12 أبريل 2018

عورة المرأة في الصلاة //لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


عورة المرأة في الصلاة : 

يجوز للمرأة في الصلاة كشف وجهها وكفيها وقدميها فقط، والأفضل تغطية الكفين والقدمين ، 
احتياطاً وخروجاً من الخلاف.

فيجب عليها أن تستر جميع بدنها في الصلاة بالإجماع، ويجوز لها كشف الوجه في الصلاة بغير حضرة أجانب بالإجماع، واختلف في الكفين والقدمين ، ولما حصل الخلاف فيهما لم ينعقد فيهما الإجماع، والأصل هو عدم الوجوب حتى يدل الدليل الصحيح على ذلك .
ولأنه إذا جاز كشف المرأة في الصلاة بالإجماع، فالكفين والقدمين من باب أولى، إما للحاجة إلى كشفه في كل، أو لكونه مما جرت العادة بكشفه .

وهذا القول بعدم وجوب تغطيتهما - الكفين  والقدمين - للمرأة في الصلاة ، هو مذهب الحنفية، وقول الثوري ، والمزني، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو الأقرب في نظري والعلم عندالله تعالى .
وذلك لأن :
١ - حديث ابن مسعود ( المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان ) ضعيف، لأن كل طرقه المرفوعة فيها قتادة ، وهو مدلس ، وقد عنعن فيها، والطرق التي ليس بها قتادة رجح الدارقطني وقفها، فقد رواه أبو الأحوص ، واختلف عنه: فرواه مورق العجلي عنه عن ابن مسعود مرفوعاً.
ورواه أبو إسحاق ، وحميد بن هلال عنه عن ابن مسعود موقوفاً، وأبو إسحاق وحميد أكثر وأوثق، فيترجح الموقوف .
٢ - وحديث عائشة مرفوعاً( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)  رواه الخمسة إلا النسائي،
فضعيف أيضاً .
فقد اختلف على قتادة ، فرواه حمّاد بن سلمة  عن قتادة مسنداً مرفوعاً، وتابعه حمّاد بن زيد عند ابن حزم .
وخالفهما شعبة ، وسعيد بن  بشر ، فروياه موقوفاً .
ويترجح الموقوف : برواية أبي أيوب السختياني ، وهشام بن حسان  عن ابن سيرين - شيخ قتادة في هذا الحديث- مرسلاً عن عائشة .
وابن سيرين لم يسمع من عائشة  كما قال ابن أبي حاتم . فيكون الحديث ضعيفاً.

٣ - حديث أم سلمة  أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم ( أتصلي المرأة في درع - قميص - وخمار- ما تغطي به المرأة به رأسها وعنقها، وهو ما يسمى بالطرحة - ، بغير إزار- ليس تحت قميصها إزار أو سراويل - ؟ قال ( إذا كان الدرع سابغاً- ساتراً - يغطي ظهور قدميها)أخرجه أبو داود وهو ضعيف، في سنده عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب( صدوق يهم ) إلا أنه في هذا الحديث بالذات قد غلطه الأئمة  وخطؤه، فقد خالفه غيره من الأئمة الثقات فرووه موقوفاً، كمالك، وابن أبي ذئب، وحفص بن غياث ، وإسماعيل بن جعفر وغيرهم .
وممن رجح الموقوف الدارقطني وابن عبد البر، وعبد الحق الأشبيلي، وابن حجر، وغيرهم ، فلا يصح الحديث مرفوعاً.
والموقوف أيضاً فيه ضعف، لأن في سنده : محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه، وأمه مجهولة ، كما يقول الذهبي وغيره .

٤ -  حديث ابن عمر مرفوعاً( من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ) فقالت أم سلمة : فكيف يصنع النساء بذيولهن ، قال :( يرخين شبراً ) قالت : إذاً تنكشف أقدامهن ، قال :( فيرخينه ذراعاً ولا يزدن على ذلك ) أخرجه الأربعة وغيرهم .
فهذه الزيادة مدرجة : أصل الحديث صحيحٌ متفقٌ عليه، ولكن زيادة "فقالت أم سلمة..."، فما بعدها هي مدرجة من قول نافع وليس من قول ابن عمر. ولذلك لم يخرجها لا البخاري ولا ومسلم مع إخراجهم لهذا الحديث عن نافع وعن غيره عن ابن عمر . وهي مرسلة، فقد ذكر ابن الجوزي أنه لا يصح لنافع سماع من أم سلمة أم المؤمنين .

وللقصة شاهد ضعيف جداً عن أحمد (2\18) وأبي داود (4\65): من طريق زيد العَمّي (ضعيف جداً) عن أبي الصديق الناجي عن ابن عمر قال: «رخّص رسول الله  لأمهات المؤمنين في الذيل شبراً. ثم استزدنه، فزادهن شبراً. فكنّ يرسلن إلينا، فنذرع لهن ذرعاً». وهذا الحديث أنكره ابن عدي في الكامل (3\201).

ولكن للحديث طرقٌ أخرى لا بأس بها، كلها عن نافع. وقد استوعب النسائي هذه الطرق في سننه الكبرى (5\493) مرتبة منسقة مبتدئاً بالرواية الخطأ كعادته. وذكر هذا ابن السني مختصراً في المجتبى (8\209). قال الحافظ ابن رجب في "شرح علل الترمذي" عن سنن النسائي: «تجد النسائي إذا استوعب طرق الحديث، بدأ بما هو غلط، ثم يذكر بعد ذلك الصواب المخالف له». وخلاصة هذه الطرق هي:

1– أيوب ويحيى بن أبي كثير عن نافع عن أم سلمة.
3– حماد بن مسعدة عن حنظلة بن أبي سفيان قال سمعت نافعا يقول حدثتنا أم سلمة.
4– الوليد بن مسلم عن حنظلة بن أبي سفيان قال سمعت نافعا يحدث قال حدثني بعض نسوتنا عن أم سلمة.
5– أبو بكر بن نافع (رواه مالك في الموطأ 2\915 وليس النسائي) و أيوب بن موسى ومحمد بن إسحاق عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد (امرأة ابن عمر، أخت المختار) عن أم سلمة.
6 – عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة. قال النسائي: مرسل!
7– محمد بن عبد الرحمن بن غنج عن نافع عن أم سلمة. قال النسائي: مرسل.

وسماع نافع من أم سلمة ، الراجح أنه وهم، والصواب أنه لا يصح له سماعٌ منها. فبقيت روايتين: رواية نافع عن صفية عن أم سلمة، ورواية نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة. وكلتا الروايتين متصلتين، ولكن ظاهر فعل النسائي أن رجح الثانية، وجعلها مرسلة. وهذا عجيب إذ لا أعلم أين الانقطاع فيه. فالحديث إذاً فيه اضطرابٌ، ولكن رجاله ثقات، ونافع ثقة ثبت يجوز عليه تعدد الأسانيد. لكن يبقى في النفس شيء بسبب ترجيح النسائي، والله أعلم.

وأحسن إسنادٍ لهذا الحديث ما رواه مالك في الموطأ برواية يحيى (2\915): عن أبي بكر بن نافع عن أبيه نافع مولى بن عمر عن صفية بنت أبي عبيد أنها أخبرته عن أم سلمة زوج النبي  أنها قالت حين ذُكِر الإزار: «فالمرأة يا رسول الله؟». قال: «ترخيه شبراً». قالت أم سلمة: «إذاً ينكشف عنها!». قال: «فذراعاً لا تزيد عليه». وأخرجه أبو داود من طريق مالك بلفظه. وليس في الحديث ذِكر الرِّجْل، ولعله مرويٌّ بالمعنى، والله أعلم.

وأحسن منه ما رواه النسائي في المجتبى (8\209): عن محمد بن عبد الأعلى عن النضر بن سليمان قال حدثنا عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة قالت: «سئل رسول الله :  كم تجر المرأة من ذيلها؟ قال: شبراً. قالت: إذاً ينكشف عنها! قال: ذراع لا تزيد عليه». وهذا الحديث ليس فيه ذكر الصلاة .

وعلى هذا فالذي يظهر بعد هذا العرض أن هذه الزيادة  ضعيفة.
ثم على فرض صحته فإن هذا في عورة النظر لا في عورة الصلاة. وليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر ، لا طرداً ولا عكساً، وذلك أن النهي عن النظر والمس لعورة الرجل مع الرجل، والمرأة مع المراة، لما فيه من القبح والفحش، وأما الرجل مع المرأة فلأجل شهوة النكاح، وأما الصلاة فإن الأمر بستر العورة فيها لحق الله تعالى ، فإن المرأة لو صلت لوحدها لكانت مأمورة بالاختمار، وفِي غير الصلاة يجوز لها كشف رأسها في بيتها، وليس لأحد أن يصلي عرياناً مع قدرته على ستر عورته، ولو كان وحده. وتشرع تغطية العاتقين للرجل في الصلاة، لحق الصلاة ، ويجوز له كشف عاتقيه خارج الصلاة. وتختمر المرأة في الصلاة، وهي لا تختمر عند زوجها ولا عند محارمها. وبهذا يتبين غلط من ظن أن الذي يستر في الصلاة، هو الذي يستر في أعين الناظرين . وهو العورة، وأخذ الذي يستر في الصلاة من قوله تعالى( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) ، والآية ليست في عورة الصلاة وإنما في عورة النظر، بدليل( إلا لبعولتهن ...).

@هذا وقد ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى وجوب ستر القدمين ، دون الكفين، وفِي رواية عند الحنابلة : يجب ستر الكفين والقدمين للمرأة في الصلاة، وفيما تقدم بيان القول الراجح بأدلته، وهو يتضمن الرد على من خالف.

@ وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المرأة إذا انكشف منها شيء غيريسير من عورتها في الصلاة ، فإن الصلاة تبطل عندهم، فقالوا : ستر عورة الصلاة شرط لصحتها ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) وأقل أخذ الزينة : ستر العورة .
والجواب : أن الأمر بالشيء لا يقتضي الشرطية. اللهم إلا من قال : إن الأمر بالشيء هو عين النهي عندضده ، وهذا غير صحيح، بل هو لازم من لوازم الأمر بالشيء  وليس عينه، وقد بيناه في القواعد الفقهية والأصولية .

وذهب جمع من الفقهاء : أن ستر العورة  واجب وليس بشرط، وهو الأقرب، لأن الأمر بالشيء لا يقتضي الشرطية، وعليه من صلى وقد كشف شيئاً من عورته، صحت صلاته واستحق الإثم إن فعل ذلك بغير عذر، والله تعالى أعلم .

كتبه / أبو نجم /محمد بن سعد الهليل العصيمي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت