حكم تغسيل أحد الزوجين للآخر بعد وفاته:
نقل ابن المنذر وابن عبد البر: الإجماع على جواز غسل المرأة زوجها -إذا كانت في العدة، فلو وضعت بعد وفاته بلحظة، لم يجز لها تغسيله، لأنها ليست بزوجة له-.
* والقياس يقتضي العكس -جواز أن يغسل الرجل زوجته، بجامع الزوجية في كل منهما-.
وهو قول الجمهور، للأدلة الآتية:
١- القياس يقتضيه -كما سبق-.
٢- ما رواه أحمد وابن ماجة وابن حبان من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (لو مت قبلي فغسلتك) وفيه محمد بن إسحاق وقد صرح بالتحديث عند ابن هشام في السيرة.
وهو في مرتبة صدوق لا يقبل الحديث عند تفرده به، ولكنه لم يتفرد به، فقد روى النسائي في الكبرى وأحمد من طريق صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة بلفظ (فهيأتك ودفنتك) ويعل: أن أصل الحديث عن الزهري عند البخاري وليست فيه هذه اللفظة.
والجواب عليه: أن الحديث فيه ضعف كما سبق بيانه.
٣- ما رواه أبو داود بسند حسن عن عائشة: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه).
والجواب عنه: أن هذا اجتهاد منها رضي الله عنها، وقول الصحابي ليس بحجة - كما سبق بيانه في القواعد -. والإجماع السكوتي ليس بحجة على الأصح -وقد بيناه في القواعد-.
٤- ما ورد من آثار كثيرة بمجموعها تصح: أن نساء أبي بكر قمن بتغسيله بوصية منه.
والجواب عليه: كما سبق في الجواب عن الدليل الثالث.
* وذهب أبو حنيفة وأحمد في رواية: ليس للزوج غسل زوجته، لبطلان النكاح بينهما، لأن الموت فرقة تبيح له أختها، وأربعاً سواها، فيحرم النظر واللمس لها بعد موتها.
والجواب عنه: أن المرأة ما دامت في العدة فلها حكم الزوجات ما لم يكن الفراق بالبينونة الكبرى، كمن وضعت بعد وفاة زوجها وقبل غسله، فالموت بينونة صغرى حتى تنتهي العدة، وهذا ما فهمه الصحابة من الآثار السابقة.
وبناء على ما سبق يتضح جواز غسل الزوجين للآخر في زمن العدة التي لا تخرج بها الزوجة عن ذمة الزوج، ويؤيد ذلك القياس السابق، والآثار السابقة التي بمجموعها تفيد فهم الصحابة لذلك من غير ورود معارض، يستأنس به في الترجيح، وإذا صح الحديث فهو حجة في الاستدلال.
والله تعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق