حكم سجود المصلي على ظهر من هو أمامه في الزحام:
إذا كان سجود المصلي على ظهر غيره لا يفوت به الوقت، وإنما تفوت الجماعة، فالظاهر أنه لا يجزيء، وتجب عليه الإعادة إذا كان عالماً، أو جاهلاً علم في الوقت، لأنه لم يستطع أن يسجد على الأعضاء السبعة كاملة على الأرض من أجل الزحام، وفِي الحديث: (أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء: الجبهة وأشار إلى الأنف، والكفين والركبتين والقدمين) .
والمراد بالسجود على الأرض، فإذا لم يتمكن من الصلاة إلا على بعضها في الوقت يعذر خشية فوات الوقت، وأما إذا لم يخش فوات الوقت، فإنه ينتظر حتى يتمكن من ذلك، ولو فاتت الجماعة للعذر. وبه قال مالك وعطاء والزهري.
وفوات الجماعة من أجل التمكن من الركن، عذر يبيح ترك الجماعة، بل يباح ترك الجماعة لأخف من ذلك بكثير، كترك الجماعة لشهوة الأكل (لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافع الأخبثان).
أما إذا ترتب على ذلك فوات الفريضة، فإنه يأت بما استطاع من الأركان (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).
* وعلى من سجد على ظهر آخر، مما لا يترتب عليه فوات الصلاة، جاهلاً الإعادة في الوقت لا في خارج الوقت، كما في حديث المسيء في صلاته أمر بإعادة الصلاة التي في الوقت، ولم يؤمر بإعادة الصلاة التي في خارج الوقت.
-وقد بينا ذلك في قاعدة الجهل، والتفصيل فيها-. وأما من فعل ذلك ولم يعلم إلا بعد فوات الوقت، فلا إعادة عليه.
* - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) فغير الأرض ليست محلاً للسجود، إذا لم يستطع السجود عليها للعذر كالمرض، أومأ إماء.
وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم عاد مريضا فرآه يصلي على وسادة فأخذها فرمى بها فأخذ عوداً ليصلي عليه فأخذه فرمى به وقال: صل على الأرض إن استطعت وإلا فأوم إيماء واجعل سجودك أخفض من ركوعك. رواه البيهقي بسند قوي (4359)، وصححه الألباني في السلسة الصحيحة (323).
وقيل: إذا اشتد الزحام بحيث كان الشخص لا يستطيع أن يصل إلى موضع السجود فله أن يسجد على ظهر المصلي الذي يليه.
لقول عمر -رضي الله تعالى عنه-: فإذا اشتد الزحام فليسجد الرجل منكم على ظهر أخيه. رواه الإمام أحمد و صححه شعيب الأرناؤوط في تحقيق المسند.
قال ابن قدامة في المغني: ومتى قدر المزحوم على السجود على ظهر إنسان أو قدمه لزمه ذلك وأجزأه، وبهذا قال الثوري وأبو حنيفة والشافعي وأبو ثور وابن المنذر، وقال عطاء والزهري ومالك لا يفعل. انتهى.
والجواب: أن قول عمر رضي الله عنه، ليس بحجة، وعلى فرض ذلك فهو محمول على من خشي فوات الوقت.
والقياس يقتضي عدم الإجزاء، لمراعاة الركنية في الوقت. وذلك أن مراعاة وجود الركن أولى من فوات الجماعة.
والله أعلم.
كتبه/ محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق