قاعدة: الظرف لا بد أن يكون محيطاً بالمظروف.
حكم حل عقد الكفن عن الميت:
------
في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: (كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف -قطن-، ليس فيها قميص ولا عمامة).
(في ثلاثة) في للظرفية، وعليه: لا بد أن يكون الكفن شاملاً لجميع الميت.
فإذا لم يوجد كفن يشمل جميع الجسد، غطي أعلى البدن، ويوضع على أسفله ما يغطيه بأي شيء آخر من ورق شجر ونحوه.
لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغطوا رأس مصعب بن عُمير لما استشهد في أحد -وليس له إلا بردة-، وأن يجعلوا على رجليه شيئاً من الإذخر. وذلك أن المجاهد في سبيل الله تعالى يدفن في ثيابه.
والمحرم يكفن في ثياب إحرامه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي وقصته ناقته بعرفة: (كفنوه في ثوبيه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً).
فقد روى مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يبعث كل عبد على ما مات عليه).
وما عدا من سبق يستحب أن يكفن في ثلاثة أثواب بيض، والواجب هو ستر بدنه ولو بثوب واحد.
وكذا المرأة حكمها حكم الرجل في ذلك.
والقاعدة: ما ثبت للرجل ثبت للمرأة، وما ثبت للمرأة ثبت للرجل إلا ما دلّ الدليل على تخصيصه.
ولم يثبت تكفين المرأة في خمسة أثواب، فيكون حكمها حكم الرجل في الكفن.
* وعقد تلك الأثواب على الميت لئلا ينتشر عن بدن الميت وتنكشف عن بدنه، فإذا وضع في قبره، تحل تلك العقد، أو لا تحل، فالأمر فيها واسع، وقد جاء في الخبر (لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سريعاً) رواه أبو داود وفيه ضعف.
والله تعالى أعلم.
------
* قال علماء النحو:
المظروف هو ما يقع في الظرف. والذي يصلح أن يقع جواباً لـ «كم» ولا يصلح أن يكون جواباً لـ «متى» هو ما كان موقتاً غير معرف ولا مخصص بصفة، نحو: ثلاثة أيام، ويومين؛ ألا ترى أن ذلك يقع جواباً لكم، تقول: كم سرت؟ فتجاب: ثلاثة أيام، أو يومين، فهذا النوع يكون العمل في جميعه، إما تعميماً وإما تقسيطاً، فإذا قلت: سرت يومين أو ثلاثة أيام- فالسير واقع في اليومين أو في الثلاثة من الأول إلى الآخر، وقد يكون في كل واحد من اليومين أو الثلاثة وإن لم يعم من أول اليوم إلى آخره، وهو الذي عنى المصنف بقوله «أو تقسيطاً». ومثل التعميم بقولك: صمت ثلاثة أيام، والتقسيط بقولك: أذنت ثلاثة أيام، قال: «وقد يكون العمل صالحاً لهما، فيجوز أن يقصد المتكلم ما شاء منهما، كقولك: تهجدت ثلاثة ليال، فيجوز أن تريد الاستيعاب، ويجوز أن تريد إيقاع تهجد في بعض كل واحدة منهن» انتهى. وإذا قلت سرت يومين فلا يجوز أن تكون إنما سرت في أحدهما.
وهذا النوع من الظروف لا يكون العامل فيه إلا ما يتكرر ويتطاول، ولو قلت: مات زيد يومين أو ثلاثة أيام، وأنت تريد الموت الحقيقي- لم يجز ذلك.
وقال في البديع: «متى كان الظرف جواباً لـ «كم» كان العمل مستغرقاً له؛ لأنها سؤال عن عدد، فلا يقع جوابه إلا بجميع ما تضمنه سؤاله، وإن أجيب ببعضه لم يحصل غرضه، فإذا قال: كم صمت؟ قلت: يومين، مثلاً، فلا يكون صومك دونهما، ولا أكثر منهما، ويكون الجواب نكرة كهذا، ومعرفة كاليومين المعهودين».
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق